صالون الصريح

عيسى البكوش يكتب/ قاسم بوسنينة (1932-2024): أحد بُناة الجمهورية كما عرفته

ISSA BACCOUCH ce
كتب: عيسى البكوش

انتقل إلى رحمة الله يوم الاثنين 26 فيفري 2024 الأخ الأكبر قاسم بوسنينة عن سنّ تناهز التسعين عاما…قلت الأخ الأكبر لأنّه من الجيل الذي سبقنا، أي جيل البُناة، ولقد سار جيلنا على خطاه وخطى أمثاله من المناضلين الخلّص الذين نذروا حياتهم لخدمة البلاد والعباد…

في الحركة الطلابية

لقد انصهر منذ شبابه في الحراك الوطني سواء إبّان دراسته في الزيتونة أوّل جامعة في العالم الإسلامي، أو في ديار الشرق وبالتحديد في لبنان حيث زاول تعليمه العالي إلى أن أحرز على شهادة التخرّج في التاريخ والجغرافيا.
وقد ساهم صحبة رفاقه في أنشطة الاتحاد العام لطلبة تونس ببيروت، وهو لأجل ذلك يعدّ من بين قدمائنا الذين تعتزّ بهم منظمتنا العتيدة التي تشرّفت بقيادتها من سنة 1969 إلى سنة 1971.

مهام متعددة

ثمّ كمثل أترابه في ذلك الزمان وقع استنجابه من قبل الرئيس الحبيب بورقيبة للعمل في حضيرة الدولة الناشئة مثله مثل أترابه الهادي البكوش ومحمد التريكي وعبد السلام القلال والطاهر بوسمة وآخرين، فكانت محطات صفاقس ككاتب عام للجنة التنسيق والقصرين كمعتمد أوّل ونابل ثمّ تونس كوال.
ثمّ جاءت المحطة الأهم في تاريخه وفي تاريخ البلاد إذ عيّن يوم 2 سبتمبر 1978 سفيرا لدى المملكة العربية السعودية فلم يغادر الحرمين إلا بعد 10 سنوات ولم يكن ذلك ليلقى تجاوبا مع حكّام البلد الذين تعلقوا به أيّما تعلق وذلك للخصال التي كان يتمتع بها من دماثة أخلاق وحسن معاشرة.
ولقد ألفنا ذلك عندما تحوّل وفد رؤساء البلديات التونسيّة للمشاركة في الدورة الثامنة لمنظمة المدن العربية سنة 1986 يضمّ فيمن كان يضمّ المنعمّين الصادق بوصفّارة ومصطفى الفيلالي وحامد القروي وزكرياء بن مصطفى.
ولقد كانت مناسبة لتدشين المقر الجديد للسفارة التونسية بالرياض وهو من تصميم المهندسين اللامعين وسيم بن محمود والعجمي مميتة.
إذن وقع إنهاء مهام السفير الذي طالت إقامته إلى أن أصبح عميد السلك الدبلوماسي ووقعت تسميته يوم 8 نوفمبر 1988 كأوّل كاتب دولة للشؤون الدينية في حكومة الهادي البكوش الذي يلتقي به بعدما عملا سويّا في صفاقس خلال الستينات وشغل ذلك المنصب المحدث إلى حدّ إعفائه يوم 3 مارس 1990 وتعويضه بالأستاذ علي الشابي.
ولقد شرّفني آنذاك بقبول الدعوة التي وجّهتها له للإشراف على حفل ليلة 17 رمضان بجامع بدر بالحي البلدي بأريانة قبل أن يعمّم هذا الاحتفال في أنحاء البلاد بعد سنتين.

عاد إلى السعودية من جديد..

ثمّ تشاء الأقدار وبرغبة من القيادة السعودية أن يعود سي قاسم إلى سالف منصبه يوم 23 سبتمبر 1991 ويمكث فيه إلى 4 أكتوبر 1994 فيكون بذلك أوّل سفير وأكاد أجزم السفير الوحيد – إذا ما استثنينا عودة المنعّم محمد المصمودي إلى باريس بعد فترة جفاء بين البلدين- الذي يعود إلى نفس الموقع ويقضّي به في الجملة 13 عاما.
عند عودته إلى موطنه انصهر في العمل البرلماني فترأس قائمة تطاوين وقضّى فترة نيابية ثمّ من بعد ذلك ترأّس جمعية البرلمانيين التونسيين وكان يشرّفني باستدعائي لمواكبة أنشطتها على الرغم من أنّي لم أكن يوما نائبا.
ثمّ كذلك فعل معي رحمه الله عندما ترأس جمعية الأخوّة التونسية ـ السعودية إذ كنت أنعم بالحضور إلى جانبه في أنشطة تلك الجمعية التي ترأسها من بعده أحد الأصدقاء الأصفياء عمر البجاوي الذي لم يغادر موطنه بنزرت قطّ إلا عندما عُيّن سفيرا بالمملكة السعودية.
كانت تجمعني والفقيد صداقة تمتّنت من خلال تواجد صهري الدكتور رؤوف بن عمّار بالرياض حينما كان يترأس مكتب المنظمة العالمية للصحّة فكان من الأخلاء للسفير الجامع للمكارم وهو المرء الذي يطيب ذكره وتفوح رائحة خصاله.
رحم الله أخانا الأكبر سي قاسم وأسكنه فردوس الجنان ورزق حرمه السيدة فاطمة وابنتيه لمياء ومنى جميل الصبر والسلوان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى