جهات

‘الإخـاء’ …بيت كل المتقاعدين، تعقد ندوتها في بنزرت (صور)

مواكبة: الأمين الشابي

واكبنا، على مرّ السنين، أنشطة الكثير من الجمعيات والتعاونيات بمختلف مجالات نشاطها، ولكن لم نلحظ، صراحة، كامل هذا الوضوح في الخطاب المبسط ولكن العميق في محتواه، وأيضا الأسلوب العلمي الذي تمّ توخته لإيصال المعلومة للحضورـ سواء عبر المداخلتين الطبيتين أو عبر الترغيب في الانخراط في هذه التعاونية على أسس واقعية وشهادات حيّة. كان ذلك في الندوة السنوية لتعاونية المتقاعدين ” الإخاء” التّي تمّ تنظيمها يوم، الثلاثاء 23 أفريل 2024، بأحد الفضاءات السياحية الجميلة ببنزرت…

وقد واكبها عدد هام من المنخرطين والمنتسبين لهذه التعاونية النشيطة إضافة إلى وسائل الإعلام. وفي كلمة أولى، وضع السيد لطفي سعيد، عضو فرع “الإخاء” ببنزرت هذه النّدوة في إطارها حيث، بعد الترحيب بالحضور، بيّن وأنّ الندوة تتضمن مداخلتين طبيّتين، الأولى، للدكتورة شهد وفاء الفرشيشي حول ” مرض الزهايمر” ومداخلة ثانية للدكتورة ألفة عوادي حول ” القدم السكري ” لتختم بكلمة لرئيس تعاونية المتقاعدين ” الإخاء ” السيد منصف فنيش للتعريف بأنشطة الجمعية وما تمّ إنجازه منذ تكوينها سنة 2001.

‘الزهايمر’ هو تعرض الدماغ للتلف مع مرور الزمن
bizerte 2
بيّنت الدكتورة شهد وفاء الفرشيشي في نطاق مداخلتها حول مرض ” الزهايمر ” وأنّ مرض الزهايمر هو نوع من أمراض الخرف. فهذا المرض ” الزهايمر ” يتمثل في تعرض الدماغ إلى التلف مع مرور الزمن. وبالتالي ليس كل من شاخ وكبر يصاب بالضرورة بهذا المرض. وهو أيضا ليس مرضا وراثيا باعتبار و أنّ الاحصائيات بيّت و أن نسبة 10 بالمئة فقط ينتقل إليها هذا المرض عبر الوراثة. ومن أعراض مرض الزهايمر، الصعوبة في المشي والحركة والتهيآت المختلفة لدى مريض الزهايمر حيث يصبح يرى أشياء غير واقعية. ومن بين أسبابه الاكتئاب وسوء التغذية والتغذية غير السليمة. ولعلّ من أسبابه ترك القراءة والاطلاع على ما يدور حولنا من تغيرات أيضا. وفي سياق متصل بينت الدكتورة وأنّه، على مستوى العالم بعنوان سنة 2016، يوجد حوالي 47 مليون مصاب بهذا المرض. وافريقيا تحتل المرتبة الأخيرة للإصابة به ، باعتبار أن غذاء سكان القارة الافريقية، لا يعتمد كثيرا على الأكلات السريعة كما في بعض القارات الأخرى. ملاحظة وأنّه، يوجد في مستشفى الرازي قسم لمرض الزهايمر.

ألزهايمر يؤثر على سلوك المريض

هذا المرض، هو مرض سلوكي أي يصبح المريض غير قادر على تمييز المكان والزمان. وبالتالي يتغير سلوكه وتتعطل حركة لسانه وينسى كل شيء. مع التأكيد على أنّ الفرق بين مريض الزهايمر والشخص الذي ينتابه أحيانا بعض النسيان، يتجلى في أن مريض الزهايمر لا يتذكر أي شيء دخل في دورة النسيان لديه، ولا تتمكن ذاكرته بالتالي من استرجاع ما نسيه. في حين أنّ الانسان العادي الذي قد ينسى شيئا ما، يمكن له استعادة ما نسيه بعد وقت قصير.
والغريب وأن مريض الزهايمر لا يعقل أحيانا حتى أقرب الناس إليه، ويصبح لا يفرق بين الألوان وذلك نتيجة تقلص حجم المخ.
وبالتالي تموت بعض الخلايا منه خاصة تلك يرجع إليها تخزين الأحداث. مؤكدة، في سياق متصل، وأنّ مريض الزهايمر يجتاحه الشعور بالإحباط والتعب ويصبح غير قادر على أخذ المبادرة وأخذ القرار.
فضلا عن تغير مزاج لدى هذا المريض، فهو يضحك ولكنه بعد قليل يتعكر مزاجه ليتلون بالحزن والكآبة. بل ويصبح يشك في كل شيء من حوله، ومن مظاهره أيضا كثرة الخوف وتغير السلوك الذي قد يصل حدّ العنف…

كيف نتفادى هذا المرض؟
moncef-fenich-bizerte-4
على كلّ شيخ تقدم به العمر أن يبدأ أوّلا بإصلاح السمع والنّظر وتفادي التدخين والقيام بالأنشطة الرياضة والاندماج في المجتمع والمشاركة في الحوارات والتواصل مع الآخرين والابتعاد عن العزلة القاتلة. وعليه أيضا اختيار الغذاء والتركيز خاصة على تناول الخضر والخروج والاستمتاع بالوقت وتفادي قلّة الحركة. وعليه المشاركة في الجمعيات ليتجدد نشاطه عبرها. ومن باب الوقاية، لابدّ من القيام بالتشخيص اللازم، وهذا يتم عبر الاختبارات والتحاليل لدى المختصين. لتختم مداخلتها بالقول وأنّ مرض الزهايمر ليس قضاء ولا قدرا بل يمكن تفاديه في مراحله الأولى والوقاية خير من العلاج.

مرض ” قدم السكري ” أعراضه وطريقة تفاديها

المداخلة الثانية كانت حول ” قدم السكري ” للدكتورة ألفة العوادي التي استهلت مداخلتها بوضع سؤال مفاده، كيف نعرف أننا مصابون بمرض ” قدم السكري “؟ موضحة في هذا الصدد وأنّ من علامات الإصابة بهذا المرض، هو كثرة التبول والشعور بالجوع ولو بعد الأكل مباشرة، فضلا عن نقص متواصل في الوزن إضافة إلى عدم التعافي ولو من جرح بسيط. مبينة وأنّ الشعور بهذه الأعراض يبدأ مع وجود حساسية خفيفة ثمّ انسداد الأوردة الرقيقة مرورا بانتفاخ في الساقين وقد يصل الأمر إلى أوجاع في الساقين. مؤكدة على أن مراحل مرض ” القدم السكري ” هي ثلاثة، يبدأ بتورم القدم ثمّ القرح الظاهر، ويصل لا قدّر الله، إلى بتر الساق.

كيف نتفادى هذا المرض؟

قدّمت الدكتورة ألفة العوادي بعض النّصائح لتفادي مرض ” قدم السكري ” و هذه النصائح هي في متناول أي شخص. وتتمثل في غسل الساقين و ” تنشيفها ” وتفادي المشي بطريقة حافية خاصة عندما يشعر الشخص بحرارة مرتفعة بساقية. وأيضا لا بدّ من استعمال جوارب من الصوف وتفادي الأنواع الأخرى من الجوارب بالتالي. وأيضا التدقيق في اختيار الحذاء وخاصة تفادي الأحذية الضيقة خاصة من الأمام، مع إمكانية استعمال مادة ” الفازلين ” لترطيب القدم.

منصف فنيش: أبدع وأقنع وأمتع

لو أردنا ترتيبه في مجال التواصل حاز على المرتبة الأولى. ولو أردنا تصنيف مداخلته لقلنا وأنّها من صنف السهل الممتنع، ولو أردنا انصافه حقّا، لتمّ تكريمه على عين المكان بتاج من ذهب. وكلّ ما ذكرناه في شخص رئيس تعاونية المتقاعدين، السيد منصف فنيش، ليس من باب رمي الورود، بل هذه الصفات لا يتصف بها إلاّ من راكم العديد من التجارب و الحنكة و الحكمة. وحاز على إرادة فولاذية لا تتزحزح مهما كانت المطبات والمغريات.
ضربة البداية لمداخلته كانت بوضع سؤال مفاده، لماذا يُنسى المتقاعد تماما بعد إحالته على شرف المهنة على عكس المتقاعد في الدول الغربية؟ مضيفا، الجواب بسيط، لأنّهم فقط اتّحدوا وتنظموا تحت جمعيات وتعاونيات تعنى بمشاغل المتقاعد عموما.
ليتدرج و يذكر الحضور بأن في تونس يوجد حاليا حوالي 1.260.000 متقاعد بين القطاع العام و القطاع الخاص. و لكن للأسف هم مشتتون و لا حاضنة لهم؟ لذلك بادرت منذ سنة 2001، رغم المطبات والعراقيل ووضع العصا في العجلة من طرف بعض الجهات، الإقدام على تأسيس هذه التعاونية. بل ولتجد لها فروعا في كثير من الولايات، ولعلّ بنزرت أحد هذه الفروع والتي ـ رغم وجود حوالي 60 ألف متقاعد بها لم ينخرط في التعاونية إلاّ 138 متقاعد فقط. وعليه ندعو الجميع للانخراط والتمتع بفضائل ومزايا هذه التعاونية، وهذا ليس بعزيز على ولاية بنزرت التّي أخرجت فرنسا الاستعمارية مدحورة.

مزايا كثيرة و فوائد

ليعدد مجالات تدخل هذه التعاونية ومجالات تدخلها من أجل ينعم المتقاعد التونسي بحياة كريمة أكثر وذلك بعد إحالته على شرف المهنة. فهذه التعاونية تقدم سلفات المالية ودون فائض و سقف السلفة مرتبط بعدد المنخرطين، لدى كلّ فرع من فروعها.
وحاليا هي في حدود 800 دينار، وكلما زاد العدد، إلاّ وارتفع مبلغ السلفة، وارتفعت أيضا نسبة تحمّل التعاونية لكلفة المصروف و ذلك باعتبار و أن التعاونية تتدخل بنسبة تصل إلى 50 بالمئة في تحمّل كلفة أداء العمرة و تنظيم الرحلات والمصائف العائلية و الإعانات الاجتماعية والمنح الجامعية ومنح للمعاقين و غيرها.
كما تبرم التعاونية اتفاقيات مع النزل و المطاعم، مذكرا بالعديد من الرحلات التي أنجزتها التعاونية داخل تونس وخارجها على غرار رحلات مصر و الجزائر و تركيا و أداء فريضة العمر نحو البقاع المقدسة و غيرها من الأنشطة. ملاحظا و أنّ التعاون هو ظاهرة اجتماعية قديمة بتونس، و من مظاهره – حسب المتحدث – التعاون بمناسبات جني الزيتون و التمور و بناء المساكن الاجتماعية و غيرها من مجالات التعاون.
ليختم بالقول و أنّه على كل المتقاعدين أن ينظموا صفوفهم داخل تعاونية “الإخاء” ليكون لهم صدى و صوت في المجتمع و أيضا حتى لا يكون المتقاعد ضحية العزلة و ضحية المكوث بالمقاهي بعد ما قدّم عصارة فكره زمن شبابه خدمة للمجتمع عندما كان نشيطا. و الحل هو الانخراط و التمتع بتقاعد كلّه كرامة و حيوية و نشاط. و ليترك الكلمة في الأخير إلى بعض الوجوه الناشطة بعد التقاعد على غرار السيد عامر عوف و الهادي مجيد اللذان أكدا مدى نجاح هذه التجربة و أدليا بشهادات حيّة في ما تعرض له السيد منصف فنيش من عراقيل في بداية مرحلة بعث التعاونية، ليضيف ولولا إصرار وإرادة سي منصف القوّية، لكان هذه المؤسسة الهامة في حياة المتقاعدين في خبر كان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى