الصريح الثقافي

إعدادية غزالة تفوز وتمثّل ولاية بنزرت في الملتقى الوطني للمسرح المدرسي

مواكبة: الأمين الشابي

عاش تلامذة الإعداديات والمعاهد الثانوية لـ ولاية بنزرت على وقع الملتقى الجهوي للمسرح المدرسي وذلك يوم أمس السبت الموافق لـ 27 أفريل 2024 بالمركب الثقافي الشيخ ادريس ببنزرت.

وكان الانطلاق بكلمة ترحيبية و وضع هذا الملتقى في إطاره من قبل السيد محمد علي كرموس، رئيس مصلحة التنشيط الثقافي، بمندوبية التربية ببنزرت. لـ يليه كلمة مندوب التربية، محمد الكسوري، و الذي جاء فيها بالخصوص ” هذا الملتقى الجهوي للمسرح المدرسي سيكون مختلفا على سابقيه لأننا نعيش ظرفا مختلفا و للأسف استشرى فيه العنف المدرسي، وعبر المسرح يمكن تحويل اجرام الشبيبة إلى تحسين العلاقات بالمدرسة وبالتالي التخفيف من حدّة ظاهرة العنف…

وأيضا عبر آليات أخرى على غرار لجان الاستماع من أجل تحسين النتائج. ليختم كلمته بالقول معا ممكن أن نتقدم وأساتذة المسرح بالخصوص في مقدمة رجال التعليم من أجل تغيير السلوكيات لدى التلميذ و ذلك عبر الأنشطة الثقافية و الملتقيات و هي في صلب العمل التربوي ” .

9 مؤسسات تربوية

وقد شارك في هذا الملتقى 9 مؤسسات تربوية ( 5 إعداديات و 4 معاهد ثانوية بينها معهد ثانوي خاص ” نحو المجد ” ) بأعمال مسرحية من تأطير أساتذة في المسرح. والقاسم المشترك في جلّ هذه الأعمال تناولها لما يحدث اليوم على الساحة الفلسطينية من حرب مدّمرة يشنها الكيان الصهيوني على الفلسطينيين. وقد تكونت لجنة التحكيم بهذه المناسبة من الأساتذة في مادة المسرح، محمد شوقي خوجة و عبد السلام فارس و طارق الوسلاتي. وكم وددنا لو أضيف إلى هذه اللجنة أستاذ في العربية أو أديب أو شاعر وصحفي، ليكون النظر في مضامين هذه العروض من أكثر من زاوية.

عناوين مختلفة وحدتها قضية واحدة

” عشق ” لإعدادية الحبيب الحداد بنزرت

حيث شاركت إعدادية الحبيب الحداد ببنزرت بمسرحية ” عشق ” وهي من تأطير الأستاذتين سميّة الأسود (اخراجا) وسعاد المرنيصي (نصا) وللحقيقة نقول وأن هذا العرض نجح إلى حدّ كبير في إيصال ما يعيشه أهلنا بفلسطين من معاناة وتقتيل، خاصة في اختياره بالمزج، بين البث الحي لـ أشرطة وثائقية لما يعيشه أبناء فلسطين وبين ما يبثّه الممثل مباشرة من على خشبة المسرح.
هذا العرض الذي تناول ما حام حول هذه الحرب من شوائب، سواء من خذلان بعض العرب الرسميين لإخوتهم أو ما تعانيه الطفولة في فلسطين من مآسي هذه الحرب. أو التلاعب بالعدالة الدولية. لتقول أحد الممثلات خلال المسرحية ” مع كلّ مولود جديد نعلّمه مع أول رضعة أنّه سيكون مشروع شهيد فداء لفلسطين”.

11
وللحقيقة نقول و أنّ هذا العرض حاز على رضا كلّ الحضور، لما تميّز به من التناسق في كلّ ردهات العرض و عمق في الطرق. وشخصيا كنت أتوقع له التتويج لتمثيل ولاية بنزرت في الملتقى الوطني للمسرح المدرسي الذي سينتظم لاحقا بولاية الكاف ولكن كان للجنة رأي آخر في إسناده جائزة التميز في التناسق العام للعرض المسرحي؟

” طائر الفينيق ” لإعدادية غزالة

هذه المسرحية ـ التّي توجتها اللجنة بالجائزة الأولى لتمثيل ولاية بنزرت بالملتقى الوطني للمسرح المدرسي بالكاف ، تناولت أيضا القضية الفلسطينية ومزجت بين الحلم الفلسطيني الذي يتمنى كلّنا أن يتحقق على أرض الواقع، من حرية واستقلال وكرامة، وبين الكابوس الذي يعيشه الشعب الفلسطيني منذ وعد بلفور 1917 مرورا بسنة 1948 تاريخ غرس الكيان في جسم الشرق الأوسط، ووصولا إلى ما يعيشه اليوم الشعب الفلسطيني من مآسي على كلّ الصعد والمجالات. وقد تمّ تجسيد، خلال هذا العرض، ما تعيشه فلسطين من سياسة التجويع – عبر الأواني الفارغة – وأزمة العطش – عبر القوارير الفارغة أيضا – ليروي لنا شخوص المسرحية أحلامهم الوردية لمستقبل فلسطين، عدا ممثلة واحدة، كانت تبكي بحرقة لما تراه من كوابيس في اليقظة على الساحة الفلسطينية. لتتساءل هذه الممثلة، لماذا الحرب؟ لقد فقدت كلّ شيء أبي .. أمي .. إخوتي .. بيتي .. مدرستي .. ولماذا أطفال فلسطين يعيشون دون غيرهم في أتّون الحرب؟ و لم تكن الحياة عامة كما كان يصفها لنا المعلم ” السماء صافية والشمس مشرقة والعصافير تزقزق”.

” ليلى و الذئب ” إعدادية صلاح الدين الأيوبي رأس الجبل

رغم أنّ القصة معروفة لدى الجميع إلاّ أنّ هذه المسرحية – وهي من تأطير الأستاذ مراد الساكت – نجحت في توظيف قضية العدالة وإمكانية العيش معا حتّى يتمكن العالم من تفادي الأزمات والحروب. فهذه المسرحية التي كانت فنيا في مستوى راق جدا، تمكنت من إيصال الفكرة الرئيسية بأنّه ليس كلّ ما ادعته ” ليلى ” عن الذئب هو صحيح. بل تدعونا هذه المسرحية إلى التعقل والتثبت من أي خبر أو ادّعاء حتى لا نظلم الآخر مرّتين. والأهم أنّها دعت إلى إمكانية التعايش السلمي رغم كل الاختلافات المتعددة والتي يمكن فضها بالحوار ولا غير الحوار بعيدا عن استعمال العنف والتشدد في المواقف.

” حالة نصر ” إعدادية شارع الحبيب بورقيبة بنزرت

مسرحية ” حالة نصر ” والتي فازت بجائزة أفضل أداء فردي وجماعي. وهي من تأطير الأستاذة المسرحية درّة مفرّج، والتي عالجت من خلالها موضوع ” قيمة الوقت ” بطريقة ذكية جدا وبوسائل فنيّة مسرحية راقية، لتقول لنا بأنّ الوقت ثمين وثمين جدّا، وبالتالي علينا حسن توظيفه لفائدة الإنسانية بعيدا عن التوترات والحروب. وتدعو إلى أن يرفع الإنسان رأسه، عبر اكتساب المعارف والعلم وتوظيفها لصالح الإنسانية، لا عبر الحروب والقتل والصراعات، التي لا ولن يكون فيها أي طرف رابحا. وقد تجسد تثمين قيمة الوقت، في الوقت القصير جدا لمدة عرض ” حالة نصر ” مقارنة مع توقيت المسرحيات الأخرى، ولتقرن بذلك القول مع الفعل، وكأنّ لسان المسرحة يمرر لنا رسالة مفادها، ما ينقصنا هو إعطاء قيمة لعامل الزمن والعمل على عدم إضاعته فيما لا ينفع.

عرض تمّ سحبه رغم برمجته

مسرحية المدرسة الإعدادية بتينجة تمّ سحبها في آخر لحظةـ رغم برمجتها في المسابقة. وقد علمنا وأنّ السبب، حسب ما علمنا من بعض الجهات، يرجع بالأساس إلى عدم توفير وسيلة نقل تابعة لمندوبية التربية لجلب التلاميذ وأثاثهم من تينجة لبنزرت ( حوالي 20 كلم ). وهنا نرجو التوضيح من الجهات المسؤولة لحرمان تلامذة أبناء إعدادية تينجة من المشاركة في عرس المسرح المدرسي؟

عرض ” الصرصور والنملة ” لمعهد بوخريص ببنزرت

هذا العرض المتحصل على جائزة التميز في المعالجة الدرامية، يجلبك انتباهك، من أوّل وهلة، عنوانه وذلك إذا ما قارناه بعنوان تلك القصة الموجهة للأطفال ” الصرار و النملة ” و المعروفة حكايتها لدى كلّ الأطفال. وبتوجيه سؤال للأستاذة المؤطرة لهذا العمل السيدة وفاء خزامي حول وجه الشبه بين عنوان المسرحية والقصة الأصلية، أجابت حرفيا ” هي اعادة قراءة للعلاقة القائمة بين النملة والصرصور ولو عبر الاحتكام إلى القضاء ”

مسرحية ” إنسان … ما ” للمعهد الخاص نحو المجد منزل جميل

هذا العرض المسرحي، الحائز على الجائزة الأولى للتميز في النّص، هو من تأطير الأستاذ محمد أمين الزواوي. وقد وغاص هذا العرض في الذات الإنسانية فيما تختزله من تناقضات ضدّية كالخير والشر والعطاء والشجع والحب والكره والإصرار والتراخي. بل نلاحظ وأنّ هذا العرض المسرحي اعتمد على نصوص مسرحية مرجعية، فنجد عطيل و الملك وليرو مكيت ولكن بإسقاطها على الواقع. واحقاقا للحق تميّز هذا العمل برؤية فنّية جميلة تشدّ إليها الأنظار، سواء على مستوى الإخراج المسرحي أو توظيف المتممات المسرحية.

” ضجيج الصمت ” للمعهد الثانوي بمنزل جميل

هذا العرض المسرحي للمعهد الثانوي بمنزل جميل، الذي أراه ضجيجا غير صامت، على عكس ما ذهب إليه عنوان المسرحية، والتي أتت على العلاقة بين التلميذ والأسرة التربوية عموما، وعلى علاقة التلميذ بالتلميذ وعلى كلّ ما يهدد التلميذ من انزلاقات وآفات ومستنقعات لا يعلمها إلاّ الله، وعلى علاقة التلميذ بمحيطه الضيق والواسع. إلاّ أنّه سقط في فخ عدم التعمق في المواضيع المطروحة على كثرتها. وكان من الأجدر اختيار موضوع مميّز والتركيز عليه. لكن ابحاره في أكثر من وموضوع أضاع عليه فرصة التميّز رغم ما أثارة من مواضيع هامة وجريئة، إلى درجة وأنّ أحد المشاهدين علّق على هذا العرض وكأنّه يشاهد مسلسل ” الفلوجة “…

العرض الأخير كان نصيب المعهد الثانوي فرحات حشاد بنزرت

قدم هذا المعهد عرضا بعنوان ” حياة أو موت ” وهو من تأطير الأستاذين نادية الخويلدي ورفيق طليبة. تناول هذا العرض موضوع السعادة في حياة الانسان. فهل يكفي أن نكون من الطبقة الغنّية مالا وجاها لنكون سعداء؟ وهل الطبقة الفقيرة لا تعيش السعادة؟ وما قيمة الحياة إن حضر فيها المال وغاب عنها الحب وكل القيم الجميلة؟ وهل اليأس سببه قلة ذات اليد أم كثرة المال في ظل فراغ روحي يعيشه الانسان؟ ليجيب العرض على كلّ هذه الأسئلة بأن المال خادع خاصة بعد انتهائه. وبالتالي، ودائما حسب المسرحية، العلم وطلب المعرفة هو خير واق لتواصل الحياة بصورة طبيعية على أسس القيم والمبادئ. وكم غني افتقر وكم فقير أصبح غنّيا. هذه تقريبا المحاور التي دارت أحداثها ضمن المسرحية.

جوائز فردية وتوصيات لجنة التحكيم

ليختتم هذا الملتقى الجهوي للمسرح المدرسي ببنزرت، بإسناد الجوائز التي ذكرنا سابقا البعض منها و هي التي أسندتا للفرق، و لنضيف أيضا أنّه تمّ إسناد جوائز فردية لتميز بعض الممثلين في الأداء الفردي، على غرار ياسين القرواشي و آية لسود (غزالة) آلا الهمامي ( بنزرت ) مريم الغنّاي ( رأس الجبل ). هذا و تمّ الإعلان عن بعض التوصيات من قبل لجنة التحكيم تمثلت بالخصوص في : أنّها تثمّن عاليا كل المجهودات سواء من قبل الأساتذة أو التلاميذ أو الإطار التربوي عموما، و تدعو إلى التعمق في اختيار مواضيع العروض و اجتناب الموسيقى المستهلكة و الابتعاد أيضا عن السقوط في العموميات دون التعمق في طرح المواضيع و بالتالي لا يمكن تناول أكثر من موضوع في عرض واحد. كما أبدت اللجنة توصية في إعطاء التلميذ المسرحي أكثر من مساحة وأكثر حرّية للعب على خشب المسرح. وأخيرا نبّهت اللجنة إلى الابتعاد عن الطرح غير البيداغوجي في مضامين المسرحيات.

لابدّ من الشفافية

كلّ عمل بشري يحتمل الخطأ والكمال لله، وحسب اعتقادنا المتواضع لابدّ من إعداد مسبق لمقاييس معيّنة يسند إلى كل مقياس منها عدد من صفر إلى 10 نقاط وعلى لجنة التحكيم اتباع هذه المقاييس وعدد النقاط المعدة مسبقا حسب كل مقياس فنّي / مسرحي تفاديا لكل تأويل جانبي باعتبار ما سمعناه من ملاحظات حول هذه النتائج خاصة من قبل أساتذة مختصين في المادة المسرحية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى