صالون الصريح

محمد الحبيب السلامي يحب أن يفهم/ علم عاش في صفاقس ثم ودع: علي عبد الكافي

sallami
كتب: محمد الحبيب السلامي

هذا الرجل هذا المواطن في حياته صورة من صور الخلافات والانقسامات التي تتسبب فيها لعنة السياسة بتونس، هذا الرجل يولد سنة 1904من أب هو الحاج أبو بكر عبد الكافي الذي حارب وجاهد مع المجاهدين الذين رفضوا ووقفوا ضد معاهدة الحماية الفرنسية…

هذا الرجل مات أبوه وهو صغير فنشأ يتيما ووجد نفسه مع إخوته اليتامى كفله وكفلهم الرجل الفاضل حسونة اللوز وساعده وشجعه على التعلم، فأتقن اللغتين العربية والفرنسية والموسيقى..
هذا الرجل زوّجه كافله حسونة اللوز ابنته وهو على عتبة العشرين فوجد نفسه صهرا للشيخ محمود كريشان الذي كان متزوجا ببنت حسونة اللوز ووجد الهادي شاكر متزوجا أخت الشيخ محمود كريشان…

في قلب السياسة

هذه القرابة ماذا أثمرت وكونت؟…التاريخ وكتب التاريخ تقول بعد أن حضر الهادي شاكر في 2 مارس 1934 مؤتمر قصر هلال الذي بعث منه بورقيبة الحزب الحر الدستوري التونسي الجديد، عاد الهادي شاكر إلى صفاقس وكوّن أول شعبة دستوريةً للحزب بصفاقس…
فكان الرئيس الهادي شاكر والكاتب العام محمد الميلادي وأمين المال علي عبد الكافي والعضو محمود كريشان ومن هنا صار علي عبد الكافي في نظر الدستوريين رجلا وطنيا وفي كل اجتماع حزبي حاضرا وفي كل قضية مستشارا..

الاستعمار يطارده

هذا علي عبد الكافي تتهمه سلطة الحماية وتطارده كما تطارد غيره من المناضلين فهي توقفه للبحث كلما خرجت مظاهرة أو وقع إضراب، وهي تزج به في السجن كلما تحول النضال من طرف المناضلين إلى تخريب وتفجير قنابل موقوتة وهو يحضر الاجتماعات التي يقودهابورقيبة أو صالح بن يوسف في صفاقس وهو لا يبخل على الحزب بدعمه..

وقد جمع ثروة من تجارته في دكانه بسوق الفرياني وبتجارته دعّم الهادي شاكر في تجارته وفي هذا الدكان كان الزعيم الشهيد الهادي شاكر يعقد بعض الاجتماعات…
هذا علي عبد الكافي يكون من المستقبلين لبورقيبة في عودته من الشرق ويكون من الموجهين في ثورة 1952 هذا علي عبد الكافي كان مع صالح بن يوسف لما خالف بورقيبة ورفض قبول الاستقلال الداخلي ودعوة المقاومين للنزول من الجبال وظهر الانقسام في الحزب بين قيادتين..
وأسس بن يوسف حزب الأمانة العامة والانقسام أضر بتونس هذا علي عبد الكافي يؤسس شعبة تابعة للأمانة العامة ويتحول الانقسام إلى معارك عبر الشوارع وإلى تهديد بالقتل وإلى اتهام كل من ساند الأمانة العامة بالخيانة، ولولا لطف الله لكانت الفتنة الكبرى…

خلافات وانقسامات

هذا علي عبد الكافي الذي ساند بورقيبة لما انقسم وخرج على حزب الشيخ الثعالبي هذا علي عبد الكافي تنصب عليه عقوبات وهو في تجارته بصفاقس وفي أملاكه في توزر ويعامل معاملة الخائن…
هذا علي عبد الكافي الذي أخرج ومن معه بالتهديد من داره التي كانت فيما مضى المحكمة الشرعية يعترف له بورقيبة بنضاله ويدعوه للعودة لحضيرة الحزب فيرفض، ولكن الشيخ محمود كريشان قبل الدعوة والعودة…
ويبقى صالح بن يوسف واسمه ومن أيده متهما ومنبوذا حتى تتدخل السياسة وينقلب بن علي على بورقيبة فيعود اسم وصورةً وتاريخ صالح بن يوسف وأنصاره إلى واجهة التكريم والوطنية وترفع عنهم لعنة الخيانة…

ودع الدنيا

في 23 فيفري 1959 حان أجل علي عبد الكافي فودع الدنيا وقد ترك أسرة تعتز به وبنضاله، وإن لحق به بعضها توفي وودعه أهله وودعه من صفاقس من كانوا يرونه مناضلا ووطنيا لا خائنا وبقي ذكره في بعض كتب التاريخ وفي مذكرات أفادنا بها ابنه المنجي بارك الله فيه ورحم الله والديه…
فقد رأيت في حياته درسا وفيه عبرة لذلك قدمته فبماذا سيذكره الأصدقاء لنزداد به معرفة وفهما وأنا أحب أن أفهم؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى