صالون الصريح

نوفل سلامة يكتب: من وعد بلفور إلى وعد ترامب..ومخطط تصفية القضية الفلسطينية

slama
كتب: نوفل سلامة

تمر اليوم القضية الفلسطينية ومعها الشعب الفلسطيني بأصعب فترات التاريخ وأدق مرحلة في مسار النضال من أجل تحرير الأرض الفلسطينية من الاحتلال الصهيوني…

ويعرف اليوم الملف الفلسطيني الموضوع أمام المحافل الدولية منعرجا مفصليا بقدوم دونالد ترامب على رأس الإدارة الأمريكية و انحيازه الكامل للرؤية اليهودية التلمودية في الصراع التاريخي بين الفلسطينيين وإسرائيل وتبنيه للخيار اليهودي القائم على طرد الشعب الفلسطيني وتهجيرهم إلى خارج أرضهم التاريخية وتوطينهم في دول الجوار مصر والأردن..

وعد استعماري جديد

فما يحصل اليوم مع الإدارة الأمريكية الجديدة هو تقديم وعد استعماري جديد يقدمه ترامب بعد الوعد الأول لوزير الخارجية البريطاني اللورد بلفور سنة 1917 بتمكين يهود العالم الذين كانوا يعيشون في شتات أوروبا من وطن قومي لهم فوق أرض هي ليست لهم ويقطنها غيرهم.
اليوم الرئيس ترامب يتحدى العالم ويتحدى كل القوانين والمباديء الكونية التي استقرت عليها العلاقات الدولية ويتحدى القيّم الإنسانية التي دافع عليها الفلاسفة والمفكرون ومنظومة الحقوق والحريات العالمية التي قامت عليها حداثة أوروبيا وفكر عصر الأنوار الغربية التي قدمت وتم الترويج لها على أنها أفضل ما انتجه العقل الغربي وأفضل منظومة ثقافية وقيمية قادرة على تحقيق العدالة والمساواة والإنصاف بين البشر ليسود الأمن والسلام بين المجتمعات.

بكل وضوح وصراحة

اليوم ترامب يتحدث بكل وضوح وصراحة ومن دون احترام للعرب والمسلمين ويعلن عن خطته ومشروعه السياسي لإنهاء الصراع في الشرق الأوسط من خلال مخطط يقوم على فكرة إفراغ قطاع غزة المدمر من سكانه الأصليين واجبار الفلسطينيين على مغادرته في عملية تهجير قسرية نحو إعادة توطينهم في كل من مصر والأردن…

وبذلك يكون للمهجرين حسب زعمه أماكن أخرى يمكن لهم أن يعيشوا فيها بسلام ودون حروبو، أما غزة فسيتم إعادة إعمارها وتأهيلها لتصبح أرضا يهودية تابعة للكيان في تجاهل صارخ للحق الفلسطيني في العيش فوق أرضه التاريخية وفي عملية غير مسبوقة في تاريخ البشرية حينما يجبر شعب على التخلي عن وطنه وأرضه وهويته وجذوره.

خادم للصهيونية العالمية

في الحقيقة إن الخطة الخطيرة التي يعمل ترامب على فرضها على الجميع خدمة لـ مشروع الصهيونية العالمية ومواصلة في تنفيذ الوعد الأول لبلفور انشاء وطن قومي لليهود من دون الفلسطينيين تعود إلى البروفيسور ” جوزيف بيلزمان ” الأستاذ الجامعي بجامعة جورج واشنطن ورئيس المركز للتمييز في الدراسات الاقتصادية للشرق الأوسط وشمال إفريقيا الذي اقترح على ترامب فكرة لتصفية القضية الفلسطينية وإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والقضاء على كل نفس مقاوم والانتهاء مع موضوع الحركات الإسلامية وفكرة الجهاد الديني ضد إسرائيل…

ملخص هذه الفكرة إقناع دول الجوار ودول الحدود مع إسرائيل على احتضان مليوني فلسطيني وقبول كل من مصر والأردن بتوطين الفلسطينيين فوق أراضيها، وبذلك يتم دمجهم و صهرهم مع سكان الدولتين ليتحولوا بعد فترة الى مواطنين عاديين إما تابعين للأردن أو تابعين لمصر وبذلك ينتهي الحديث عن وجود شعب فلسطيني وجنسية فلسطينية ووطن قومي لشعب يُعرف بالشعب الفلسطيني…
والملفت في هذه الخطة أن من كان وراءها يقترح تونس أحد الخيارات التي يمكن تهجير الفلسطينيين إليها في صورة ما إذا رفضت مصر أو الأردن استقبالهم عندها.

خيارات أثبتت فشلها

هذه الاستراتيجية التي تم الكشف عنها تقوم على فكرة أساسية وهي أن الأفكار القديمة التي هيمنت على كل النقاش وقامت عليها اتفاقيات العرب مع الكيان الغاصب لتحقيق تسوية سياسية ترضي كل الأطراف لم تعد متوفرة ولا صالحة اليوم، وهي خيارات جربت ولم تفد في شيء بل زادت من تعقيد الوضع في الشرق الأوسط وأن فكرة حل الدولتين لم تعد مطروحة، وكذلك التعايش بين الشعبين واليوم الخيار الوحيد والذي تدافع عنه أمريكا وتتبناه إدارتها هو حسم جدل أحقية الأرض والتاريخ لصالح إسرائيل واعتبار أن فلسطين أرضا يهودية وأن اليهود لهم وحدهم الأحقية فيها وبذلك نكون مع هذه الرؤية المنحازة أمام مشروع جديد وهو طرد الفلسطينيين من أرضهم وارغامهم على الانتقال للعيش في بلدان أخرى.

طريق حرير جديد

وهو خيار وراءه مشروع اقتصادي خطير تعمل أمريكا وإسرائيل على ارسائه في الشرق الأوسط لمزيد التحكم في اقتصاديات العالم خطوطه العريضة بناء طريق حرير جديد يكون بديلا لطريق الحرير الصيني يبدأ في غزة وينتهي في الهند أحد أهم حلفاء إسرائيل وبناء ميناء بن غوريون لتعويض قناة السويس ومطار جديد يستوعب آلاف المسافرين وربط إسرائيل بالعالم بواسطة خط للسكك الحديدية يمر عبر الأراضي الفلسطينية مع استغلال المقدرات الضخمة من الغاز في منطقة غزة لصالح الاقتصاد الإسرائيلي…
وبذلك تتحول إسرائيل إلى أكبر قوة اقتصادية في الشرق الأوسط وفي الخطة التي اقترحها جوزيف بيلزمان القيام بتغيير جذري في منظومة التعليم باعتماد برامج تعليم يتم استيرادها من الغرب تكون شبيهة بمناهج التعليم والتدريس في الإمارات والسعودية وإنهاء وجود حركة حماس وتعويضها بتيار إسلامي له توجهات صوفية سنية وبذلك يتم بناء مجتمعات عربية هادئة و متعاونة مع إسرائيل ومطبعة معها.

يتوّعد بالفوضى

هذا ما ينتظر الفلسطينيين والعرب وهذه هي الخطة الأمريكية الصهيونية بخصوص الملف الفلسطيني وهذه هي الرؤية التي يعمل الرئيس الأمريكي فرضها على الجميع مستغلا الإعانات المالية التي تقدمها أمريكا لدول المنطقة ومهددا بقطعها في صورة رفض العرب تهجير الفلسطينيين وإعادة توطينهم خارج وطنهم التاريخي ومتوعدا بإحداث الفوضى وتعريض الحكومات العربية الى عدم الاستقرار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى