صالون الصريح

محمد الحبيب السلامي يحب أن يفهم/ أعلام من صفاقس (137): عائلة النيفر بصفاقس والشيخ البشير النيفر 1888 ـ 1974

Mohamed Habib Sallami ce

كتب: محمد الحبيب السلامي

يرى المؤرخ عبد الواحد المكني أن عائلة النيفر موريسكيةً، انحدرت في عهد الدولة الحفصية من الأندلس، واستقرت في صفاقس…ويظهر أنها اشتغلت بالتجارة والفلاحة…وممّا يدل على أنها اشتغلت بالفلاحة أنها ملكت بعض الزياتين وقد رأيت بعض أحفاد هذه العائلة يزورون صفاقس في موسم الزيتون لبيع الإنتاج…

من صفاقس نزح بعضهم إلى تونس العاصمة وبقي البعض في صفاقس…والذين دخلوا العاصمة واستقروا فيها توجه عدد كثير منهم إلى جامع الزيتونةً…تعلموا، وتحصلوا على شهادات أهلّت عددا منهم للتدريس بجامع الزيتونة والإفتاء والقضاء..

العالم والزعيم

وبذلك اشتهرت هذه العائلة وكان منها الشيوخ محمد الصادق النيفر ومحمد الشاذلي، ومحمد الصالح ومحمد البشير الذي كتب مسيرته العلمية والعملية في مذكرات مفيدة جمعها حفيده الدكتور احميدة النيفر، ونشرها في كتاب طريف مفيد سماه (العالم والزعيم) لما فيها من مراسلات صريحة بين الشيخ البشير النيفر والزعيم الحبيب بورقيبة…

مدرسا متطوعا

تلقى الشيخ في صغره القرآن في البيت عن جدّه، ثم في الكتاتيب ثم دخل جامع الزيتونة وتلقى العلوم عن كبار المدرسين، وبعد سنوات طواها متعلما تحصل على شهادة التطويع التي أهلّته ليكون مدرسا متطوعا، ثم شارك في مناظرات فنجح وارتقى في طبقات المدرسيــن فدرس في جامع الزيتونة، وكنت من تلاميذه في الدروس وامتحان شهادة التحصيل ودروس وامتحان شهادة العالمية…كما كان مدرسا في معاهد ثانوية…ولعلمه عُيّن مرارا مفتيا وقاضيا…

رفض منصب مُفتي

وفي عهد الاستقلال لما أقال بورقيبة مفتي الجمهورية الشيخ محمد العزيز جعيّط لأنه رفض دعوة بورقيبة للإفطار، عُرضت على الشيخ البشير خلافته فرفض مصرّا على تأييد موقف الشيخ جعيط…كان صريحا في عرض مواقفه في عهد الباي…لما كان من المسؤولين عن مناظرة لقبول أربعين مدرسا جاءهم مبعوث من زوجة الباي يطلب منها قبول فلان، رفض طلبها وفي عهد بورقيبة، راسل وخالف..

فقد راسل ودافع عن الأوقاف، فنبه في عهد البايات لما فيها من تجاوزات ورفض في عهد بورقيبة حلها…كما دافع عن مقابر المسلمين والمساجد وأنكر اعتداء السلط عليها، ولما علم أن محمد الأمين باي يريد مدّ يده لبيت المال صارح بعدم جواز ذلك شرعا…

خطب بورقيبة خطابا ذكر فيه أن حكومته لائكية فذهب للباي وحذره من ذلك أفتى بعدم جواز التسوية في الإرث بين الذكر والأنثى، كما أفتى بتكفير المتجنس…

قبل الإمامة

كما أنكر في عهد بورقيبة إنهاء التعليم الزيتوني وتوحيد المحاكم…وفي الحج التقى في الطواف بالزعيم بورقيبة في عهد الحماية فقدم له رسالة طلب منه تسليمها لإدارة الحزب بتونس فقبلها بعد أن رفض غيره قبولها….ولما حرمته وزارة التربية من حقه في الجراية وأعفته من التدريس بدعوى أنه لا يقوم بالتدريس وإنما يقوم بالإفتاء راسل بورقيبة في ذلك فجاء الرد بعدم رفض ما قررته الوزارة وعرضت عليه إمامة جامع الزيتونة بجراية مغرية فقبل الإمامة بشروط وأصرّ على حقه في جراية التدريس مادام قد قام بها…
وقد راسل وطالب بإغلاق المواخير ولكنها إلى اليوم لم تُغلق…ولما قرر بورقيبة إثبات دخول الشهور القمرية بحساب الحساب الفلكي وليس بالرؤية، وتبين للشيخ الإمام بعد مراجعة أهل الذكر في تونس ومصر أن شهر شوال لسنةً 1381،الموافق لسنة 1961 ميلادي هو يوم السبت وليس ليلة الجمعة فقد أعلم المسؤولين برسالة أنه سيصوم يوم الجمعة ولا يصلي صلاة العيد خلافا لحساب حكومة بورقيبة…لذلك عوقب فأعفي من الإمامة..

وداع

لما شدّه المرض، وحان أجله ودعته تونس بالرحمة وحسن الذكر…فهل للأصدقاء تعليق، وهل درسوا كتاب (عالم وزعيم) ليفيدوا بما يفيد ويضيف ويساعد على فهم أكثر…وأنا أحب أن أفهم ؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى