محمد الحبيب السلامي يحب أن يفهم/ علم عاش في صفاقس ثم ودع: عبد القادر ابن الحاج عامر الخبو

كتب: محمد الحبيب السلامي

(الخبو) لقب عائلات معروفة مشهورة بصفاقس، واللقب في اللغة العربية مادل على مدح أو ذم على هذا الميزان اللغوي وضعت (لقب الخبو) هو اسم من خبا ويُقال خبت النار هدأت وسكنت وخبا فلان خبوا سكن بعد فورة غضب…

أنا أعرف ثلاثة من عائلة (الخبو) كانوا يطلبون العلم بجامع الزيتونة وكانوا يسكنون في وكالة (الخلة) قرب سوق اللفة، وعرفت أن لقبهم يصدُق فيهم محمد نجح في دراسته وتولى الكتابة العامة بولاية قفصة، في يوم جاءني لإذاعة صفاقس مواطن فقير ضعيف من قفصة يشكو ويدعي أن المسؤولين استولوا على أرضه بدون رضاه ودون مقابل، ولأنني أقدم عبر إذاعة صفاقس برنامج (دبر عليّ) فقد استمعت إليه وتبين لي أنه مظلوم وجهت رسالة إلى ولاية قفصة راجيا إنصافه…
وصلني الرد من الكاتب العام محمد الخبو وغضبه فيها ظاهر ينكر عليّ التدخل في قضية لا أفهمها رددت عليه برسالة مدّعمة بأدلة تثبت أنني فهمت القضية فهما قانونيا، وأن المشكلة يقع حلها بالعدل والحوار مع المدعي صاحب الحق…
تفهّم الكاتب العام رسالتي فسكن وخبا غضبه ووعدني بإنصاف المظلوم وأوفى بما وعد…

عبد اللطيف الخبو

ذاك محمد الخبو وهذا عبد اللطيف الخبو تحصل على شهادة الأهلية والتحصيل وشهادة العالمية، وطالب بغضب بحقوق حاملي شهادة العالمية ًكمدرسين في التعليم الزيتوني، ولما انتدبت وزارة العدل عددا من العالميين المناضلين ولم يكن واحدا منهم غضب مدة ثم خبا غضبه وسكن ورضي بخطة إدارية في مركز ولاية صفاقس، وثالث الثلاثة (عبد القادر) ولد بصفاقس في ستة عشر من شهر أفريل 1926 من أب هو الحاج عامر وجهه أبوه للمدرسة فتعلم، ومن المدرسة انضم إلى التعليم الزيتوني تحصل من فرع صفاقس على شهادة الأهلية ومن جامع الزيتونة على شهادة التحصيل…
هذه الشهادة تؤهله ليكون معلما ولكن في أي مدرسة وسلطة الحماية الفرنسية لا تشجع على فتح المدارس؟ هنا وجد عبد القادر الميدان الذي عليه أن يُكافح ويناضل ويجاهد فيه هو ميدان التعليم هو فتح مدرسة قرآنية في جهته منطقة مركز معلى تحتاج إلى مدرسة اتفق مع المناضل محمد بكور ومواطن من عائلة معلى وبمالهم بنوا مدرسة قرآنية سموها (العمل) يديرها محمد بكور وعبد القادر يكون فيها معلما وفيها بقي ثلاث عشرة سنة معلما يحارب الجهل وينشر العلم والمعرفة…

عبد القادر المعتمد

لما تولى بورقيبة رئاسة الجمهورية بدأ يبني الدولة على نظام عصري حضاري فأخذ يقسم تونس إلى أقسام ترابية وكل قسم يسميه ولاية على رأسها وال والولاية يقسمها معتمديات والمعتمدية على رأسها معتمد فمن أين وكيف يختار المعتمد؟ بحث فوجد عددا من الطلبة الزيتونيين المتحصلين على شهادات علمية فيهم من كانوا حزبيين وطنيين مناضلين شاركوا في معارك النضال والجهاد فانتدب من بعضهم معتمدين، وليكون للمعتمد هيبة فقد خصه بسيارة وسائق سيارة وإدارة وجعل حوله عمدا في أقسام ترابية محدودة..

تجربة عبد القادر

انتدب عبد القادر الخبو المتعلم المناضل معتمدا في ولايات متعددة منها معتمد بالكاف وبعد سنوات وبدون اختياره نقل ليعين معتمدا بجندوبة وبعد سنوات وبدون اختياره يجد نفسه معتمدا في الجمّ، ولأن الوالي هو الرئيس المباشر للمعتمد فقد وجد عبد القادر نفسه مع وال يحترمه و يستشيره ويتعاون معه ويشجعه على حل مشاكل المنطقة والنهوض بها..
كما وجد عبد القادر الوالي الذي يحتقر المعتمد ويستأسد عليه ويتنمر ولا يشجعه على بعث الجديد وعبد القادر يحمد الله، وهو يذكر كل زيارة أداها بورقيبة إلى ولاية وزار فيها معتمدية كان فيها معتمدا كما يذكر أن بورقيبة اعترف له بنضاله في حرب الجلاء ووسّمه ولأن عبد القادر الخبو صاحب كرامة وعزة نفس فقد غضب لكرامته من وال ورفض الإهانة فقدم استقالته، وقد أكد لي معتمد صديق مستقيل ما قاله عبد القادر وصفاقس لا تنسى أن المناضل المربي محمد الجمل غضب لكرامته ورفض إهانة الوالي فتوجه نحو مكتبه ليرتاح فأدركه الموت وهو على مكتبه رحمه الله..
ترك عبد القادر الخبو كرسي المعتمدية وتوجه إلى الحياة الاجتماعية يواصل فيها النضال كان مساعدا لرجل المجتمع والثقافة المرحوم مصطفى الجد في إدارة جمعية رابطة الأجيال ثم تولى رئاسة جمعية الدفاع عن حقوق المتقاعدين، وفي مكتبه كان يفتح صدره لكل مشكلة ويغضب من كل مظلمة ولا يخبو غضبه إلا إذا أخذ المظلوم حقه…
عاش عبد القادر الخبو مع زوجته سعاد الزريبي على الحلو والمر وأنجبا ذرية طيبة (رؤوف دكتور وإلهام وعدنان الذي توفي في حادث مرور وقد برزت ابنته آمال في مجتمع الثقافة في يومنا هذا…
آمال التي أحبت القلم والمطالعة فكانت شاعرة مؤلفة لها في النوادي والمنتديات قول وكلمة كما أحبت الرسم وفي اليوم الرابع عشر من شهر نوفمبر 2014 حان أجل عبد القادر الخبو فودع الدنيا وودعته أسرته وودعته صفاقس بالرحمة وحسن الذكر فبماذا سيذكره الأصدقاء لنزداد به معرفة وفهما وأنا أحب أن أفهم؟