صالون الصريح

محمد الحبيب السلامي يحب أن يفهم/ علم عاش في صفاقس ثم ودع: المتفقد أحمد صفر

sallami
كتب: محمد الحبيب السلامي

هذا العلم البيداغوجي أحمد صفر ولد في 3 ديسمبر 1906 بالمهدية وطوى مراحل التعلم بنجاح، وتكوّن بمدارس الترشيح ودخل المدارس معلما ثم دخل المدارس مفتقدا بصفاقس فقضى في هذه المسؤولية سنوات، سجل فيها صفحات تاريخية تُذكر ولا تُنسى…

تاريخ التفقد

من هنا أنطلق لأتحدث عن تاريخ التفقد في التعليم بتونس فقبل عهد الحماية كان التعليم مركّزا على التعليم بجامع الزيتونة والكتاتيب، ولم يكن أحد يراقب هذا وذاك…
في القرن التاسع عشر فكر الباي في مراقبة وتوجيه المؤدبين بتونس العاصمة، فعيّن من رجال الدولة موظفا يراقب الكتاتيب يسمى (الشاوش)، وفي عهد أحمد باي الأول عين على التعليم بجامع الزيتونة نُظّارا يراقبون المدرسين، ولكن لم تحقق هذه النظارة نتائج…
وفي عهد محمد الصادق باي وقبل عهد الحماية صدر منشور بتعيين متفقد للتعليم، في عهد الحمايةً تأسست مدارس فرنسية ومراقبتها عيّنت السلطة متفقدين يتفقدون مدرسي اللغة الفرنسية، ولما تأسست المدارس القرآنية وكثُرت بُعثت سنة 1008 في صلب إدارة المعارف التي يديرها مدير فرنسي تفقدية المدارس القرآنية…وتعيّن فيها متفقدون لزيارة تلك المدارس.

المتفقد أحمد صفر

ومن هنا ظهر في صفاقس أحمد صفر متفقدا معلمي اللغة العربية وإدارات المدارس القرآنية، كان المتفقد أحمد صفر يزور المعلمين ويوجههم، ويعطي المعلم الذي يزوره عددا وفق كفاءته في تدريس دروسه.. وكان لعدد التفقد وزنه فهو يساعد على ترقية المعلم في وظيفته وترقية المعلمين كانت كل ثلاث سنوات لكن قد يرتقي خلال سنتين إذا تحصل من المتفقد على عدد عال…
ولذلك كان المعلمون يتبادلون التهاني إذا تحصلوا من المتفقد في زيارته على عدد أعلى، والمتفقد أحمد صفر قد ينزل بالعدد تسجيلا لعدم رضاه بـ عطاء المعلم والمتفقد كان هو الذي يزور المعلم لترسيمه وتثبيته معلما… والمتفقد أحمد صفر كان يسافر ليطلع على التدريس في مدارس بعض الدول وما يراه ويجد فيه ما يفيد نقله ونشره بين المعلمين، من ذلك أنه وجد المعلمين يقدمون دروس الأناشيد والمحفوظات مصحوبة بعزف المعلم على عود أو كمنجة فدعا المعلمين إلى تعلم العزف على العود ووعدهم بأنه يكافئ المعلم العازف بعدد، فتشجع كثير من المعلمين وتعلموا العزف على العود من طرف وناس كريم وعلي شلغم…

المتفقد أحمد صفر نشر في مجلة التعليم مذكرات عملية استفاد منها المعلمون، وألّف مع الصادق السبعي كتابا للتدريس عنوانه (كتاب القراءة واللغة العربية)، ألف للمعلمين والتلاميذ سلسلة كتب عنوانها (الرياض)، ألّف كتابا للمعلمين عنوانه (مدنية المغرب العربي) جمع صورا في التاريخ ووضعها في صناديق تُباع في الكتبيات وتساعد على تدريس التاريخ…

مواقف وطنية

أحمد صفر شقيق المناضل السياسي الطاهر صفر كانت له في صفاقس مواقف سياسية وطنية منها أن بورقيبة لما زار صفاقس سنة 1949 وقرر زيارة المدارس القرآنية، طلبت منه سلطة الحماية منع بورقيبة من هذه الزيارة لكنه لم يمنعه فلامته السلطة لما حدث خلاف بين عائلة اللوز بصفاقس والزعيم الهادي شاكر تدخل وجمع في بيته بين الطرفين في سهرة انتهت بتصفية الأجواء والقضاء على الخلاف ومباركة بورقيبة…
وفي جوان 1965 وسّم بورقيبة المتفقد أحمد صفر كما نرى في الصورة..

ودع الدنيا

في 26 أوت 1988 ودع المواطن المربي المتفقد أحمد صفر الدنيا فودعته أسرته وودعته صفاقس والمهدية بالرحمة وحسن الذكر فبماذا سيذكره الأصدقاء لنزداد به معرفة وفهما وأنا أحب أن أفهم؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى