صالون الصريح

رشيد البكاي يكتب: شحرور بنزرت راح وسكت عن الشدو المباح..

رشيد البكاي
كتب: رشيد البكاي

تصدير: ‘حطيت على القلب ايدي وانا بودع وحيدي…وقلت اسعفيني يا عين وبالدمع جودي’

بالأمس وهي تودع مطربها فيصل رجيبة، كأن بمدينة بنزرت كانت تغرد بهذا المقطع من رائعة الأولة في الغرام، وتبكي بحرقة وألم فقدان الراحل العزيز.

كم هي قاسية تلك اللحظات، كقسوة الزمن الذي سلب هذا المطرب الموهوب حقه ولم يرفعه درجات قدره، وقد كان أحق من العديدين بموقع في المشهد رفيع يتناسب مع قدراته الصوتية الكبيرة وامتلاكه خصوصا لناصية النغم التونسي الأصيل..

شخصية متفردة

لقد بنى فيصل شخصيته الموسيقية الطربية المتفردة بكثير من الجهد وكابد مسيرة صعبة مليئة بالتحديات، والأتعاب والانكسارات، لكنه استطاع بالمثابرة والعزم والطموح أن يتجاوزها جميعا ليصنع له مجدا بقي في سجله ناصعا، دالا على أنه فنان حقيقي ولم يكن ظاهرة عابرة او صنيعة غابرة، وليس أدل على ذلك من الجوائز العديدة التي حصدها في المهرجان الوطني للأغنية التونسية على ممر دوراته، أو في غيره من التظاهرات الوطنية والمغاربية والعربية…

1

مشروع ‘علي رياحي’ جديد

يشهد العديد من كبار الموسيقيين في تونس وخارجها ان فيصل كان مشروع (علي رياحي) جديد، ويشهد الملحنون الذين تعامل معهم فيصل انه يتمتع بصوت متميز يستوي فيه القرار والجواب بدرجة عالية لا تتوفر في كثير من الأصوات وتنبأوا له بمستقبل كبير، لكن ما كل ما يتمنى
المرىء يدركه…

مرّت السنون بين اليأس والأمل، وبين علو سقف الطموحات وقلة الامكانيات، ليتحالف بعد ذلك الحظ العاثر مع المرض الغادر، حائلين دونه ومايريد، ومع ذلك وبرغم التنكر والجحود، وضعف الجزاء الذي لم يكن بقدر العطاء فقد سجل فيصل في رصيده اعمالا فنية هامة ستبقى شاهدة على كفاءته الفنية وموهبته الفذة، وترك اسما سيأفل الزمان ولا يأفل.

وتلك الأيام…

كنت شخصيا صديقا لوالده المناضل علي رجيبة، عندما كان فيصل في أواسط السبعينات فتى صغيرا في مرحلة الدراسة الابتدائية ، ولم يدر بخلدي أن ذلك الفتى سيصنع في يوم من الايام إسما، ويكسب صيتا في المجال الفني جعل منه مطرب بنزرت الاول، وتشاء الأقدار بعد ذلك بسنين أن أتولى بنفسي تكريمه مرة أولى وثانية وثالثة بمناسبة حصوله على جائزة مهرجان الاغنية، وأن يصبح صديقي الذي يجمعني به الاحترام المتبادل والتقدير الصادق.

لا يمكن لهذه الكلمات ان تعبر بما فيه الكفاية عن عمق الاحياس، غير الإيمان بقوله تعالى “وتلك الأيام نداولها بين الناس”

رحم الله اخانا فيصل وطيب ثراه وجعل الجنة مثواه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى