محمد الحبيب السلامي يحب أن يفهم/ علم عاش في صفاقس ثم ودع: عامر الفقي…

كتب: محمد الحبيب السلامي
هذا الرجل العامل ولد في العشرينات من القرن العشرين وتوفي في نهاية القرن…هذا الرجل بعد أن أخذ حظا من العلم والمعرفة مدّ يده للصناعة ومن الصناعات التي اختارها وتعلمها وبرع فيها واشتهر (نجارة الجبوس)…
أدوات فلاحية تقليدية
نجارة الجبوس عرفت في صفاقس وفتحت لها دكاكين في نهج الحدادين وبداية نهج الباي من جهة الحدادين كلمة (الجبوس) تعني (أعواد الزيتون التي يحسن الاستغناء عنها من شجرة الزيتون بطريقة (الزبيرة) ويمكن استغلالها والاستفادة منها في الأدوات الفلاحية والأدوات الفلاحية المشهورة..
والصورة المصاحبة تدل عليها هي (يد المسحة يد البالة يد المشط الفركة وهذه مشط كله من عود الزيتون يقلب به الفلاح حصاده عند الدرس ويقلب به التبن وغيرها، كما كان النجار يصنع لدرس حصاد القمح آلة خاصة ولدرس حصاد الشعير آلة خاصة تسمى (كريطة الدراس)…
كان صاحبنا نجار الجبوس يجلس متربعا وفي دكانه كأمثاله على حشية صغيرة خاصة وحوله أعواد الزيتون المختلفة في طولها وسمكها، ويأخذ منها ما يصلح لصنع ما عزم على صنعه وآلته في الصناعة قدوم ومنشار خاص…
صناعة ‘الزربوط’
كنّا في الصغر نقف أمام دكانه أو أمام دكاكين أمثاله ونطلب منه أن يصنع لنا (زربوط) صغيرا أو كبيرا فيأخذ قطعة صغيرة من خشب الزيتون ويضعها ويشدّها بين فكي آلة خاصة أمامه، ثم يديرها فتدور قطعة الخشب بسرعة.. وهي مشدودة ثم يسلط عليها ما يشبه السكين الخاصة فيعطيها شكل (الزربوط) ثم يدهنها بألوان ثم يحرّكها بما يشبه السكين..
ثمّ يحفرها بهذه السكين كالنحات فيظهر (الزربوط) بشكله وألوانه ثم يغرس فيه مسمارا خاصا عليه يدور في فترة كان نجار الجبوس يصنع لنا (زربوط السوط) يدور في ساحة كلما ضربناه بالسوط..
ولأنه تسبب في أضرار فقد تقرر منعه هذه الصناعة كانت رائجة وإنتاجها يروج ويصدر ولكن المصانع اعتدت عليها وأغلقت أغلب الدكاكين…
وتوفي النجار الفاضل عامر الفقي الذي يظهر في الصورة وبجانبه أخوه فودعه أهله وأحبابه وودعته صفاقس بالرحمة وحسن الذكر فبماذا سيذكره الأصدقاء لنزداد به معرفة وفهما وأنا أحب أن أفهم؟