صالون الصريح

محمد الحبيب السلامي يحب أن يفهم/ أعلام من صفاقس (117): عبد الرحمان بوريشة 1927 ـ 2009

كتب: محمد الحبيب السلامي

عبد الرحمان بوريشة هذا الرجل المناضل له سيرة وتاريخ…دخل المدرسة، فلما فاز بالشهادة الابتدائية قرر الانقطاع عن الدراسة لكنه أحب المطالعة فتواصل معها، وربى أولاده على محبة المطالعة…

موظف في بنك

خرج من المدرسة فانضم إلى أبيه يساعده، لكن أباه ساعده فأدخله موظفا في بنك ليعرف قيمة الحياة في دنيا المال…والبنك في باب البحر في صفاقس، وفي باب البحر كان يرى بعض الأطفال يطوفون في الشوارع وبيد كل واحد منهم صندوق هو معمله وفيه عمله وطريق كسبه…
كان الطفل ماسح الأحذيةً، يدخل بصندوقه المقاهي يعرض خدمته على روّاد المقهى كما يعرض خدمته على بعض المارين…وفي يوم شاهد عبد الرحمان في شارع بباب البحر مشهدا أزعجه وأثّر فيه…رأى طفلا ماسح أحذية يقف بصندوقه أمام رجل فرنسي ويقول له (تشيت صباطك؟ خليني نشيتهولك)، وإذا بالفرنسي يثور في وجه الطفل، ويصب عليه غضبه واحتقاره سبا وشتما…

معركة ضد الاستعمار

من هنا تحركت في عبد الرحمان روح الوطنية، من هنا تحركت في عبد الرحمان روح كراهية الفرنسي الذي يحتل وطنه ويحتقر التونسي، من هنا بدأت معركة عبد الرحمان ضد الاستعمار الفرنسي…
دافع عن ماسح الأحذية، ووقف في وجه الفرنسي محتّجا…في سنة 1948 انطلقت في فلسطين أول حرب ضد الصهيونية، والحرب مفتوحة للمتطوعين العرب، وفي صفاقس بعثت لجنة برئاسة الزعيم الهادي شاكر لتعد فريقا متطوعا، وحضر الفريق فمن يقوده؟
تقدم عبد الرحمان وعرض نفسه لهذه القيادة…رأت اللجنة فيه الكفاءة، فهو كشّاف، وصاحب جسم قوي…عرضت أمره على والده فوافق وبارك وشجع…
وخرج عبد الرحمان مع الفريق بعد أن تم إعداده للحرب، سافر..ووصل إلى مرسى مطروح بمصر وإذا به يفاجأ بضابط مصري يقول له: لقد توقفت الحرب بإعلان هدنة..رجع عبد الرحمان مع الفريق، وعاد إلى عمله في البنك ويواصل نشاطه في الكشافة والحزب حتى جاءت سنة 1952، وفيها اندلعت ثورة التحرير…وفيها وجد ضالته في محاربة الفرنسي المتعالي الذي يحتل وطنه…
انضم إلى الفرق التي تدخل ضيعات المعمرين لتخرب وتقطع أشجارها، شارك في قيادة المظاهرات، جمع الإعانات وأوصلها إلى المقاومين في الجبال…

دخل السجن

ألقي عليه القبض، أدخلوه السجن، عذبوه فتحمل العذاب من أجل تحرير وطنه…وتحرر وطنه ونالت تونس استقلالها، واحتاجت تونس المستقلة إلى إطارات تحمي أمنها، فانضم إلى التيجاني الكتاري أول آمر للحرس الوطني، وتكفل بإعداد فريق من الحرس…وبقي فيه سنوات…
ولما تقاعد عاد إلى واجبه نحو والده يتولى فلاحته، وإدارة معصرتي الزيت والتجارة في الزيت…ولما حان أجله ودع دنياه وودعه أولاده البررة وودعه أهله وأحبابه وودعته صفاقس بالرحمة وطيب الذكر…
فبماذا يعلق الأصدقاء وماذا يضيفون لأفهم..وأنا أحب أن أفهم؟؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى