صالون الصريح

الأمين الشابي يكتب: رقصة الديك الأخيرة لهواة مغانم السلطة

كتب: الأمين الشابي

دعنا منذ البداية نضع السؤال الأهم، في خضم ما تشهده البلاد اليوم من حراك ومن هجوم وهجوم معاكس و سباب و شتائم و تقزيم للآخر وتخوين والكلّ يكيل للكلّ من الاتهامات والاتهامات المضادة التي لا تعكس في الحقيقة إلاّ اهتزازا نفسيا وخوفا من القادم في ظل مسار 25 جويلية

وهذا السؤال المركزي يقول بكل بوضوح وجلاء، ماذا يريد كل معارضي مسار 25 جويلية تحقيقه وإنجازه لفائدة البلاد والعباد، وهم لم يهدأ لهم صوت ولم يغب عنهم أي ميدان إلاّ وتحركوا فيه بما في ذلك منطقة المنيهلة بل ولم لم يتأخروا عن أي منبر للنيل أكثر ما يمكن من مسار 25 جويلية…

فهو في نظرهم انقلاب وتجاوز للدستور وانقلاب على المؤسسات الشرعية بل تذهب هذه المعارضة إلى أبعد من ذلك وتصب جام غضبها على شخص رئيس الجمهورية إلى حدّ وصفه بـ ‘الدكتاتور’ و ‘الانقلابي’؟ بل والأغرب من ذلك أنّ الكلّ ” يسمسر ” باسم الشعب و كأن الشعب الكريم كلفهم بالحديث باسمه عبر توكيل رسمي فهي بالتالي الوقاحة بعينها؟

حين يكون الهدف مغانم السلطة فقط؟

كم يتمنى الشعب التونسي، الذي احترق بنار الأسعار بحكم ارتفاعها، واكتوى بفقدان الكثير من المواد الأساسية والحياتية وركب بعض أبنائه اليائسين غول البحر و تلاعبت الحيتان حتّى بقوته وأصبح امتلاك قبر الحياة حلما، قد لا يتحقق أبدا في ظل هذا الوضع، فضلا عن حالة الفقر و التعاسة التي تجتاح كل مناطق البلاد تقريبا و كل الطبقات الاجتماعية، إلى جانب عدم الاطمئنان عن مستقبل أبنائه على أكثر من مستوى، صحيا و تعليميا وتشغيلا و استقرارا و زواجا..

الحقيقة المرّة

وكم يتمنى هذا الشعب، الكريم و الأبي و الصبور، أن يرى سياسييه يتنافسون من أجل رفاه هذا الشعب من أجل ازدهار البلاد ـ والحال أنّ تونس لها كل مقومات التطور و النّماء حتى لا نقول الاكتفاء الذاتي في كل المجالات ـ ولكن الحقيقة المرّة التي يراها الشعب بأعينه و أنّه لا يرى من يقدّم برامج اقتصادية و اجتماعية لإنقاذ البلاد و العباد بل ما يهم هؤلاء الساسة ـ ودعنا  نقولها صراحة ـ ما يهم من كلّ هذا التكالب على الحكم، ولو كان الوصول إليه على ظهر الدبابة وعبر حرب أهلية وتدخل أجنبي، ما يهم هؤلاء ما سيحصدونه من مغانم السلطة للأسف، وأيضا كوسيلة للإفلات من العقاب لما يكون قد ارتكبوه في حق البلاد و العباد؟ هذا هو الهدف الذي نراه و الذي من أجله تسخر هذه الجهات السياسية كلّ الوسائل وتركب كلّ مطيّة و الغاية تبررّ الوسيلة؟

الغاية تبرر الوسيلة

كثيرة هي الوسائل، التي يعتقدون أنّها تؤدي بهم إلى الرجوع إلى سدّة الحكم والتمتع بمغانم السلطة ولعلّ أبرز هذه الوسائل الإعلام المتحيز إلى أطروحاتهم و تهييج الأوساط الشعبية و الشارع التونسي عموما والنيل من كل مكتسبات مسار 25 جويلية و الكيل له بشتى النعوت.

الشارع مدرك لفخاخكم وهداياكم المسمومة

فالبعض يعمد إلى تهييج الشارع التونسي ودعوته للثورة مجددا  – على النظام القائم  بعد 25 جويلية 2021 و  الذي كان له الفضل أن صحّح المسار المظلم التي كانت تتجه نحو البلاد،  وتصويره على أنّه المتسبب في الوضع الاجتماعي و الاقتصادي المتردي للبلاد و العباد و على أنّ الحل يكمن في  جرّ الشعب إلى النزول إلى الشارع و كنس منظومة 25 جويلية…
فهذا الكلام يبدو أنّه عار عن الصحة وعن الموضوعية وغير عقلاني وغير واقعي، كأنّ ذلك هو الحل الأمثل الذي ينتظره التونسيون الذين تقطعت بهم السبل، بعد أن تسببت منظومة 24 جويلية في نهب المال العام والركوب على الثورة وتوجيهها نحو مآرب أخرى بعيدا عن الشعار التي رفعه الشعب التونسي “شغل وحرية وكرامة وطنية ” فهل تحقق من ذلك شئ في ظل عشرية النهب والسرقة و الأكتاف والاغتيالات و اللاّ استقرار السياسي؟
وبالتالي نقول لهؤلاء الدعاة، بأنّ الشعب التونسي له من رجاحة العقل و المستوى ما يؤهله لعدم الانجرار إلى مثل هذه الفخاخ لتنعموا أنتم بمفاخر الحكم و غنائمه. فالشعب تأكدّوا أنّه مدرك لفخاخكم و لهداياكم المسمومة و السم المدسوس في العسل، وهو قادر على التمييز بين الجمرة و التمرة.

الكيل للآخر لا تجدي نفعا

أمّا وسيلة النيل من  منظومة 25 جويلية و تحديدا  الكيل لرئيس الجمهورية و نعته بشتى النعوت و لعلّ أكثرها تداولا وصفه بالانقلابي و بالدكتاتور و غير ذلك من الكلام الفارغ و السفسطة السياسية التي لا تثمر شيئا سوى مزيدا من ” زيد الماء زيد الدقيق ” فهي أيضا لا تنطلي على  الشعب التونسي الذي خبركم و جرّبكم و بالتالي إن كنتم فعلا تبحثون على إنقاذ تونس، فالبداية تكون عبر تقديم البرامج بدل السباب و الشتائم لهذا أو لذاك  الطرف، لأنّ السياسي الفذّ لا يهتم بنعت الأشخاص بل بتقديم البديل الاقتصادي و الاجتماعي و عرض  ذلك على الشعب، غير ذلك فهو وهم، لأنّ الشعب التونسي مسالم و “عياش” و لا و لن ينجرّ إلى مثل هذه الأساليب الملتوية لآنّ طريقها مسدود، مسدود أيّها الساسة الأشاوس. وبالتالي مثل هذه الأساليب
“المنحطة” لا تجدي نفعا أمام ما تعانيه البلاد و العباد من أزمات اجتماعية و اقتصادية و غيرها.

وأخيرا وليس آخرا

إنّ كل من يتباكى اليوم،  عن الحرية و الديمقراطية، كان قد نكّل بالأمس القريب بهما و ” كوّر ” بالدولة و السيادة و بالشعب التونسي أيضا و ألحق البلاد إلى درجة غير مسبوقة من ترذيل للعمل السياسي و نهب للمال العام و الاغتيالات السياسية وتدهور للأوضاع الاجتماعية و الاقتصادية، و بالتالي إن كنتم صادقين في ” حبكم ” لهذا الوطن و شعبه، انتظروا إلى أن يتم تنصيب مجلس النواب الجديد و ترجع البلاد تحتكم إلى المؤسسات الدستورية فضلا عن استكمال احداث بقية المؤسسات أم أنّ استعجالكم و الدعوة حتّى لعدم استكمال الدورة الانتخابية الثانية و الدعوة أيضا لـ »استقالة” رئيس الجمهورية  بل و إلى التحريض على ابعاده،
أ لا  تعكس ذلك حالة الذعر التي تنتاب البعض لتخوفكم من نجاح منظومة 25 جويلية و بالتالي مساءلتكم و محاسبتكم على كل ما ارتكبه البعض من الأفعال في حق هذا الوطن و هذا الشعب أم  أنّ ما تقومون به اليوم من حراك ليس إلاّ رقصة الديك الأخيرة لهواة مغانم السلطة بعد أن تذوقوا طعمها اللذيذ على حساب الشعب الذي أعطاكم الأمانة فكنتم من الخائنين لها…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى