مذكرات فؤاد المبزع الرجل الذي حكم أخطر مرحلة عرفتها تونس: الثورة بين مخاوف التأسيس ونزوع الحكم..(2/ 7)

إعداد: نوفل سلامة
يواصل الرئيس فؤاد المبزع في سرد شهادته عن أسباب ودواعي مغادرة الرئيس الراحل بن علي تونس وعن عدم اقتناعه بالرواية الرائجة عن رحيله بتلك الطريقة التي تم الترويج لها بقوله: لقد تداخلت الأحداث وغابت المعلومة الصحيحة…وكان السؤال هل غادر برغبته أم أجبر على المغادرة؟
لكن الحقيقة الوحيدة أن الثالثة عصرا من يوم 14 جانفي 2011 غادر الرئيس زين العابدين بن علي تونس مع جزء من عائلته والجزء الآخر عبر البحر نحو الخارج، والبقية تم القبض عليها في المطار…مكالمة هاتفية من الأمن الرئاسي إلى فؤاد المبزع وكان حينها بمنزله تقول له أن قواتنا سوف تأتي لتأخذك لقد أصبحت الآن أنت الرئيس يقول: من هنا علمت أن الأمن الرئاسي على علم بأن الرئيس بن علي لن يعود، وعند دخوله إلى مقر الأمن الرئاسي بقصر قرطاج، وجد سامي سيك سالم في استقباله وبعد فترة التحق به محمد الغنوشي وعبد الله القلال رئيس مجلس المستشارين..
محمد الغنوشي أقنعه
تسلم الرئاسة يوم 15 جانفي 2011 بعد مفاهمة مع محمد الغنوشي الذي اقنعه بتسلم المهمة، ولكن المشكلة التي اعترضته كانت المطالب الشعبية التي تريد تشكيل حكومة من دون وزراء بورقيبة وبن علي يقول: لم يكن التوجه أن يمحى كل شيء وأن تكون البلاد مساسة بورقة بيضاء خوفا على تفكك الدولة في هذا الإطار يأتي تخلي أحمد فريعة عن وزارة الداخلية وهو الذي لم تدم مسؤوليته أكثر من 72 ساعة بعد أن أقنعه فؤاد المبزع بالتنحي نتيجة ما تعرض له من نقد كبير وهو الذي ” لا عملت يدو ولا ساقو’ …
ما إن أدى اليمين الدستورية حتى اتصل به مصطفى الفيلالي وطلب منه موعدا لمقابلته هو وأحمد بن صالح وأحمد المستيري، وكانوا حاملين لمبادرة للثورة تحت إسم مجلس حماية الثورة وحصل اللقاء وعرضت المبادرة فلم يمانع فؤاد المبزع لكن سرعان ما دب الخلاف حيث أراد أن تكون الرئاسة من نصيبه في حين رأى الثلاثة أن تكون رئاسة المجلس بالتناوب بين ثلاثتهم وانفض اللقاء…
إقالة رضا قريرة
يواصل القول: الصعوبة كانت في اقناع رضا قريرة بالاستقالة وكان وزيرا للدفاع وقد فهمت فيما بعد من خلال المكالمة المسربة التي جمعته مع بن علي سرّ تمسكه بالوزارة وفيها أن قريرة قد قال لـ بن علي بأن فؤاد المبزع قد طلب مني منذ يوم 15 جانفي التخلي عن وزارة الدفاع وبعد الحاح كبير طلب قريرة إمهاله أسبوعا واحدا للتنحي لكن الرئيس فؤاد المبزع لم يقبل وأقاله للتو..
وتشكلت الحكومة بعد مشاورات من كفاءات منفتحة على المعارضة التي ضيّق عليها بن علي في السابق.. تواصلت الاحتجاجات وتصاعدت عمليات الحرق لمراكز الأمن وكان التحدي في وضع خطة اتصالية من أجل تهدئة الأوضاع.
حول موضوع تأثير الخارج على مجريات الحكم وهل كان هناك من اتصل بعد الثورة أو من أراد أن ينصح أو يتدخل أو يؤثر؟ ينفي فؤاد المبزع أن تكون القرارات والإجراءات التي اتخذها بمعية محمد الغنوشي تحت تأثير دوائر الخارج أوبأمر منها وإنما كل القرارات كانت تونسية ونابعة من اكراهات المرحلة التي أدرتها أنا ومحمد الغنوشي من دون قبول بأي تدخل.
أمريكا داعمة للنهضة
ولكن في موضوع الإسلام السياسي وموقعة حركة النهضة في مسار الثورة يؤكد فؤاد المبزع مرارا وتكرارا بأن الولايات المتحدة كانت وراء حركة النهضة وداعمة لها بقوة وبأن قوى إقليمية ودولية كانت مساندة للحركة ومنتظرة حكم الإسلام السياسي.
في موضوع مشاركة الاتحاد في حكومة محمد الغنوشي الأولى كان موقفه رفض دخول أفراد من المنظمة الشغيلة إلى الحكومة واعتبر أن مكانهم الطبيعي هو السلطة المضادة على اعتبار أن النقابات عموما موقعها الطبيعي في السلطة المضادة، وهي كذلك في كل العالم وقد تراجع الاتحاد عن المشاركة بعد أن أعطى موافقته واختار وزراءه ومعه تراجع مصطفى بن جعفر وحزبه التكتل من أجل العمل والحريات.. وبعد أن حل مجلس النواب ومجلس المستشارين نفسيهما وأحيلت الصلاحيات إلى رئيس الدولة أصبح هذا الأخير يدير شؤون الدولة بالمراسيم.
حاولوا إفشالها
تحدث عن وجود رغبة منذ البداية في إفشال الثورة وجعلها تنتكس فكان منتبها إلى وجود فئة من المسؤولين ـ من دون ان يسميهم ـ أرادوا أن يخذلوا الثورة وناصبوها العداء ولعبوا دورا في تعطيل مسار الانتقال السياسي والديمقراطي مستغلين طبيعة الثورة التونسية كونها ثورة من دون قيادة…
صرح بأنه كان مدركا لحقيقة الأمور وما يدور في الخفاء وانزعج من موقف وزير الدفاع آنذاك رضا القريرة الذي رفض قرار ابعاده وتنحيته من على رأس وزارة الدفاع الوطني وهو الذي طلب إمهاله أسبوعين الطلب الذي رفضه فؤاد المبزع بعد أن شك في الأمر .. تحدث عن جو يخيم عليه التخطيط لجعل الثورة تنتكس، لقد اعتبر أن الثورة التي تقوم من دون قيادة واضحة لا بد أن تستهدف وأن يقع التفكير في الانقضاض عليها من كل الجهات التي لم تشارك فيها..
إشاعات وأخبار زائفة
وفي سياق إفشال الثورة فقد فتح قوسا مهما لتنشيط الذاكرة حول الأخبار الزائفة والمضللة التي رافقت الأحداث المتسارعة بطريقة مرتبة متناسقة ما جعل السؤال الذي تثيره هذه الشهادة في معرفة ماذا فعل الرئيس المؤقت لقطع الطريق أمام الثورة المضادة والتصدي لكل ما يُحاك للثورة و للأخبار الزائفة ؟
وللمقال صلة…
طالع أيضا: مذكرات فؤاد المبزع الرجل الذي حكم أخطر مرحلة عرفتها تونس: الثورة بين مخاوف التأسيس ونزوع الحكم..(1/ 7)