عفو عام في جريمة الشّيك بدون رصيد قيد الدرس.. التفاصيل

نظّمت الأكاديمية البرلمانية لمجلس نواب الشعب، اليوم الجمعة 20 جوان 2025، يوما دراسيا حول “مقترح قانون يتعلق بالعفو العام في جريمة إصدار شيك بدون رصيد”…
و أشرف على هذا اليوم إبراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب، وحضره نائبا رئيس المجلس سوسن المبروك و الأنور مرزوقي ، وعدد من النواب، وممثّلة عن وزارة العدل وعدد من المحامين والأساتذة الجامعيين.
وأكّد بودربالة في مستهلّ الأشغال أهميّة الدراية والتبصّر اللذين يجب أن يتحلّى بهما المشرّع عند سنّ القوانين، التي تصبح عند صدورها ملزمة للدولة. وشدّد في هذا السياق على ضرورة أن يأخذ المجلس بعين الاعتبار كل ما من شأنه أن يترتّب من آثار عند سن أيّ نص تشريعي.
وتولّى رئيس المجلس تقديم الإطار التاريخي التي يتنزّل ضمنه قانون الشيك بدون رصيد وتطوّره عبر الزمن، مذكّرا بتنقيح قانون الشيك بدون رصيد في 31 جويلية 2024 ، الذي جاء بعد عقود من إقرار تجريم الشيك والإجراءات التي تحفّ بإثارة الدعوى العمومية.
وقد ثمّن الضيوف من المحامين والأساتذة الجامعيين مقترح القانون المتعلّق بالعفو في جريمة إصدار شيك بدون رصيد، وشدّدوا على أهمية البناء على المكتسبات التي تحقّقت من خلال القانون عدد 41، الذي اعتُبر خطوة نوعية نحو تقليص استخدام العقوبات السالبة للحرية، تماشيًا مع الممارسات الدولية.
ملاحظات
وتمّ تقديم جملة من الملاحظات حول مقترح القانون، حيث تمّ التأكيد على بعض أوجه انسجامه مع المبادئ العامة، وخصوصا مبدأ عدم جواز التنفيذ على الذات، في حين تم التنبيه إلى تعارضه مع مبدأ الثقة في التداول الصرفي، الذي يُعد ركيزة أساسية في القانون الصرفي. كما أُثيرت مخاوف جدّية من إمكانية المساس بالحقوق المكتسبة للدائنين، مما قد يمسّ بمبدأ المساواة.
شروط أساسية
ومن أجل ضمان فعالية التشريع الجديد وتحقيق التوازن بين مختلف الأطراف، شدّد المتدخّلون على ضرورة مراعاة عدة شروط أساسية عند النظر في هذا المقترح، تتمثّل في تحديد نطاق واضح ومحدد لتطبيق العفو، مع مراعاة حقوق الدائنين بوضوح ضمن النص، إلى جانب الحرص على عدم السّماح بأن يتحوّل العفو إلى وسيلة تسهّل العود، بالإضافة إلى إدراج فصل واضح يضمن إعادة التأهيل البنكي للأشخاص المشمولين بالعفو.
مقترحات
كما تمّ تقديم مقترحات إضافية تشمل إدراج فصل يمنع سقوط حق المستفيد من العفو بمرور الزمن، ومراجعة أحكام المجلّة التجارية بهدف تبسيطها وتعزيز دور وسائل الائتمان البديلة للشيك، مع التفكير في إيجاد حلول تمويل بديلة كالقرض الحسن.
وأكّد المتدخّلون أهمية اقتصار تطبيق العفو على الشيكات الصادرة قبل دخول القانون الجديد حيز التنفيذ، وتوفير آليات فعّالة لتسهيل تنفيذ التشريع بعد إقراره.
وفي سياق متّصل، شدّد البعض على ضرورة اعتماد منهجية متأنية قبل إصدار تشريع جديد، معتبرين أنّ التقييم الحقيقي لكشف مدى فاعلية القانون يحتاج إلى مرور وقت كاف يسمح بدراسة تأثيره بشكل شامل وعلى كلّ الأبعاد، بالإضافة إلى ضرورة دراسة البيانات والاحصائيات بدقة تجنبًا للمخاطر القانونية والأخلاقية المحتملة، مع أهميّة الانتباه إلى تعدد الأطراف المتداخلة في هذه المسألة.
توصيات
وقدّم المتدخّلون عدة توصيات، شملت احترام مبدأ الأمن القانوني من خلال ضمان التوافق بين التشريع الجديد والقوانين السابقة، وتهيئة مرحلة انتقالية مناسبة. وأكّدوا ضرورة الاعتماد على معطيات وإحصائيات دقيقة وموحّدة لتقييم الجدوى الاقتصادية والقانونية بشكل موضوعي. كما أوصوا بوضع ضوابط صارمة للعفو ضمن مقترح القانون، ليقتصر على المخالفين لأوّل مرة، تفاديًا لاستغلاله كأداة لتبييض الفساد أو تشجيع المخالفات المتكرّرة.
وخلال النقاش العام تطرّق النواب إلى أهم المزايا والايجابيات الاقتصادية والاجتماعية التي تضمنّها القانون عدد 41 لسنة 2024 المؤرخ في 2 أوت 2024 المتعلّق بتنقيح بعض أحكام المجلة التجارية وإتمامها. وأشاروا من جهة أخرى الى عدد من الإخلالات والنواقص التي رافقت مسألة نفاذ القوانين. ودعا النواب جميع الأطراف المعنية لتشديد الرقابة على مستوى التطبيق لاسيما من جانب بعض المؤسّسات البنكية التي اعتبروها لا تزال غير منخرطة بشكل جدّي في تطبيق القانون .
صعوبات عند التسوية
وتطرقوا الى الصعوبات التي تعرّض لها بعض المتضررين عند التسوية خاصة تلك المتعلّقة بمسألة إجراءات تطبيق الحجة العادلة، فضلا عن عدم الالتزام بمقتضيات المنصة الالكترونية الخاصة بالشيكات. ودعوا الى ضرورة تكثيف حملات التوعية والتحسيس اللازم بأهمية القانون لضمان حسن تطبيقه واستقراء مدى نجاعته.
مواقف متباينة
وقد تباينت الآراء بخصوص مقترح القانون المتعلق بالعفو العام في جريمة إصدار شيك بدون رصيد. ودعا البعض الى التريّث والتمهّل في تطبيق القانون عدد 41 لسنة 2024 المؤرخ في 2 أوت 2024 المتعلق بتنقيح بعض أحكام المجلة التجارية وإتمامها من أجل تبيان أهم النقائص وإمكانية تضمينها في المبادرة التشريعية. وأكّدوا في هذا الصدد أن أحكام هذا القانون متكاملة و تتضمّن مسألة العفو لا سيما في فصليه الخامس والسادس.
كما اعتبروا أن صياغة تشريعات جديدة في هذا المجال يمكن أن يضرّ بمبدأ الأمان القانوني والاقتصادي والمساواة بين المتضررين. وأكّدوا أهمية استقرار النص القانوني وتقييم مدى نجاعة اليات تطبيقه على مختلف المستويات الاقتصادية والاجتماعية والقانونية.
واعتبر البعض انه لا بد للمشرّع من التريث والعمل بكل عقلانية والابتعاد عن الضغوطات في مسالة العفو التشريعي في جريمة إصدار الشيك دون رصيد من أجل ضمان الجدوى من سنّ هذا التشريع.
وعبّر جانب أخر من النواب عن مساندتهم للمبادرة معتبرين انّ المقترح في تناغم تام مع مقتضيات القانون عدد 41 لسنة 2024 المؤرخ في 2 أوت 2024 والمتعلق بتنقيح بعض أحكام المجلة التجارية وإتمامها، ولا يتعارض مع احكامه خاصة تلك المتعلقة بالفصلين 5 و6 . وبينوا أن الهدف الأساسي من المبادرة هو ضمان حق المستفيد في التتبع المدني بدرجة أولى وإعادة إدماج المتضررين في الحياة الاقتصادية ولا سيما منهم أصحاب المؤسسات الصغرى والمتوسطة، داعين الى عدم شيطنة المشرّع باعتبار أنه منزه عن العبث.
وأشار بعض النواب الى مسألة طول إجراءات التقاضي لاسيما في القضايا المتعلقة بالمجال التجاري والجزائي داعين وزارة العدل الى التفكير في آليات عمل جديدة لمزيد حوكمة الزمن القضائي.
وفي ختام اليوم الدراسي أكّد السيد إبراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب أهمية دراسة التتبّعات القانونية عند إصدار التشريعات فضلا عن دراسة جميع الجوانب وأخذ كل الاحتياطات من أجل تجنّب سوء فهم مقاصد المشرع.
أهمّية التّدرّج
وشدّد على مضيّ مجلس نواب الشعب في رفع التجريم عن المعاملات التجارية في مسألة الشيك بدون رصيد. كما أكّد أهمية التدرّج في إصدار التشريعات، داعيا إلى أهمية مراقبة الآثار القانونية والاقتصادية والاجتماعية لتطبيق أحكام القانون عدد 41 لسنة 2024 المؤرخ في 2 أوت 2024 المتعلّق بتنقيح بعض أحكام المجلة التجارية وإتمامها. وشدّد في السياق ذاته على أهمية تقديم الجهات المعنية للإحصائيات والمعلومات الدقيقة بخصوص آثار تطبيق مثل هذه القوانين للتمكن من تقييم جدواها.
كما ثمّن دور الاكاديمية البرلمانية في تنظيم مثل هذه الندوات التي تمكّن من الاستماع والنقاش المستفيض حول مختلف الآراء المتباينة حول التشريعات المستوجبة، مبرزا أهمية الاختلاف وتعبير كل النواب عن آرائهم بحرية واستقلالية، مشدّدا على أنّ التصويت في الجلسة العامة يبقى الفيصل في جميع القرارات. كما أعلن عن عزم المجلس عقد ندوات حوارية حول مبدأ الأمان القضائي والقانوني.