محمد الحبيب السلامي يحب أن يفهم/ أعلام عاشوا في صفاقس ثم ودعوا: الحاج محمد بن الطيب كمون

كتب: محمد الحبيب السلامي
من جلس على كراسي المسؤولية في قصر بلدية صفاقس أو كان عاملا من عمّال البلدية من لا يعرف أو لا يذكر الرجل الطيب الحاج محمد بن الطيب كمون؟
في البلدية
من في منطقة بلدية صفاقس من لا يذكر الحاج محمد بن الطيب كمون؟ …من طلب مقابلة نائب رئيس بلدية صفاقس الحاج محمد بن الطيب كمون ولم يقابله ؟…هذا الرجل الطيب بن الطيب قضى سنوات عديدة، نائبا لرئيس بلدية صفاقس المناضل الصيدلي الصادق القرمازي الذي وثق فيه وفي أمانته وكفاءته فأعطاه تفويضه…
يكره السياسة
هذا الرجل لم يصل إلى البلدية ولم ينتخب لانتمائه السياسي فهو لم ينخرط في السياسة، وهو يتجنبها وينصح بتجنبها…لقيني يوما فأخبرني أن والي صفاقس بلغه البارحة أنك تحدثت في اجتماع عن الديمقراطية، ولمزته في حديثك، فقرر معاقبتك بنقلك حالا إلى مدرسة ريفية…
ولولا تدخل سالم بن حجل الكاتب العام للجنة التنسيق الحزبي ودفاعه عنك لكنت اليوم مُبعدا عن صفاقس…ثم قال لي الحاج محمد كمون، أنصحك بالابتعاد عن السياسة فنحن لسنا لها…شكرته، وما زلت أذكره بالخير….
الصدق والأخلاق العالية
لذلك أقول…أنه وصل للبلدية وبقي فيها سنوات بصدقه وحسن أخلاقه وبعده عن خصومات السياسة، ولـ حرصه وتوقه للنظام فقد تدخل بنفسه وخطط وحقق النظام في محطة باب الجبلي للحافلات …
هذا الحاج محمد، ولد بصفاقس سنة 1913 وتعلم في مدرسة قرآنية، ومدرسة إيطالية، ثمّ علم نفسه بنفسه، فقد كان مغرما بمطالعة الكتب بلغتها العربية أو بلغتها الفرنسية، وكان حريصا على مصادقة ومجالسة المثقفين….
ولذلك كان رجلا اجتماعيا…هذا الحاج محمد ولد في عائلة تملك الزياتين، لذلك اهتم بالفلاحة، وشارك بماله في شركات…شارك في شركة تُربي البقر…شارك في شركة تتاجر في تصدير الحلفاء وقد مرت في صفاقس فترةً كانت الحلفاء فيها مطلوبة والتجارة فيها رابحة، فهي تصدر للدول الصناعيةً ليحولوها إلى نسيج وخيوط صوفيةً منها صنعت الشاشية، كما شارك الحاج في شركة للصيد البحري….
استقر بالعاصمة
هذا الحاج محمد سافر إلى تونس العاصمة، واستقر فيها سنوات، وفيها كانت له صداقات، وكانت له معارف، شرّفهم وشرّفوه…هذا الحاج محمد في سنة 1935 تزوج المرأة الفاضلة سنية بنت التاجر الفاضل محمود كمون المقيم بسوسةً، وهو من أقارب عائلة الحاج محمد …وهذا الزواج باركه الله فأنجب الزوجان من الذكور: الطيب، وأنور، ومالك…
والطيب تتلمذت معه في المدرسة التهذيبيةً (مكتب كمون ) …كما أنجب الزوجان من البنات، عفاف، وراضية وزينب، وسامية، وسميرة، وقد عجل الموت فخطف من الزهرات زهرتين، هما راضية وعفاف…
والتقيت بسامية وأنا معلم وهي تلميذة بالمدرسة الابتدائية أبي القاسم الشابي ومديرتها السيدة القديرة المرحومة عائشة بالي (عرفت باسم مدام عيادي)، ولأن الحاج محمد كان متفتحا على عصره، أنيقا في لباسه التقليدي، ولباسه الإفرنجي، فقد شجّع أولاده الذكور والإناث على التعلم فنجحوا علما ونجحوا مسؤولية…وشجعهم على السفر، والسياحة، والسياحة مدرسةً…
ودع الدنيا
هذا الحاج محمد بن الطيب كمون كان في السخاء والكرم والصدقات مثل أبيه وإخوته …الحاج الطاهر والصادق، وعبد السلام وعبد العزيز…كان يتبرع للجمعيات، ولـ بناء المساجد وهو له الفضل في التعجيل ببناء جامع اللخمي…ولما حان أجله سنة 2013…ودع الدنيا الفانية إلى الدار الباقية، وودعته زوجته وأولاده وأحبابه وودعته صفاقس بالرحمة وحسن الذكر…فبماذا سيذكره الأصدقاء لنزداد به معرفة وفهما، وأنا أحب أن أفهم ؟؟