صالون الصريح

محمد الحبيب السلامي يحب أن يفهم/ علم عاش في صفاقس ثم ودع: علي بن الطاهر الشرفي

sallami
كتب: محمد الحبيب السلامي

ولد علمنا بصفاقس في الرابع والعشرين من أكتوبر سنة 1928، وبعد أن ولدته أمه وولدت أخته (آسية) وأخاه محمدا توفيت فتزوج أبوه زوجة أخرى… هنا مدت جدتهما للأم يدها فأخذت أولاد ابنتها واحتضنتهم وربتهم تربية طيبة…

جمع بين اللسانين

صاحبنا علي الشرفي طوى التعليم الابتدائي بنجاح فجمع بين اللسانين العربي والفرنسي، ولحق بالتعليم الثانوي فأخذ منه ما نفعه، صاحبنا العلم علي الشرفي بعد الحرب العالمية الثانية بلغ سن الرشد بحث عن موطن عمل فوجد من أهل أمه من يوجّهه إلى مهنة (الكاتب العمومي) بواسطة الراقنة..

الآلة الراقنة

هنا أفتح قوسين لأتحدث مع التاريخ فأجده يذكر أن أول من اخترع الراقنة الإنجليزي هنري ميل سنةً 1714 وكانت حروفها لاتينية، وأول من أدخل على الراقنة الحروف العربية سنة 1914 هما اللبنانيان اللذان عاشا في مصر (فيليب وسليم حداد)، لما دخلت الحروف العربية على الراقنة أخذت تنتشر في العالم العربي ودخلت تونس ودخلت صفاقس…

وقد كان الناس يكتبون رسائلهم ومطالبهم الإدارية بالقلم والحبر، وكم في المطالب والرسائل من أخطاء وخطوط لا تُفهم وعقودهم يكتبها عدول الإشهاد بقلم القصب والحبر الصيني ولا يُحسن قراءتها وفك رموزها إلا أهل الخبرة..

تعلّم وانتصب

دخلت الراقنة صفاقس عبر الإدارات التي يديرها فرنسيون فهي راقنة باللسان الفرنسي…
صاحبنا علي الشرفي أعجبته الفكرة ففكر في تعلّم الكتابة على الآلة الراقنة، بحث فوجد من يعلمه فتعلم، ولكن لينتصب كاتبا عموميا يحتاج إلى رخصة والرخصة يتحصل عليها إذا وفّر ملفا قانونيا وصاحبنا وفر كل هذا…
وصاحبنا العلم علي بن الطاهر الشرفي انتصب بعد الحرب العالمية الثانية أول كاتب عمومي بصفاقس في دكان والده بنهج العدول، وبقي فيه إلى أن فرضت عليه ظروف التقاعد وقد اشتهر بين الناس بكفاءته وأخلاقه ومعرفته الكاملة بالقوانين الإدارية وقوانين العقود، لذلك كان يوجّه حريفه وصاحب كل مطلب أو عقد توجيها صحيحا، وهو باللسانين يكتب وهو عن كل ما يكتبه يأخذ من صاحبه أجره لكنه كان يكتب للفقير وللجمعيات الثقافية والاجتماعية ولا يتقاضى عن ذلك غير دعوات الرحمة على والديه…
وبالراقنة صارت المطالب والرسائل مفهومة ولذلك اتخذ عدول الإشهاد اليوم كاتبات راقنات…

عائلة علي الشرفي

تزوج برعاية أخته آسية وزوجة والده (السيدة الفاضلة آسية بنت الوجيه أحمد السلامي) فأنجبا ثلاث بنات هن سلوى سامية وفاطمة وتعلمن، كما أنجبا ابناً واحدا هو محمد الطاهر الشرفي الذي تعلم وفاز بالدكتوراه في الطب…

ودع الدنيا

لما حان أجل العلم علي الشرفي في التاسع عشر من ماي سنة 1991 ودع دنياه وودعته أسرته وودعته صفاقس بالرحمة وحسن الذكر فبماذا سيذكره الأصدقاء لنزداد به معرفة وفهما وأنا أحب أن أفهم؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى