صالون الصريح

الأمين الشابي يكتب: الدعم الغربي والغياب العربي وراء بقاء الكيان الصهيوني وتمدده…

chebbi
كتب: الأمين الشابي

لن نخوض في هذه الورقة في حيثيات نشوء وإحداث هذا الورم السرطاني المسمى بالكيان الصهيوني، باعتبار وأنّ الكلّ تقريبا يعرف تاريخ الولادة القيصرية لهذا الابن اللقيط منذ عهد بلفور المشؤوم سنة 1948…

ولكن فقط سنقف عند أسباب عدم انتهائه و وفاته إن شئنا و هو في سنّ الشيخوخة (75 سنة)… وهل ما جرى في 7 أكتوبر 2023 هو بمثابة الإعلان عن قرب نهايته على يد المقاومة الفلسطينية بعد اصابته في مقتل على أكثر من صعيد؟ فهل للدعم الغربي دور في طول عمر هذا الاستعمار الصهيوني؟ و هل للغياب العربي تأثيره السلبي على القضية الفلسطينية؟ و هل المصالحة العربية العربية و الفلسطينية الفلسطينية من أؤكد ما يجب العمل عليه اليوم اليوم وليس غدا؟

تبادل المصالح بين الغرب والصهاينة

لسائل أن يسأل، لماذا لا يتوانى الغرب عموما والولايات المتحدة على وجه الخصوص، في تقديم الدعم المطلوب للكيان الصهيوني؟ إجابة على هذا السؤال نقول و أن بين الغرب و إسرائيل مصالح متبادلة.
الغرب يدعم هذا الكيان الصهيوني على كلّ الأصعدة، اقتصاديا و سياسيا و عسكريا و لوجيستيا، حتى يظل ثابتا في وسط الجسم العربي. في المقابل يلعب الكيان الصهيوني دور الحارس الأمين لمصالح الغرب عموما و خاصة لحساب أمريكا، ومن ورائها أوروبا، و ذلك في منطقة الشرق الأوسط.

وهذه المصالح الغربية تتمثل بالخصوص في النفط و الثروات الطبيعية في منطقة الشرق الأوسط الغنية. فضلا على أن اللوبي الصهيوني قوي داخل أمريكا و يقوم بدعم الحزبين، الجمهوري و الديمقراطي في كل المحطات الانتخابية بل و له من جهة أخرى شبكة اعلام تمتلك أكبر المحامل الإعلامية بمختلف أشكالها.
وهذه الأخيرة لا تدخر وسعا في دعم الغرب و التشهير بالعرب خاصة من حيث إظهارهم على أنهم إرهابيون.. وقد اتضح هذا جليا في الحرب الأخيرة على قطاع غزّة، حيث لعب هذا الإعلام المتصهين دورا كبيرا في تشويه صورة الفلسطينيين بالتلفيق والأكاذيب، بكونهم إرهابيين يقتلون الأطفال و يغتصبون النساء و يهجرون المواطنين الآمنين من بيوتهم. لكلّ ذلك نجد الغرب في حاجة إلى هذا الكيان السرطاني. و هو ما ظهر في المساعدات المختلفة و السريعة التي أرسلها الغرب للصهاينة أخيرا.
ولعلّ أهمّهما حاملات الطائرات و البوارج التي أرسلتها أمريكا إلى عرض البحر الأبيض المتوسط لحماية إسرائيل و التحذير بعدم تدخل أي جهة إقليمية في هذه الحرب الطاحنة.

رحلات مكوكية

هذا فضلا عن الرحلات المكوكية التي قام بها المسؤولون الغربيون و لعلّ على رأسها زيارة الرئيس الأمريكي “بايدن” و رئيس وزراء بريطانيا و المستشار الألماني. و هو ما أعطى الضوء الأخضر لقيام هذا الكيان بمزيد من العربدة و القتل و الدمار و القتل على الهوية للشعب الفلسطيني. و باختصار شديد نقول، الكيان الصهيوني عميل للغرب في المنطقة، و وجوده ييسّر سيطرة الغرب على مدخرات الجهة و ثرواتها الطبيعية. و قيام الصهاينة، بهذا الدور، لصالح الغرب هو بأقل التكاليف مقارنة مع ارسال الجنود و إرساء القواعد الأمريكية واحتلال المنطقة. و هذا هو الدور القذر الذي يلعبه الكيان الصهيوني بمنطقة الشرق الأوسط.

والكيان، بالتالي، لا يعدو إلاّ أن يكون بيدقا في يد الغرب يحرّكه حسب مصالحه، والأكيد و أنّه بانتهاء هذه المصالح يفقد هذا الكيان كل الدعم.
ولنا في مثال شاه إيران السابق أفضل الأمثلة، فقد خدم مصالح الغرب إلى أبعد الحدود و حين أطيح به تخلّت عنه الولايات المتحدة الأمريكية و لم تقبله حتى كلاجئ سياسي… ولكن السؤال المركزي أيضا، ما هي مبررات غياب العرب في قضية فلسطين؟

الغياب العربي أضعف القضية الفلسطينية

في أواسط السبعينات لم يكن العرب يدعمون الفلسطينيين فحسب بل كانوا يعتبرون القضية الفلسطينية قضيتهم، والصراع صراعا عربيا اسرائيليا. و لكن على مدى العقود الأخيرة تغيّر الموقف العربي جزئيا، خاصة بعد اتفاقية ” كامب ديفيد” التي مثّلت نقطة تحول بارزة في العلاقة بين الفلسطينيين و العالم العربي. و بالتالي فقدت القضية بعض بريقها بل و خسرت فلسطين نفوذها الدبلوماسي. و الأخطر و أنّ هذه الاتفاقية فتحت الباب أمام بعض العرب لنشوء صلات عربية إسرائيلية سرّية في البداية، و لتصبح علاقة تطبيع في العلن. زد عليها الانقسام الفلسطيني الفلسطيني، ليصح المشهد تلفه الضبابية على أكثر من صعيد؟ و هذا الوضع الفلسطيني عموما، هو ما ساهم في تقوية الصهاينة و غلظتهم ضدّ الفلسطينيين عموما. و ما حدث أخيرا، على الساحة الفلسطينية من قتل وتهجير وهدم للبيوت على رؤوس ساكنيها إلاّ دليل على استغلال الصهاينة لهذا الانقسام المقيت. بل وصلت عربدة هذا الكيان إلى قصف حتى المستشفيات و المدارس و الكنائس، متحدية الجميع، خاصة بعد تلقيها الضوء الأخضر من وليّ نعمتها، الولايات المتحدة الأمريكية.

إجابة مختصرة وعميقة

وهنا استحضر، ما أجاب به الدكتور عبد الوهاب المسيري في ذات سنة 2008 في إطار برنامج ” بلا حدود لأحمد منصور، حين سأله هذا الأخير سؤالا مفاده، ما هي مقومات الحياة لإسرائيل من داخلها ومن خارجها؟ ليأتي جواب الدكتور مختصرا و لكن عميق، حين أجاب بالقول ” ضمان بقاء الكيان الصهيوني متعلق بعنصرين اثنين، خارجي و داخلي. و هما أوّلا الدعم الغربي الأمريكي بلا حدود و الثاني الغياب العربي بلا حدود »..

ومن هذه الإجابة الموضوعية و الواقعية، يتجلى لنا قيمة هذين العنصرين لبقاء هذا الكيان على غطرسته و اجرامه و تحديه لكل العالم؟ و نسأل في الختام لو تتوقف في يوم ما المساعدات المختلفة الأمريكية لهذا الكيان الصهيوني، هل هو سيقدر لتحمّل الفاتورة المكلفة جدّا لهذه الغطرسة. و الأكيد و أنّه سينهار اقتصاديا و سياسيا و عسكريا و ماليا و سيهجره أغلبية الصهاينة إلى بلاد المنشأ؟ و ثانيا لو يكون الحضور العربي غزير حول القضية الفلسطينية كما كانت عليه، فضلا عن انتهاء الانقسام الفلسطيني الفلسطيني و بالتالي توحيد قرارهم و كلمتهم، فإني على يقين، و أنّ ذلك سيكون بمثابة الرصاصة الأخيرة في جسد هذا الكيان السرطاني الخبيث؟ و الدليل واضح في أهمية و قدرة الفلسطيني و صبره و إرادته لدحر هذا العدو في أقصر مدّة من الزمن، بدليل ما حققته المقاومة من إنجازات ذات يوم 7 أكتوبر 2023 و في وقت وجيز من الدخول إلى عمق الأراضي الفلسطينية، وما تكبدته من خسائر في الأرواح و الأسرى لهذا العدّو، و بالتالي فضحت هشاشة و كذب هذا الكيان، على أنّه القوة الضاربة في الشرق الأوسط التي لا تقهر؟ بالرغم ما تكبده الشعب الفلسطيني من خسائر أيضا باهظة في الأرواح والبنى التحتية والمساكن. و السؤال الأهم هنا، هل يتوحد العرب حول قضيتهم المركزية فلسطين و يستغلون الفرصة السانحة ليراجعوا حساباتهم و بالتالي الوقوف وراء المقاومة دعما و مؤازرة؟

العدو الأكبر

هل سينتهي الانقسام الفلسطيني الفلسطيني كشرط أساسي، ليجابهوا معا بقلب واحد وسلاح واحد وقرار واحد هذا الأخطبوط السرطاني؟ فقط يمكن القول أخيرا، و أنّ عدونا ليس ايران كما تسوّق لنا ذلك الجهات الغربية – و إن اختلف المشارب و المواقف حولها – بل دعنا نقولها و أنّ عدّونا الأكبر هو الكيان الصهيوني؟ فهل فهم العرب و المسلمون الرسميون هذا الواقع لأنّ الشعوب فهمت المعادلة و هي على قلب رجل واحد مع اخوتهم الفلسطينيين؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى