صالون الصريح

مذكرات فؤاد المبزع الرجل الذي حكم أخطر مرحلة عرفتها الثورة التونسية: الثورة بين مخاوف التأسيس ونزوع الحكم (3/ 7)

slama
إعداد: نوفل سلامة

نصل مع مذكرات الرئيس الأسبق فؤاد المبزع إلى اللجان الثلاث التي تشكلت وهي لجنة الإصلاح السياسي واللجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الرشوة والفساد ولجنة التجاوزات التي حصلت زمن حكم بن علي؟

بخصوص هذه اللجان يؤكد أن لجنة تقصي الحقائق هي من دقّق في الوثائق التي كانت بقصر قرطاج وعثرت على قائمة المناشدين لـ بن علي لانتخابات 2014 الحملة التي قادها صهره من خلال الإعلام يقول: الرأي العام لم يكن على علم تام بما كشفته لجنة عبد الفتاح عمر، وهذا التصرف هو صورة أخرى من صور توظيف الحزب للكفاءات وإطارات الدولة وتوريطهم في مسألة المناشدة..

يعتبر أن تونس دخلت مرحلة جديدة من تاريخها من خلال طبيعة الحكم الذي تشكل ومن خلال إصدار المراسيم التي كانت بيد رئيس الجمهورية، والتي امتدت من شهر جانفي 2011 إلى آخر السنة وقد شهد بأنها لم تكن بواعز شخصي ولا حزبي ولا في مصلحة النظام القديم وإنما تحت وعي مطالب الثورة و استجابة وتلبية لمطلب الشارع والمحتجين وصدى لكل النقاشات التي كانت تدور في هيئة عياض بن عاشور و القصبة 1 والقصبة 2 ولم تكن في سياق استعادة النظام القديم…

أخطر مرسوم

فالبلاد قد حصلت بها ثورة وكل المراسيم قد تم اتخاذها بإجماع مجلس الوزراء وهنا يأتي الحديث عن أول مرسوم صدر بعد الثورة وخلّف إلى اليوم جدلا كبيرا لم ينته يتعلق بالمرسوم عدد واحد الذي أقر العفو التشريعي العام المطلب الحقوقي القديم لإرساء حياة ديمقراطية فيها اعتراف بالاختلاف ولكن ليس الاختلاف عن الدولة.

خطأ جسيم

يقر بأن هذا المرسوم المثير للجدل تم اتخاذه بالتشاور بينه وبين محمد الغنوشي الوزير الأول والأزهر القروي وزير العدل آنذاك، ولم يستثن أي فرد بما في ذلك المحكوم عليهم في قضايا الإرهاب من جماعة سليمان وآخرين، واليوم لا يُخفي الرئيس الأسبق ندمه عن هذا الخطأ الذي ارتكب وهذا الطلب الذي كان مطلب المحتجين في القصبة 1 و القصبة 2 والكثير من السياسيين وصرح في هذه الشهادة أنه لم يشارك في صياغته ولكن بهذا المرسوم تم إطلاق سراح جميع سجناء الراي ‘بوه على خوه’…

لخبطة في الداخلية

تحدث الرئيس فؤاد المبزع عن قدوم فرحات الراجحي إلى وزارة الداخلية وكيف عرفت هذه الوزارة معه أياما صعبة ولخبطة ومشاكل وتمرد الأمنيين على وزيرهم، وما أثاره من فتنة ـ والقول له ـ بسبب كل الإجراءات التي اتخذها من ذلك إقالة 42 قياديا أمنيا من مناصبهم بتعلة أنهم كانوا من أعوان بن علي وقرار حل جهاز أمن الدولة وجهاز الاستعلامات إضافة الى حل حزب التجمع الدستوري الديمقراطي، وقد كان المبزع منزعجا من كل هذه القرارات معتبرا أن الراجحي قد ارتكب أكثر من هفوة وجعل القيادات الأمنية عرضة للابتزازات الكثير منهم أنصفتهم المحكمة الإدارية، وقد تردد أن الإقالات كانت وراءها الناشطة الحقوقية سهام بن سدرين، لكن الراجحي كذّب ذلك وقال بأن القرار كان مطلبا جماهيريا أما حل جهاز الاستخبارات فكان في فترة حكم الباجي قايد السبسي الذي حل محل محمد الغنوشي…

تحدث المبزّع عن استقالة محمد الغنوشي بعد أن أصبح عمله في الحكومة صعبا أمام ازدياد التهديدات من المحتجين في القصبة 2 التي أصبحت شعاراتها أكثر قوة ووضوحا من القصبة 1 خاصة بعد أن وجّه أحد المحتجين في التلفزة تهديدات صريحة إلى محمد الغنوشي عندها قرر الوزير الأول آنذاك الاستقالة رغم محاولة فؤاد المبزع ثنيه عنها وبرحيله وانسحابه من الحياة السياسية تكون البلاد قد خسرت ـ حسب رأيه ـ كفاءة عالية اسمها محمد الغنوشي…
فكان التفكير في الباجي قائد السبسي لعدة اعتبارات وميزات موجودة فيه وكان قدومه قرارا مباغتا للطبقة السياسية وقادة الاتحاد الذين لم تقع استشارتهم، وهو قرار يقول فؤاد المبزع أنه لم يستشر فيه أحدا وتمت العملية بسرعة تفاديا لحصول الفراغ المخطر في تلك الأيام…

يقول المبزع لقد كنت وراء هذا الاختيار الذي قبله الباجي دون تردد وبقدومه عرفت البلاد تغيرا من ذلك بداية تهاطل مطالب الحصول على التأشيرات لتكوين الأحزاب والجمعيات والمنظمات بعد أن كان أغلبها ممنوعا، وحصل انفجار كبير في التنظم الحزبي والجمعياتي حتى بلغ العدد حدود 200 حزب سياسي بعد تصحر دام عشرات السنين..
كما تغيرت العلاقة والتعامل بين الوزير الأول ورئيس الجمهورية حيث صرح المبزع أن الباجي لم يكن يشاركه ولا يعلمه في الكثير من القضايا على عكس محمد الغنوشي الذي كان متعاونا بالكامل من ذلك ذهابه إلى مؤتمر السبعة ومجموعة العشرين من دون إعلام رئيس الدولة، وكذلك موقفه من هيئة تحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي التي كانت بمثابة برلمان مؤقت ومصغر (انتهت إلى 150 عضو ) يراها الباجي غير مستقلة وهي في نظره غير معنية بالمشاركة في الحكم أو بدراسة مشاريع المراسيم على عكس ما كان يراه محمد الغنوشي…

‘حتى حد ما يحكم معايا’!

وكلنا يتذكر التصريح الشهير للباجي الذي قال فيه ‘حتى حد ما يحكم معايا’ وفي كلمة لم يكن الباجي متعاونا معي ولا مشاورا للرئيس والهيئات الموجودة في تلميح من الباجي إلى إنكاره أن المبزع هو من كان قد اختاره لهذا المنصب…
وبدأ الباجي قايد السبسي يتصرف بصفة منفردة من ذلك إقالته لوزير الرياضة محمد علولو وتعويضه بسليم شاكر وعدم إشراك وزير الفلاحة مختار الجلالي في أي اجتماع وزاري..
يقول المبزع: لم يعلمني بما حصل بعد رجوعه من اجتماعه بمجموعة السبعة والعشرين واعتبر هذا السلوك من الباجي نوعا من الجحود والنكران في الوقت الذي كنت قد جعلت منه ملكا بعد أن كان منسيا، وقد غادر عالم السياسة منذ عشرية كاملة مع التذكير بأن الباجي لم يدع فؤاد المبزع إلى حضور أي موكب لما كان وزيرا أولا…
هذا الأمر هو لافت ومحيّر فهل كان ذلك بسبب أنه علم أن النهضة سوف تجعله مرشحها للرئاسة وهي تعلم أنها سوف تفوز بالانتخابات 2011؟ أم هي مواقف من الباجي بسبب خلفيات شخصية ومن وراء خلفيات أخرى؟
وللمقال صلة..

طالع أيضا الجزء الأول: مذكرات فؤاد المبزع الرجل الذي حكم أخطر مرحلة عرفتها تونس: الثورة بين مخاوف التأسيس ونزوع الحكم (1/ 7)

طالع أيضا الجزء الثاني: مذكرات فؤاد المبزع الرجل الذي حكم أخطر مرحلة عرفتها تونس: الثورة بين مخاوف التأسيس ونزوع الحكم..(2/ 7)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى