جهات

الهوارية: درس في الكفاح وحب الحياة يأتينا من ‘مملكة’ برج الصالحي

منطقة برج الصالحي تبعد عن مدينة الهوارية بعض الكيلومترات، نصف سكانها من ذوي الحاجيات الخصوصية، منهم الابكم و منهم الاصم ومنهم من يحمل العاهتين معا ونجد في العائلة الواحدة السليم والمصاب بهاته العاهة الربانية، لكنهم متعلمون ومثقفون وشعراء بالممارسة واذكياء بالفطرة يفوقون غيرهم من الأسوياء…

معلمهم البحر و عدوهم التهميش و’الحقرة’ التي رافقتهم سنين طوال جيل بعد جيل، لكن الجيل الحالي بذكائه ومثابرته تمرد على كل العاهات وكل المصاعب وكسر كل القيود كل على طريقته ، هناك من تعلم وسافر إلى الخارج في مناصب مرموقة جدا وهناك من اختار البقاء في الوطن يشارك الجميع الهموم و الفرح وهناك من نهل من العلم ما تيسر وعاد إلى مملكته برج الصالحي…

ثابروا وصبروا

برنامج” يستحق ” الذي بث على قناة الحوار التونسي الذي يقدمه الممثل جعفر القاسمي طار بنا ليلة الأربعاء إلى منطقة برج الصالحي من معتمدية الهوارية حيث تلقينا دروسا في نكران الذات و في البر بالوالدين و الاعتراف بالجميل إلى البحر الذي ساعد عائلات كثيرة على الاسترزاق بالحلال لتعليم الأبناء متحدين عوائق المرض والعاهات الربانية، رغم التهميش الذي رافقهم طيلة حياتهم لكنهم ثابروا وصبروا ولم يستسلموا وكافحوا من أجل رسالة عاهدوا الله وانفسهم على اكمالها حسب المتوفر لديهم من امكانيات ضعيفة بالكاد تساعدهم على العيش بكرامة…

كفاح من أجل العائلة

ومرت السنين و ” اللي خلف ما مات ” وجاء جيل ليس ككل الأجيال السابقة ، جاء رافضا للموجود ، رافضا للتهميش ، رافضا للحقرة ، مطالبا بحقوقه وحقوق الاباء والاجداد لانهم مؤمنون بقضيتهم العادلة ، في برنامح ” يستحق” قرابة الـ 8 من اهالي برج الصالحي اجبرونا على التمترس أمام التلفاز لوقت لا يستهان به ، تلقينا الدروس في كيفية التمرد على الموجود و كيفية الكفاح من أجل العائلة وكيفية الاسترزاق بالحلال وكيفية حب الوطن و من خلاله حب ارض الولادة التي ترعرعوا فيها ، لم ينسوا فضائل البحر الذي منّ عليهم ومازال بخيرات الله تساعدهم على مقارعة مصاعب الحياة …
، فشكرا لجميل وصفية و ايمن و ناجح و نعيم وعمر وعم سعيد وشكر خاص إلى اللؤلؤة الصغيرة الفاتنة إسراء صاحبة الـ 11سنة المصابة بعاهة الصم والبكم ويتيمة الأم ولم تطأ ساقيها المدرسة بعد، شكرا لها على ذكائها في محاورة منشط البرنامج جعفر القاسمي ، شكرا لها على عفويتها ، شكرا لها على حبها للحياة ، شكرا لها على المطالبة بنهل العلم رغم سنها المتأخر، شكرا لله على وهبها جمالا فياضا.

شكرا لأهالي برج الصالحي الصامدين في مملكتهم المنسية ، شكرا لهم على تدريسنا طرق النضال وحب الوطن.

عزوز عبد الهادي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى