محمد الحبيب السلامي يحب أن يفهم/ علم عاش في صفاقس ثم ودع: محمد بن حمودة شقرون

كتب: محمد الحبيب السلامي
هذا العلم ولد بصفاقس سنة 1886، وفي الزاوية تعلم القراءة والكتابة وحفظ القرآن ثم خرج يبحث عن شغل فوجد…وجد في شارع الصباغين رجالا يقضون طول نهارهم جالسين على كراسي بسيطة مقاعدها من حبال الحلفة يسمونهم في صفاقس (ملاخة)… وفي الدول العربية وقصص الأطفال يسمونهم (الإسكافيون)…
الإسكافي
وأول قصة في كتاب من قصص الأطفال طالعتها عنوانها (الإسكافي) وكلمة ‘ملاخ’ التونسية تعني (من يصلح الأحذية ) وكلمة (إسكافي ) تدل على من يصنع الأحذية أو يصلحها وهذه المهنة قديمة معروفة في حضارات شعوب العالم، ومازالت باقية مادام الإنسان ينتعل حذاء ولم تكن تُغني لكن لما تطورت صارت تغني أصحابها…
نعود إلى العلم (محمد بن حمودة شقرون) فنجده قد خرج من الزاوية وبحث عن عمل يكسب منه فوجده في شارع الصباغين بجانب الملاخين، ومنذ سنوات وجدت في الملاخين ملاخا كفيفا فجلست بجانبه وأعطيته حذائي يصلحه وأنا أراقبه كان عارفا بأسرار صنعته عارفا بمكان كل أدواته، ولذلك حييته وشجعته…
تعلّم أسرار المهنة
تعلم صاحبنا محمد بن حمودة شقرون أسرار الصنعةً من ملاخ ثم اتخذ لنفسه مكانا وضع فيه كرسيا كـ كراسي الملاخين وجاء بصندوق يضع فيه الكلاب والمطرقة والشفرة والمسامير وقطعا من الجلد، وبدأ يعمل ليكسب بعرقه ما به يتزوج ولما تزوج أنجب من زوجته ذرية صالحة منها (ابنه الأستاذ المربي المختار شقرون الذي تمكن من اللغتين العربية والفرنسية فترجم إلى اللغة الفرنسية أكثر من أربعة آلاف حديث من صحيح البخاري طُبعت ونُشرت في فرنسا وبين الشعوب الناطقين باللغة الفرنسية)..
ودع الدنيا
واسم المختار شقرون ابن الملاخ الصفاقسي يذكر هذا العلم كان في بيته وفي وقت فراغه يقرأ القرآن ويطالع الصحف وسار ابنه الأستاذ المربي المختار شقرون مسار والده فهو يطالع وكان صاحب مكتبةً، ولقد رأيته يركب (الكاليس) في ذهابه وإيابه والمصحف بين يديه وهو يقرأ القرآن هذا العلم امتد به العمر فلما جاء أجله سنة 1970 ودع الدنيا فودعته أسرته وودعته صفاقس بالرحمة وحسن الذكر فبماذا سيذكره الأصدقاء لنزداد به معرفة وفهما وأنا أحب أن أفهم؟