إسلامنا الجميل

إسلامنا الجميل: صور جميلة من إعجاز القرآن الكريم…

mohamed mokhtar jomaa
كتب: محمد مختار جمعة

تحدث القرآن الكريم عن النوم ومفرداته، حديثا غاية فى الدقة والبلاغة، استخدمت فيه كل مفردة فى مكانها الذى لا يسد مسدها فيه غيرها، بحيث يقتضيها المقام والسياق دون سواها، ومن ذلك:

1- كلمة «سِنَةٌ» فى قوله تعالى: «اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ».

والسنة هى أدنى من الإغفاءة التى تسبق النوم، وتكون بمثابة مقدمته المؤذنة بدخوله، وقيل: هى مقدمة النعاس الذى هو أخف من النوم، ويكون بمثابة مقدمته، فهى بمثابة مقدمة المقدمة للنوم، ولا يكون فيها غياب للإدراك، بخلاف النوم، وقد ذكرت فى هذه الآية ولم تذكر فى أى موضوع آخر من القرآن الكريم تنزيها للذات العلية عن توهم لحوق أى سِنة بها، وهو ما لا يكون فى جانب البشر الذين يرد عليهم النوم بمختلف مراتبه.

وقُدِمَتْ السِّنَةُ على النوم لأنها تسبقه، فلا يلحقه سبحانه النوم ولا مقدماته، ولو اكتفى بذكر النوم دون السِّنَةِ لما أفاد النص نفيها، ولو اكتفى بذكر السِّنَةِ دون النوم لما كان النص قاطعا فى نفى النوم الذى قد يأخذ صاحبه فجأة دون مقدمات، فاقتضى المقام نفى السِّنَةِ والنوم معا عن ذاته العلية.

2- كلمة النعاس فى قوله تعالى: «إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ»، والنعاس بداية النوم ومقدمته، وليس نوما عميقا، وقال بعضهم: النعاس يكون لإغفاءة العين دون غياب الإدراك بخلاف النوم، ومع ذلك فإن النعاس رغم خفته تعقبه إفاقة تجدد النشاط والحيوية، وهو ما يناسب مقام هذه الآية الكريمة التى نزلت فى أهل بدر تهدئة لنفوسهم، فأصابهم نعاس خفيف مجرد إغفاءة أعقبتها إفاقة ويقظة، إذ النوم العميق لا يناسب حال المقاتلين ولا ساحة القتال التى تقتضى اليقظة والانتباه.

3- الهجوع: النوم بالليل خاصة وهو نوم خفيف وقد يكون اضجاعا أشبه بالاستراحة من غير نوم، وقيل هو نوم خفيف متقطع، ومنه قوله: «كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ»، أى أنهم لا ينامون من الليل إلا قليلا، وفى الحديث الشريف: «أحبُّ الصَّلاةِ إلى اللَّهِ عزَّ وجلَّ صلاةُ داودَ علَيهِ السَّلامُ كانَ يَنامُ نصفَ اللَّيلِ ويقومُ ثلُثَهُ ويَنامُ سُدُسَهُ»، وهو نوم متقطع ليس متصلا.

4- القيلولة: وهى نوم الظهيرة، أو النوم فى منتصف النهار أو وسطه، ومنه قوله تعالى: «وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ»، أى أتاهم الهلاك على غفلة وقت استراحتهم دون أن يحسبوا له حسابا أو يعدوا له عدة.

5- الرقاد: وهو النوم الطويل، ومنه قوله تعالى: «وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُود»، وهو الذى يناسب حال أهل الكهف لطول مدة نومهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى