صالون الصريح

عيسى البكوش يكتب/ على هامش معرض Magna-mater: هل صحيح أنّ حنبعل انهزم في زاما؟

ISSA BACCOUCH
كتب: عيسى البكوش

يلتئم حاليا بمدينة روما معرض تحت مسمّى “Magna-mater” وهي “تربيجة” للآلهة Cybèle التي يقدّسها الرومان إثر تغلبهم في الحرب البونيّة الثانية (208 إلى 201 ق م)

هل فعلا هزم شيبون حنبعل في زاما؟

في كتاب صدر لـ عبد العزيز بلخوجة تحت عنوان ‘حنبعل في عيون قرطاجني’ هناك نفي قاطع.
يقول الكاتب بعد استعراضه للعديد من المقاربات التاريخية “إنّه لا يمكن البتة تصديق رواية المؤرّخ بوليب فيما ذهب إليه من انتصار مزعوم للقائد الروماني في معركة زاما هذا إن هي وقعت”.
صحيح أنّ موقع زاما أو جامة قد وقع اكتشافه سنة 2001 من طرف الباحث أحمد الفرجاوي وهو موجود على بعد تسعة كم من مدينة سليانة في اتجاه بورويس. ولكن لا شيء يثبت أنّ مصير المعركة كان سيئا بالنسبة للقائد القرطاجي.

لم ينهزم قطّ

حنبعل لم ينهزم قطّ فما انتصروا عليه ولكن خُيّل لهم أو لعلّه من وحي خيال من استأجرهم شيبيون قبل أن يأتي حفيده فيحرق كلّ المخطوطات الفينيقية حتى لا يبقى أثر لتاريخ دولة دوَخت العالم قرونا وقرونا والتاريخ يكتبه أحيانا الحارقون !
لم ينهزم حنبعل وإلا فكيف يعود إلى قرطاح وينتخب ‘سبطا’ أي رئيسا للدولة ومخططا لمدينتها عام 196 ق م فيعيد الثقة للناس في أنفسهم وفي أموالهم وهو الذي اجتمعت الأمور لديه وحده بينما جرت العادة أن تكون السلطة مثلثة أي متركبة من مجلس تشريعي وسلطة تنفيذية برأسين (أي سبطين).
إنما هي افتراءات مؤرّخ يكتب التاريخ الرسمي بطلب من مؤجّريه الرومان فيزيّن الوقائع لفائدة المستعمرين بعد أن اشتعلت النيران وأتت على كلّ المراجع التي قد تدحض المزاعم الرومانية.
لقد كان لزاما على روما اختلاق معركة “زاما” لمحو معركة “كان” وإزاحة وصمة العار التي لحقتها من جرّاء صولات حنبعل وجولاته.

أسطورة حنبعل

ولكن أسطورة حنبعل اخترقت الأزمنة وستظل ساطعة في سماء الكون كالكوكب الدَري لن ينطفئ بريقه أبد الدهر.
لم يعمّر حنبعل طويلا في سدّة الحكم إذ أنّ روما أرسلت بطلب إلى الجهات المناوئة لحنبعل بمحاكمته عام 195 ق م على خلفية نقضه معاهدة سابقة فخيّر حنبعل اتقاءً للفتنة مغادرة قرطاج فتوجّه إلى رأس ديماس ثم قرقنة ومن ثمة إلى صور.
سنة 190 ق م ينتقل حنبعل إلى انطاكيا في تركيا ثم إلى شمال أرمينيا حيث أفنى بقية عمره في منازعة زعامة روما على البحر المتوسط إلى أن ضيّق عليه الأعداء وأرادوا به سوءا.
فلم يستسلم ولم يسلّم نفسه الأبيّة فوضع حدّا لحياته التي دامت أربعة وستين عاما بتجرع السم الذي لم يفارقه أبدا، ومن المفارقات العجيبة أنّ خصمه شيبون قضى هو أيضا نحبه في نفس السنة أي عام 184 ق م في حين زالت قرطاج البونيقية وعمرها 668 عاما.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى