صالون الصريح

الأمين الشابي يكتب: حذار من صبّ الزيت على النار بين الاتحاد والرئاسة

كتب: الأمين الشابي

لا سرّ نخفيه إن قلنا أنّ البلاد تمرّ بظرف اقتصادي واجتماعي وسياسي صعب خاصّة مع رفع السلط الحالية شعار مكافحة الفساد والذود عن السيادة الوطنية مهما كلّف الأمر ذلك… وما الإيقافات الأخيرة إلاّ رجع صدى وترجمان ربما لهذا التوجه للتصدي لكل تلاعب بقوت المواطن أو تجييش ضد الوطن داخليا أو خارجيا بالرغم من الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي تمرّ به بلادنا.

حين يسقط الشعب كلّ رهاناتهم ..

ولا نخفي سرّا أيضا إذا قلنا و أنّ المناوئين ـ داخليا و خارجيا ـ لاستقرار وازدهار وطننا لم تهدأ معاولهم للبحث عن وسائل جديدة لتقويض استقراره، بل دعنا نقولها صراحة بعد أن سقطت كل حيلهم و طرقهم و فخاخهم  و وسائلهم في تصيّد الفرصة لتحقيق عبر كلّ الحراك والاستقواء بالغير و التشويه اليومي لسمعة الوطن، مع  ذلك لم ييأسوا – و لم تيأس معهم معاولهم -…

 بل ظلّوا يتصيدون و يتحيّنون الفرصة و لعلّهم يعتقدون و أنّ الفرصة هذه المرّة مواتية لصبّ أكثر ما يمكن من الزيت على النّار بين الاتحاد العام التونسي للشغل و مؤسسة الرئاسة تبعا لـ عملية الطرد الأخيرة التي طالت ضيفة الاتحاد العام التونسي للشغل،  لتحقيق مآرب دفينة لم يتمكنوا من تحقيقها عبر كل الوسائل الخسيسة السابقة، والتي كانت من بين أهدافها تأجيج الشعب ضدّ السلطة الحالية عبر الضغط لفقدان المواد الأساسية ولكن الشعب يبدو و أنّه مدرك لمثل هذه الغايات، وفوّت عليهم هذه الفرصة التي تراءت لهؤلاء المناوئين…
وأنّها الحل الأفضل للإطاحة بالسلطة الحالية والذهاب بعد ذلك لتحقيق حلمهم والمتمثل في تنظيم انتخابات رئاسية سابقة لأوانها وربما قد تعود بهم  إلى دفّة الحكم ولكن هيهات..

الاتحاد أرقى من أن تنطلي عليه الحيل

و بعد أن كاد أن  يسكنهم اليأس، راهنوا  مجددا على طرد الأمينة العامة للاتحاد الأوروبي للنقابات من قبل رئاسة الجمهورية على أساس النيل من السيادة الوطنية و التدخل في شؤوننا الداخلية، و تفتقت مواهب  هؤلاء – الذين يبحثون عن هذه القشة للنجاة من الغرق –  تحليلا و تبريرا و اتهاما و الكل أدلى بدلوه في هذه الحادثة، لا وقوفا مع الاتحاد ولا حبّا في ضيفة الاتحاد، بل لأنّهم يرون في عملية الطرد هذه  الفرصة الأفضل  – بعد نفاد كلّ خراطيشهم السابقة – ليتقاسموا  الأدوار  حول ذلك،  البعض أخذ على عاتقه تأجيج المواقف و ليبرز  و أن هذا الطرد لضيفة الاتحاد هو بمثابة الجريمة الكبيرة التّي  ربما سيترتب عليها –  أن نذهب  جميعنا  لجهنّم من أجل ذلك – في حين صوّر  البعض الآخر هذه الحادثة على   أنّها إهانة للاتحاد و ضرب للعمل النقابي  و هو ما دفعهم لصبّ كميات كبيرة على الزيت لتستعر النار أكثر و أكثر و تتصاعد ألسنة النيران و تأكل الأخضر و اليابس في هذا الوطن – حتىّ تحقق هاته الفئة أغراضها و أهدافها الخفية –  و جعل الفوضى سيدة الموقف بدل الاستقرار و هذا هو ديدان من لا يقدر على الصيد إلاّ في الماء العكر.
فكان التحريض و التضخيم  يأتي من كلّ حدب و صوب لمن في قلوبهم مرض ضدّ الوطن و أيضا ضدّ الاتحاد لأنّ البعض منهم في وقت سابق كان و ربما و لا يزال ضدّ الاتحاد أصلا.

حذار من دموع التماسيح و الحيتان

و عليه حذار ثمّ حذار من دموع التماسيح المتباكية و حذار ممن يصطادون في الماء العكر و يدفعون الاتحاد إلى التصادم مع السلطة ليغنموا هم، وهم وحدهم بعيدا عن مصلحة الوطن و لا مصلحة الاتحاد و لا حتى مصلحة الشعب بأسره.
 و التاريخ أثبت لنا بالتجربة و أنّ كل تصادم بين السلطة و الاتحاد يكون الوطن فيه هو الخاسر الأوّل  والأخير و بالتالي لا يغرنّكم نعيق الغربان ولا تباكي التماسيح، التي  أوصدت في وجوهها كلّ الأبواب ولم يبق أمامها إلاّ باب المحاسبة على كل الجرائم التي ارتكبت في حق الوطن و الشعب.
لكلّ ذلك نرى هؤلاء  يلهثون وراء أي فرصة و أي مناسبة لتأجيج الوضع قصد الإفلات ربما من العقاب الذي ينتظر البعض منهم باعتبار و أنّ البعض  منهم مورط في قضايا فساد أو قضايا إرهابية أو غيرها…

مصلحة الوطن فوق كل اعتبار

و الأكيد و أنّ تونس تزخر بالحكماء وتتبّنى الحكمة و التعقل و إعمال العقل في حلّ كل المشاكل الطارئة مهما كانت صعوبتها، و ذلك من الجانبين، سواء من جانب السلطة أو من جانب هيكل الاتحاد الذي يعجّ بالكفاءات التي تتحلّى بالحكمة.
والاتحاد عبر  التاريخ كان دائما جزءا من الحل وليس جزءا من المشكل و بالتالي النأي بالاتحاد عن أي محاولة لدفعه للتصادم مع السلطة لا يخدم الجميع، شعبا و سلطة و اتحادا بل يخدم أصحاب المصالح الضيقة التي ضيق حول رقبتها الخناق لتبحث عن أي طوق للنجاة قصد الإفلات ربما من العقاب و بالتالي تأجيج الأوضاع لا يخدم إلا مصلحتها و الاتحاد كهيكل أرقى من تنطلي عليه مثل هذه الحيل و الفخاخ و بالتالي على كل الأطراف سلطة و اتحادا مراعاة مصلحة العباد و البلاد حتى لا نسقط كلنا في أتون الفوضى الذي تبحث عنه أطراف كثيرة داخلية و خارجية من أجل تحقيق مآرب لم تعد خفيّة على أي أحد. و تبقى مصلحة الوطن فوق كل اعتبار و البوصلة التي على كلّ الأطراف الاستنارة بها ….  

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى