محمد الحبيب السلامي يحب أن يفهم/ علم عاش في صفاقس ثم ودع: الشاعر الشعبي أحمد ملاك

كتب: محمد الحبيب السلامي
هذا الرجل، هذا الشاعر تحدث عنه الآباء والأجداد وإلى اليوم يذكره الأولاد والأحفاد، هذا الرجل الشاعر اتفق الجميع على أنه ولد سنة 1802…
هذا الرجل الشاعر اختلفوا في مسقط رأسه وموطن ولادته فمنهم من يقول ولد بالخريبة التي بدّل بورقيبة اسمها وسماها (العامرة)، ومن الرواة من يقول إنه ولد بمدينة صفاقس…
رواية ملاك..
هذا الرجل الشاعر اختلفوا في لقبه فمنهم من يقول لقبه الأصلي (ملاك) وهو من عائلة ملاك ومنهم من يقول له لقب آخر لكنه تنُوسي واستبدل بلقب ملاك بسبب حادث حدث ترويه هذه الرواية…
في عهد ملاك امتلأت مدينة صفاقس بسكانها وفاضت فقررت السلطة ألا يبقى فيها من أصحاب الدكاكين إلا من كان يملك دكانا، وكان أحمد ملاك في المدينة نساجا في دكان استأجره فلا يملكه فاشترى دكانا، وقال في ذلك وأعلن عن ذلك ببيتين من شعره أثبت فيهما (أنه ملاك) فاشتهرت كلمة (ملاك ) وصار يدعى (أحمد ملاك)…
وصل إلى مجالس البايات
هذا الشاعر وصل بشعره إلى قصور البايات فكان يدعى لمجالسهم في عهد أحمد باي وعهد محمد الصادق باي، يروى أن الشاعر أحمد ملاك كان في عهده يؤدي دور الصحفي والصحافة قبل ظهور الصحافة…
ولذلك نجد في شعره الاجتماعيات والدفاع عن حقوق الشعب نقدا للسلطةً، من ذلكً أنه انتقد الوزير صاحب الطابع لما أمر بضريبة توظف على كل ما يدخل السوق…
فقال ملاكً ما يُشبه قول بيرم التونسي في المجلس البلدي ولعل بيرم قلد الشاعر ملاك لما روى شعر ملاك مدة إقامته بتونس قال ملاك صاحب الطابع دار بحوانيت جا متعني يكتب الزيتون جا للفندق شاد فيه زريبة سوق محكم كل شيء فيه ممكون جميع البايع توقع تحاسيبة وكل باب تلقى فيه عشرة عيون وآخر حاجةً حشيشة وحطيبة نطرو الفلوس من عند بو كدرون…
حكاية الولد الذكر
ويروى أن الشاعر كان يتدخل في بعض القضايا الشرعية ويفتي ومن ذلكً يروى أن رجلا صفاقسيا تزوج أربعا بحثا عن ولد ذكر، فلما حملت الرابعة نذر زوجها بذبح كبش أليته سبعة أشبار، ويتصدق به إن أنجبت ذكرا أما إذا أنجبت بنتا فهو يطلق كل زوجاته وولدت الزوجة وأنجبت ولدا ذكرا…وخرج والده يبحث عن كبش أليته سبعة أشبار عرض أمره على المفتين في دار الشرع فلم يجدوا له فتوى، بلغت القضية أحمد ملاك فركب فرسه ودخل به على رجال الشرع وقال لاش تقطعوا بغيرمزي ولاش تحكمو بغير شورة؟ شبر المولود يزييا عاميين البصيرة…
ويروى أن الوالد اشترى كبشا أليته سبعة أشبار بكيل شبر المولود ويروى أن رجال الشرع أحسوا بإهانتهم من طرف أحمد ملاك فاشتكوا به إلى الباي والباي دعاه فسجنه ويروى أنه لم يطلق سراحه من السجن إلا بعد أن ألف قصيدته المشهورة (بأليف الأدب) مؤلفة من أخماس كل خمسة أبيات تبدأ بحرف من حروف الهجاء..وبهذه القصيدة أطلق الباي سراحه هذا الرجل الشاعر الشعبي…
ودع الدنيا
لما جاء أجله سنة 1884 ودع الدنيا وودعته أسرته وصفاقس بالرحمة وحسن الذكر وقدر العارفون المختصون بدراسة الشعر الشعبي شعره ومنهم الأديب الباحث محمد المرزوقي فقد ألف فيه كتابا وأكرمته تونس الثقافية المستقلة فوضعوا اسمه على بعض الشوارع. ورفعوا اسمه على بعض المدارس وأتوجه اليوم بسطوري نحو الأصدقاء لأسأل بماذا سيذكرونه لنزداد به معرفة وفهما وأنا أحب أن أفهم؟