صالون الصريح

الأمين الشابي يكتب: هل إعصار النار بـ ‘لوس انجلوس’ يؤكدّ أن القوّة لله وحده مهما استكبر البشر؟

chebbi
كتب: الأمين الشابي

بصفة عامة تعتبر الأعاصير من أخطر الظواهر الطبيعية التي يمكن أن تتسبب في أضرار كبيرة وتدمير واسع النطاق، والتعريف العلمي للإعصار هو عبارة عن دوامة هوائية ولكن بدون نار…

وقد شهدت الولايات المتحدة على مرّ السنين العديد من الأعاصير القوية والمدمرة، على غرار إعصار فلوريدا سنة 1935 وإعصار كاميل 1965 وإعصار لويزيانا سنة 1915 وصولا إلى إعصار جنوب فلوريدا سنة 2022. ولكن كلّ هذه الأعاصير كانت هوائية وبدون نار وإن تسببت في الغالب في خسارة عشرات المليارات من الدولارات.
ولكن أن تصبح هذه الأعاصير مشتعلة نارا فضلا عن الرياح القوية، فهذه ظاهرة جديدة لم يعهدها الكون.

أتت على الأخضر واليابس

وهذا ما حصل ويتواصل في ولاية كاليفورنيا الأمريكية منذ أيام، حيث أتت النار القوية مصحوبة بالرياح العاتية على الأخضر واليابس من مباني فاخرة وبشر، سواء بالموت أو في عتاد المفقودين، وقد عجزت أمام هذه النيران طواقم الإطفاء بكل معداتها من طائرات وغيرها بل فرضت على حوالي 150 ألف شخص في مقاطعة لوس أنجلوس من اخلاء محلاتهم.

هل القوّة لله وحده أم يشاركه فيها البشر؟

الأكيد، وأنّ الكلّ يتساءل عن أسباب هذا الإعصار النّاري، الذي فشل الإنسان في التصدي له رغم ما أوتي من قوّة ومقدرات ومعدات. والكلّ يفسره من زاوية معيّنة. البعض يراه وأنّ الطبيعة لم تعد تتحمّل ما تسببه البشرية عبر المصانع وغيرها من ظهور ما يعرف بالانحباس الحراري بل يذهب البعض إلى ربط هذه الكارثة ببقاء الجنس البشري على هيئته الحالية.

الظلم والغطرسة

في حين يذهب شق آخر إلى تفسير هذا الإعصار بكثرة الظلم والغطرسة التي يمارسها البشر على بعضهم البعض، وما يحدث في فلسطين وخاصة في قطاع غزة من دمار وقتل بل وإبادة للذات البشرية بلا رحمة ولا شفقة، يراه هؤلاء بمثابة الاستكبار واستعراض للقوة الغاشمة وكأنهم ينازعون المولى عزّ وجلّ صفة القوّة، و ما يجرى من إعصار ناري في أمريكا ليس إلاّ ردّ فعل إلاهي ، أوّلا على أنّ القوة هي لله وحده، وثانيا كردّ فعل أيضا على هذا الظلم والقتل في حق الفلسطينيين العزل وممارسة الميز العنصري والاستخفاف بالذات البشرية، و بالتالي عدم اعتبار عدالة الله في الأرض. بل شق آخر مال إلى السخرية من ربط البعض بين الظلم البشري والنقمة الإلهية ورأوا و “أنّه من الغباء أن يعتبر البعض حريقا اشتعل في منازل أصاحبها، وهم الذين يملكون الملايين من الدولارات، هو عقاب من الله، وإن يعتقد هؤلاء أن العيش في بيت ايجار و على السطوح هو ابتلاء من الله لأنّهم مؤمنون.

كتاب الله العزيز ذكر هذا الذي يحصل الآن

ورغم كلّ هذه المطارحات حول تفسير ما يجري من ظواهر هذا الإعصار الناري وما كبدّه لحد هذه اللحظة من خسائر مادة تجاوزت الـ 150 مليار دولار أمريكي فضلا عن الأرواح والمفقودين وبالتالي عدم القدرة للتصدي لكل هذه الحرائق التي تجتاح بعض الولايات الأمريكية باعتبار قوة الرياح التي تجاوزت الـ 100 كلم في الساعةـ فإنّ بعض الأصوات من الساسة في الغرب يرجعون ذلك إلى أطروحة المؤامرة على الولايات المتحدة الأمريكية.
ولكن ما خفي على هؤلاء وأنّ الاستكبار وتهديد البشرية بالجحيم والتعالي على الجميع اعتمادا على ما تملكه أمريكا من مقدرات عسكرية وصناعية وبشرية وعلمية، لا يحجب عنا القدرة الإلهية في القصاص من أي مستكبر متعالي وآت في الأرض بغيا وفسادا. ولنا في القرآن ما يدّل على عقاب الله لهذا النوع من المستكبرين والمتعالين هو أمر واقع لا خرافي…

وتأكيدا لهذا المنحى، لنا في القرآن الكريم ما أصاب قوم عاد وثمود من عذاب جرّاء استكبارهم في الأرض عندما قالوا من أشدّ منّا قوّة؟ لذلك ترى وأنّ الله الذي خلقهم هو أشدّ منهم قوّة بدليل ما جاء في القرآن الكريم بسورة فصلت: وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (15) فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَىٰ ۖ وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ (16)

وهذا يذكرنا بكلام ” بايدن” حين قال ” لا أحد يستطيع أن يقف أمام أمريكا” أو بكلام “ترامب” الذي هدد الشرق الأوسط بالجحيم. ومن هذا المنطلق واستفراد الله بصفة القوّة، كانت الحرائق بلوس انجلوس وفي أحد مربع سكني بنيويورك. وقد عجزت كلّ وسائل الإطفاء من معدات وطائرات والموارد البشرية من التصدي لهذه الحرائق والتي مازالت تتمدد.

سؤال مطروح

والسؤال كيف لأكبر دولة في العالم تقف أمام هذه الحرائق عاجزة؟ وهي التي تصول وتجول في كل العالم، لتعلن هنا حربا وتوقع هنالك نظاما وتمحي من على سطح الأرض بشرا بترسانتها الحربية والعسكرية؟ وهي اليوم، تقف عاجزة أما هذا الإعصار الناري بعقر دارها، وهو يفتك بها وبمقدراتها. وقد أتت النيران على حوالي 9000 بناية سكنية و خسائر لأكثر من 150 مليار دولار لتصبح أجمل وأرقى وأغلى ضاحية في أمريكا كومة من الرماد والأنقاض..

وخـتـامـــا

عندما يجتمع الإعصار مع النار فهي قوّة الله عزّ وجلّ ذكرها في القرآن الكريم قبل 1400 سنة. حيث يقول تعالى “فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت كذلك يبيّن الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون”. كما يقول عزّ وجلّ في محكم تنزيله ” حتى أخذت الأرض زخرفها و ازّينت وظنّ أهلها أنّهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا و نهارا فجعلناها حصيدا كما لم تغن بالأمس”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى