صالون الصريح

عيسى البكوش يكتب/ منارات مغاربية على ضفاف السّين: كاتب يـاسين

كتب: عيسى البكوش

‘أنا أكتب بالفرنسية لأقول للفرنسيين أنّي لست فرنسيا… أن أستعمل اللغة الفرنسية لا يعني أننا عملاء لقوّة أجنبية، وعلى كل فإنّ اللغة الفرنسية إنّما هي غنيمة حرب »…هكذا كان يصدح كاتب ياسين هنا وهناك.

البلبل المهاجر

ولد هذا البلبل المهاجر يوم 6 أوت 1929 بزيغود يوسف بقسنطينة في الجزائر وياسين هو اسمه ولكنه اختار وضعه بعد لقبه واللقب يتناسب مع السبيل الذي سلكه في طوال حياته: البوح بالكلمات…
هو ينحدر من عائلة بربرية من قبائل الشاوية بمنطقة الناظور وكان جدّه للأم باش عدل وكان والده محاميا…
سنة 1934 انضمّ إلى المدرسة القرآنية بسدرانة ثم السنة الموالية إلى المدرسة الفرنسية ببوقاعة أين استقرت عائلته.

إيقاف واحتجاز

وفي سنة 1941 التحق كمقيم بالمدرسة الإعدادية بسطيف التي شهدت سنة 1945 الانتفاضة الصاخبة للوطنيين والتي وقع قمعها من قبل قوى الاحتلال وأسفرت عن آلاف القتلى، وتم إيقافه وحجزه لمدة شهرين، كما وقع طرده من المعهد فأرسله والده إلى معهد آخر بعنابة ولكن الحدث الجلل الذي تعرّض له الكاتب هو ما رواه في إحدى حواراته: ” أنا ابن امرأة مجنونة وعبقرية، أمّي بسيطة ومعطاء يتساقط الجوهر من شفتيها وكنت التقطه من دون أن أعرف قيمته… أمّي هي مصدر كلّ شيء، لقد شاهدتها بعد المجزرة في يوم 8 ماي 1945 وهي تُصاب بالجنون، عشت كلّ ذلك وأبصرته ومن بعد ذلك انطلقت تماما في جنون حبّ مستحيل لابنة عمّي المتزوّجة »…

قصة جنون…مع نجمة

وبالفعل فلقد التقى في عنابة بنجمة ابنة عمّه ليعيش معها قصة جنون نتج عنه ديوانه الأوّل، كما نتج عن تلك الأحداث انضمامه للحركة الوطنية صلب حزب الشعب الجزائري ثم انخرط فيما بعد في الحزب الشيوعي الجزائري بعد أن أصبح صحافيا في جريدة Alger Républicain بين سنتي 1949 و1951 وقبل ذلك سافر وهو في الثامنة عشر من عمره إلى باريس حيث نشر رائعته “نجمة”.
وعند وفاة والده سنة 1950 يتحوّل مرة أخرى إلى باريس حيث يستقر إلى غاية سنة 1959 ويشتغل إلى جانب الأديب مالك حدّاد.
 وفي سنة 1954 يتعرّف على الكاتب الذائع الصيت Berthold Brecht سنة 1954 وفي نفس السنة ينشر في مجلة Esprit بباريس الجثة المطوقة Le cadavre encerclé.
سنة 1956 يقدم المخرج  Jean-Marie Serreau رواية نجمة.
ولكنه يدعى من طرف المخابرات الفرنسية إلى مغادرة البلاد بتعلة مساندته للثورة الجزائرية فبدأ رحلة التيه بين بلدان أوروبا والقاهرة وتونس واشتغل مهنا مختلفة وليس أقلها عامل بالرصيف.
وإثر الاستقلال يعود إلى وطنه وإلى جريدة  Alger Républicain وتتوالى إبداعاته:
– ” وردة بليدة” La Rose de Blida عام 1965 وهي تشير إلى إقامة والدته بمستشفى الأمراض العقلية بالبليدة.
 – ثم رواية “الرجل الذي ينتعل صنادل من المطاط L’homme aux sandales de caoutchouc عام 1970
– ثم مسرحية ” محمد خذ حقيبتك ” Mohamed prends ta valise” عام 1971
– وصوت النساء  La voix des femmes عام 1972
– وحرب الألفي عام La guerre de deux mille ans عام 1974
– وملك الغرب ” Le Roi de l’ouest “عام 1975
– وفلسطين المغدورة ” La Palestine trahie “عام 1977،
عام 1986 يقدم جزءا من رواية حول ” نلسن منديلا “
وفي سنة 1987 يتحصل على الجائزة الكبرى الفرنسية للآداب.
عام 1988 يقدّم في مهرجان أفينيون ” Le bourgeois sans culotte “
 ومن مؤلفاته أيضا ” Le polygone étoilé” عام 1966
L’œuvre en fragments عام 1986 
و Soliloques عام 1996
و Minuit passé deux heures عام 1999

النص المؤسس

يقول الطاهر جاووت عن كتاب كاتب الأبرز ” نجمة” : “نجمة هي بدون منازع النص المؤسّس للأدب الجزائري باللغة الفرنسية فعلى الرغم من نشر كتب هامة كـ: “الأرض والدم” لمولود فرعون و” الربوة المنسيّة ” لمولود معمري و ” ثلاثية الجزائر” لمحمد ديب كان لا بدّ من انتظار صدور ” نجمة ” لأن نقرّ بأن كاتب ياسين هو الأب الحقيقي لذلك الأدب.
 ويضيف في الشريط الذي أعدّه الطاهر جاووت سنة 1987 تكريما لياسين “إن نجمة نص لم يرتق إليه أي نص آخر على الإطلاق”.
توفي كاتب بمدينة ڤرونوبل بفرنسا يوم 28 أكتوبر 1989
سنة 2003 وقع ترسيم أعمال كاتب في سجلّ أعتى المسارح بفرنسا “La Comédie-Française ”  
أليس ثمّة أعظم تكريم من تواجد هذه المنارة المغاربية إلى جانب موليار في دار موليار بمدينة الأنوار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى