صالون الصريح

الأمين الشابي يكتب: ‘شياطين الغرب’ ومخططاتهم لإزالة دولا عربية بأكملها

chebbi
كتب: الأمين الشابي

الكلّ يعلم ما يجري في عالمنا من حراك وعالمنا العربي في سبات. هدفه إعادة التموقع وجني مكاسب ولو على حساب إزالة دول من الخارطة وإعادة رسم خارطة جديدة، وسائله لتحقيق ذلك، الآلة العسكرية وخلق كائنات مناوئة لأوطانها تحت عديد العناوين واليافطات على غرار ” الديمقراطية’ و “حقوق الإنسان” والدكتاتورية »…

وبالتالي زرع هذه الكائنات لإحداث الفوضى “الخلاّقة” داخل أوطانها، وما الإرهاب إلاّ أحد تجلياته ووسائله في هذا العقد الأخير. بل من مفارقات هذا العصر أصبحنا نرى في الإرهابيين – هذه الصناعة الغربية – ” ثوارا” على الظلم والقمع و بالتالي يمدهم الغرب بالسلاح و التخطيط.

المقاومة أصبحت إرهابا!

ومن جهة أخرى ينعت، نفس هذا الغرب/ المقاومة الحقيقية التي تدافع حقّا على أوطانها بكونها إرهابا وعليه، لا بدّ من قمعه وقتله وسحله ولم لا طمره تحت الأنقاض بكل وحشية، والغاية تبرر الوسيلة. هذا يا سادة عالمنا الذي نعيش أين يتعاون شيطان الغرب مع بائع السلاح الحشيش لتدنيس عالمنا العربي الذي فيه نعيش.

والسؤال المركزي هنا مفاده هل نحن، كعالم عربي، أغبياء إلى درجة نرى أوطاننا تتمزّق وتنهار وتُباع وتُشترى ونحن نتفرج. والآخر الشرير يخططّ لإذلالنا وتقسيمنا وزرع الفتنة بيننا ونحن بدون إدراك ننساق كالدواب نحن مخططاته الجهنمية وكأنّ ذلك مقدّر لنا، وما علينا إلاّ الخضوع؟ ومن هنا كانت للإعلامية الأمريكية ” هيلين توماس” مقال، قبل موتها، كشفت فيه هذه النوايا الخبيثة و المخططات الجهنمية لإزالة أوطان عربية بأكملها.

الإعلامية “هيلين توماس” كشفت مخططاتهم

تقول الإعلامية “هيلين توماس” و هي رئيسة نادي الصحافة الأمريكي، حيث تمّ منع نشر مقالها إلاّ بعد موتها ” لا تصدقوا أن واشنطن تحارب الإرهابيين، لأنّهم دمية في أيدي ” السي آي آي” و تضيف ” إنني أرى أن بريطانيا سوف تستحضر روح البريطاني “مارك سايكس” و فرنسا سوف تستحضر روح الفرنسي ” فرانسوا بيكو ” و واشنطن تمهد بأفكارهما لتقسيم الدول العربية بين الثلاثة و تأتي روسيا لتحصل على ما تبقى منه” و تواصل” صدقوني انهم يكذبون عليكم ويقولون ” أنهم يحاربون الإرهاب نيابة عن العالم و هم صناع الإرهاب و الإعلام يسوّق أكاذيبهم لأنّ من يمتلكه هم يهود إسرائيل”
ومن هذا المنطلق يتضح جليّا وأن ” الخريف العبري” هو أحد هذه الوسائل لتحقيق الهدف وذلك عبر احداث مثل هذه التنظيمات الإرهابية وتمويلها وتسليحها للانقضاض على أوطانها من أجل ” نشر الديمقراطية” ووضع حدّ ” لدكتاتورية” الزعماء العرب وبالتالي إحلال عالم من الحريات وجنّة على وجه الأرض. وقد رأينا ما حلّ بالعديد من الدول العربية تحت ما يسمى بـ »الربيع العربي” من خراب ودمار وسرقة لمدخرات الأقطار العربية وعاش البعض نيران جهنّم. بل ما مازالت البعض من هذه الدول العربية تعاني من ويلات هذا ” الخريف العبري” وما شهدته تونس ومصر وليبيا والسودان وغيرها من الدول إلاّ شواهد على الزعم الكاذب والحريات المبتورة والديمقراطية الزائفة. بل هذا “الخريف العبري” أنتج لنا حكومات وسلطات لا علاقة لها بأوطانها ولا انتماء. وما تعيشه الآن فلسطين وسوريا ولبنان والسودان إلاّ حلقة من حلقات هذه المخططات الشيطانية؟

هل من صحوة لإفشال هذه المخططات؟

ما يحدث الآن منذ “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر 2023 في الساحة العربية هو حلقة جديدة من حلقات تنفيذ مخطط طالما سعى الكيان الصهيوني إلى تحقيقه بدعم كبير من الولايات المتحدة الأمريكية، استغله الكيان لتحقيق حلمه في شرق أوسط جديد وبالتالي تفتيت الوطن العربي لتكون فيه القوّة والتفوق العسكري والاقتصادي لهذا الكيان السرطاني.

وهي مناسبة لنقول وأنّ أمريكا وربيبتها الصهيونية تمكنتا فعلا في بداية تنفيذ هذا المخطط اللعين خاصة بعد النجاح في مهمتهما بسوريا وبالتالي تدمير القدرات العسكرية لهذا البلد الهام في صرح التصدي للأخطبوط الصهيوني، حيث بات الكيان يحتل مناطق شاسعة من سوريا زيادة على هضبة الجولان.
مع تحقيق جزء من تدمير قدرات حزب الله بلبنان فضلا عمّا ألحقه هذا الكيان الصهيوني بمساعدة لا مشروطة من الغرب وعلى رأسه أمريكا من دمار شامل لكامل قطاع غزة واليوم تعيد نفس السيناريو بالضفة الغربية؟

عربدة متواصلة

يحصل كلّ هذا، ولا تزال الدول العربية تراقب وتدرس ما يجري بجوارها بل وفي عقر ديارها من عربدة صهيونية وتتلمس ما يمكن اتخاذه من خطوات للتصدي لهذا الزحف وبالتالي البحث عن حل لاحتواء الموقف عوضا عن التصدي لإيقاف هذا المخطط الجهنمي الذي قد يزيل دولا عربية كاملة من الوجود حسب ما ذكره مقال الإعلامية الأمريكية “هيلين توماس”. في حين تعمل أمريكا، ضمن هذا المخطط، على تقليص النفوذ الإيراني والروسي في المنطقة عبر تحالفات جديدة مع دول المنطقة ومن نتائجها إسقاط النظام السوري.

والسؤال هنا، ما هي بدائل الدول العربية؟ في ظل حلقة الصراعات في المنطقة وتنافس شديد بين القوى العظمى والإقليمية على صياغة مستقبل للشرق الأوسط الجديد؟ فهل القمة العربية والإسلامية خلال شهر مارس القادم قادرة على تقديم الجواب القاطع والبديل لكل ما تعيشه المنطقة من حروب وتنافس وتسلط واستقواء وقتل وتشريد وسجون ومنفى وخراب؟ خاصة وأنّ الضحية الأولى هي فلسطين؟

أي قمة عربية؟

شخصيا لا أعتقد وأنّ القمة العربية قادرة على فعل شيء سوى محاولات بسيطة لإنقاذ من تبقى من كرامة هذه الأنظمة العربية المهترئة أصلا. فلو كانت قادرة لتحركت منذ اليوم الأول والكيان يقتل ويهدم ويعربد في قطاع غزة، ولا نظام عربي رمى بطوق النجاة للفلسطينيين بل لم يقدر حتى على مساعدتهم لا بالوقوف بالسلاح بجانبهم – لا قدّر الله – بل حتى تقديم كسرة خبز وقطرات ماء وبعض الحليب لأطفال فلسطين؟

تعاونوا مع أعداء أمريكا والكيان وانظروا النتائج

فكرة تعاون العرب مع أعداء أمريكا والكيان الصهيوني دائما ما تسيطر على فكري. وبالتالي ماذا سيحدث لو اقتربت مثلا دول الخليج وبقية الدول العربية من إيران و جنوب افريقيا و اسبانيا و مع كل الدول المحبة للسلام و التي ترفض هذه العربدة و الهيمنة الصهيو / أمريكية؟ أتمنى أن يكون ذلك أحد مخرجات هذه القمة العربية والإسلامية؟ وثانيا أتمنى عن القمة أن تقول وبصوت عال نحن لا نقبل هذه العربدة الصهيونية ونعتبر في حلّ من كلّ الاتفاقيات مع هذا الكيان الصهيوني وأيضا في حلّ من كل عمليات التطبيع معه؟
وثالثا يكفي أن يتضمن بيان هذه القمّة المنتظرة توجيه تنبيه مفاده بعد اليوم لا ولن نقف مكتوفي الأيادي أمام ما تقترفه إسرائيل من جرائم في حق الإخوة الفلسطينيين بقطع النظر عن انتماءاتهم؟ ولكن والأهم من كلّ ذلك أن يلتئم الشمل الفلسطيني / الفلسطيني فلا فتح ولا حماس ولا الجبهة ولا غيرها بل ما يوحدهم هو القضية الفلسطينية وتحقيق الاستقلال لا غير. وهذا أهمّ ما يخشاه الكيان؟
وعلى أنظمتنا العربية، إن كانت جادة في الحفاظ على كرامتها، أن تعي بأن القوى العظمى تخشى الوحدة العربية والتخاطب بصوت واحد ورأي واحد بل مثل هذه المواقف سيهدد مصالح لا الكيان فحسب بل كلّ القوى العظمى التي تتكالب على عالمنا العربي. أقول كل هذا بحكم ما يتمتع به العالم العربي من أسباب القوّة من موقع جغرافي استراتيجي يمتد من قارتي آسيا وأفريقيا وبالتالي جعله يسيطر على الخليج العربي وذلك عند مضيق هرمز وعلى البحر الأحمر واتصاله بالبحر الأبيض المتوسط عن طريق قناة السويس فضلا عن اتصاله بخليج عدن عن طريق باب المندب. اضافة الى اشرافه على السواحل الجنوبية والشرقية للمتوسط عن طريق مضيق جبل طارق. لأهمية هذا الموقع العربي، تجعل من يسيطر على الوطن العربي فهو يسيطر بالتالي على كل العالم. وهذا حسب اعتقادي أهم أسباب تكالب القوى العظمى على عالما العربي عبر رأس الأفعى الكيان الصهيوني؟

والسؤال الأبرز في خاتمة هذه الورقة، مفاده هل تفعلها الدول العربية والإسلامية خلال قمتها المنتظرة وتريحنا من هذا الأخطبوط الصهيوني ومن يؤازره من الدول العظمى التي لا تبحث إلاّ على مصالحها باستعمال عناوين في جلها غير واقعية كـ الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان وهي يافطات ظاهرها جميل وباطنها يقطر سمّا قاتلا.
فهل تفعلها دولنا العربية بل أنظمتنا العربية وتقلب الطاولة على من يتربص بنا بأخذها قرارات حاسمة؟

أرجو ألاّ أكون أحلم أو يتهيأ له…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى