الأمين الشابي يكتب: الحرب الحالية هي المحطة الفاصلة من أن نكون أو لا نكون؟

كتب: الأمين الشابي
كـ عربي متابع لما يجري على الساحة الدولية من حراك وتحديدا على الساحة العربية والإسلامية باعتبار وأنّ 90 بالمئة من هذا الحراك تعيشه منطقتنا العربية و الإسلامية ( فلسطين، العراق، ايران، سوريا، لبنان، مصر، ليبيا، اليمن، السودان …)..
ومحاولة كلّ لاعب (غربي أو شرقي) للسيطرة على عالمنا الأرعن في تفكيره و الفاقد لأي استراتيجية خاصة في ظلّ الفكر المهيمن – عبر الحروب التي يخلقها الآخر في ربوعنا عبر العربدة اللا محدودة من أجل تركيعه و بالتالي بسط نفوذه على كل مقدرات عالمنا العربي و الإسلامي عبر رأس الحربة الربيبة إسرائيل.
مختلفة بكل المقاييس
لكننا نرى أيضا وأنّ كلّ ما عاشته ربوعنا العربية / الإسلامية من حروب سابقة، تختلف بكل المقاييس على الحرب التي يجري رحاها الآن بين إيران والكيان الصهيوني المدعوم من قبل قوى الغرب. و نعتبر هذه الحرب عبارة عن الحلقة الأخيرة لمسلسل الصراع بالمنطقة العربية، بعد أن شهدت ثلاثة حروب سابقة ( 1948 – 1967 – 1973 ) كان الكيان الصهيوني خلالها، سجل بلغة كرة القدم، هدفين في شباك العرب مقابل هدف يتيم. والسؤال الذي يفرض نفس الآن، هل الكيان مازال ذلك اللاعب القادر على ربح المقابلات؟ وهل يمكن للعرب قراءة ما يجري على الساحة الآن كما قرأته دولة باكستان؟ أمّا أنّ العرب “باعوا وروحوا” بما فيها الشهامة والإرادة والنخوة؟
الحرب الحالية ليست كسابقاتها
أمام ما يشهده الكيان الصهيوني من دمار شامل خاصة في تل أبيب والتي لحقت كل المجالات الحيوية تقريبا رغم تفوقه في المجال الجوي، وما يعنيه ذلك من تشابه الصورة بين ما أحدثه هذا الكيان في قطاع غزة من دمار، وما لحق إسرائيل من دمار أكبر عبلا الصواريخ الايرانية.
وهذا في حدّ ذاته ليس بالشيء الهيّن في تاريخ هذا الكيان السرطاني. وهذا ما دفعه إلى طلب النجدة من الحليفة رقم واحد له. هذا الحليف المتردد – ولأول مرّة من الاستجابة لطلب الكيان -، لا لأنّ أمريكا غير قادرة و لكن لأنّها لا تريد أن تجازف بقواعدها بمنطقة الشرق الأوسط و المغامرة بحياة 40 ألف جندي في الإمارات و قطر باعتبارهم سيصبحون أهداف سهلة المنال أمام إيران. ومن هنا يجد الكيان نفسه مورطا من جديد في حرب مع دولة سيادية وهامة مثل إيران.
وبالتالي لا مقارنة بين ما أخذته إسرائيل من حروب سابقة مع بعض التنظيمات ( حزب الله و أنصار الله …). و أمريكا التي أهدرت حوالي 12 تريليون دولار في الشرق الأوسط منذ سنة 2003 و كانت النتيجة 7000 قتيل امريكي خاصة في ظل ديون الولايات المتحدة الأمريكية التي تزيد عن 37 تريليون دولار ( حسب ما دونه الجنرال الأمريكي المتقاعد ” Douglas Macgregor “.)
باكستان فهمت ‘الطرح’ والعرب في غيبوبة
باكستان، يبدو أنّها فهمت ‘الطرح’ ومضامين ومحتويات الكيان الصهيوني، بصفته قاعدة عسكرية متقدمة في يد الغرب. وبالتالي فهمت إلى أين ينوي هذا الكيان الاستعماري الوصول إليه ضمن استراتيجيته.
وخاصة وأنّ المتتبع لهذا المخطط يقف جيدا على أهداف هذا الكيان ومن ورائه ‘ماما أمريكا’، وبالتالي فكل الحروب السابقة حتى تلك التي خاضتها أمريكا ضد العراق تحت يافطة الكذب بامتلاك العراق لـ سلاح الدمار الشامل.
وكذلك اسقاط النظام السوري لبشار الأسد وخوض حرب الإبادة في حق الفلسطينيين عبر الحليفة إسرائيل كلها حلقات ضمن هذا المخطط الغربي / الصهيوني.
بل وأنّ الحرب التي يخوضها حاليا هذا الكيان المجرم ضد إيران يدخل ضمن نفس المخطط وبنفس يافطة الكذب والبهتان، وكأنّه ليس من حق إيران أن تطور مجالها العلمي النووي. والربيبة إسرائيل هي فقط من يمكنها ذلك حتى تتفوق على منطق الشرق الأوسط وتجعل منه مقاطعة صهيونية، بعد أن تمّ تدجين أغلب الأنظمة العربية لتصبح أنظمة متصهينة ومطبعة. وبعد أن تمّ القضاء على الأنظمة العربية الأخرى التي لم ترضخ لهذا الأخطبوط الصهيوني / الغربي على غرار العراق – زمن صدام حسين وليبيا معمر القذافي وسوريا بشار الأسد.
ولم يبق أمامها لبسط نفوذها وفرض ما يسميه الغرب بـ ‘الشرق الأوسط الجديد’ إلاّ عقبة إيران. فكانت الحرب من أجل ذلك، رغم ‘الطريحة’ الكبيرة التي طالت هذا الكيان من القتلى والهدم والقضاء على مجالات حيوية كثيرة في إسرائيل. بعيدا عن التحليلات العقيمة التي تعتقد وأنّ الكيان يخوض المعركة تلو المعركة من أجل الحفاظ على حكومة نتنياهو المتطرفة، بل الأهداف أبعد وأعمق من كرسي الحكم، باعتبار وأنّ الكيان كله ذلك الصهيوني.
متّى يدرك العرب وأن الكيان هو عدوهم الأوحد؟
صراحة لا يمكننا استيعاب ما يعبّر عنه بالنّوم في ‘السمن’ للعرب عموما، على اعتبار اعتقاد أغلبية أنظمتنا العربية، بأن عدوهم الأوحد ليس إيران بل الكيان الصهيوني.
والحقيقة تقول وأنّ كلّ الأنظمة العربية بالنسبة لهذا الكيان على جدول أعماله، فقط المسألة مسألة وقت وذلك إلى أن تينع رؤوسها ويطيب قطافها؟
وللأسف فكل هذه الأنظمة صدّقت ما يروّج لها من قبل سارح البقر الأمريكي بأنّ عدو العرب الأوحد هو إيران؟ والحل حسب هذا الفكر الغربي الخبيث، هو الدخول تحت المظلة الأمريكية لحماية عروش هذه الأنظمة من هذا العدو القادم.
وثانيا تحفيزها حتّى لا نقول دفعها دفعا للتطبيع مع الكيان الصهيوني؟
وكأن راعي البقر الأمريكي لا يقول إلاّ الحق وكلامه و وعوده صادق، ومن هنا هرولت جلّ الأنظمة العربية نحو التطبيع وطلب حماية أمريكا من هذا الغول الإيراني القادم. وانطلت الحيل الخبيثة عليهم.
‘ماما أمريكا’ قسّمت العرب
وبذلك الدهاء قسمت ‘ماما أمريكا’ وحدة العرب وخدمت مصالح ربيبتها الكيان الصهيوني. وإلى الآن تعيش الأنظمة العربية على طعم هذا العسل الممزوج بالسم العزاف. والسؤال هنا، متى ستدرك هذه الأنظمة ذلك المطب التي وقعت فيه؟
ومن هنا نقول إلى كلّ الأنظمة العربية، وهذا ليس من قبيل الدفاع عن إيران بل من أجل أن تصحو أنظمتها العربية من هذه الخدعة الخبيثة و من هذا النوم في العسل. فالمسألة بالنسبة لهذا الكيان ومن ورائه ماما أمريكا مسألة وقت فقط. فلو، لا قدّر الله، أخضعت أمريكا إيران، باعتبار عدم توازن القوى، فإنّ الحروب القادمة ستكون مع كلّ الأنظمة العربية التي بلعت الطعم. وبالتالي سيتم تخييرها بين الذّل والهوان أو طردها وقتلها والإطاحة بأنظمتها.
كلمة الختام
باختصار شديد، على الأنظمة العربية أن تصحو من غيبوبتها وتستغل ما يجري الآن من أجل توحيد صفوفها وكلمتها ومقدراتها، فلا هرولة نحو التطبيع ولا خضوع للسارح الأمريكي ولا غيرها…
وبالتالي تعبّر عن وجودها ما دام الوقت مازال إلى حدّ ما متوفرا وذلك بعيدا عن الكيان والمظلة الغربية. وقتها ستعرف من هو عدّوها الحقيقي؟ السؤال هل سيستغل العرب هذه المحطة التاريخية وربما الأخيرة من أن
‘نكون أو لا نكون’ في ظل الصراعات النفوذ القائمة؟
وهل هذا ممكن في ظل عرب تصهينوا أكثر ممّا نتصور ونعتقد؟ و’لا يغيّر الله ما بقوم حتّى يغيّروا ما بأنفسهم’…