محمد الحبيب السلامي يحب أن يفهم/ رجل عاش في صفاقس ثم ودع: محمد بن محمود بن حمودة المزغني

كتب: محمد الحبيب السلامي
هذا العلم من عائلة المزغني وعائلة المزغني من العائلات الأصيلة الأصلية بصفاقس…هذا العلم لما ولد وتهيأ للتعلم تعلم وأخذ حظا من العلم والثقافة فكان رجلا اجتماعيا…
هذا العلم لأنه صفاقسي وصفاقس بلد الفلاحة والصناعة، فقد مد يده للفلاحة للشجرة للزيتونة يرعاها وقد رأيته بعيني في سنوات الجفاف يزورها ويرعاها لتبقى حية… ولأنه صفاقسي فقد مد يده للصناعة صناعة الصابون وقد اشتهرت صفاقس بصناعة الصابون، ويقال إن التونسي ابن العاصمة التونسية إذا تعرّف على صفاقسي وصادقه فإنه يفرح بالصفاقسي حين يزوره وينتظر منه هديةً من ثلاث اشتهرت بها صفاقس وهي اللوز وزيت الزيتون والصابون…
صناعة الصابون
وعن الصابون في صفاقس أذكر وأتذكر أن المرأة الصفاقسية كانت في بيتها تصنع الصابون فهي تتخذ من الجرة العربية الكبيرة نصفها الأعلى فتضعه مقلوبا عاليا في ركن من حوش الدجاج وتملأه برماد الغسول… والغسول نبتة أوراقها ندية خضراء تمتد بكثرة في المقابر وقرب الطوابي، فإذا حُصدت تُركت حتى تجف فتُحرق فتتحول إلى رماد يصب في نصف الجرة ويسقى بالماء مرارا ليتقاطر منه (دهان الغسول) الذي تجمعه المرأة فإذا جمعت منه ومن زيت قلي بعض الأطعمةً خلطت هذا مع ذاك في قدر نحاسي كبير يسمى (القازال) تضعه تحت كانون كبير فيختلط هذا مع ذاك ويتكوّن منه صابون…
وتتكرر العملية مرتين أو ثلاثا ومنه تصنع المرأة صابونا في شكل كرات لغسل الأيدي أو قطعا مكعبة لغسل الثياب، صاحبنا العلم محمد المزغني كوّن مصنعا خلف مستشفى صفاقس يصنع فيه الصابون من الزيت ومن الغسول والصودة ويُخرجه في قوالب طويلة، هي في الغالب خضراء وقد تكون بيضاء وهو من المصنع ينتج الكثير…
اشتهر بين الناس
ولذلك صار يباع في المتاجر في كل ولاية فقد اشتهر بين الناس (صابون المزغني) وهو أول من اتخذ من الصابون صناعة وكوّن لها مصنعا ولأن صناعة الصابون طيعةً يمكن أن يتولاها واحد فرد كصاحبنا المزغني، فإن هذه الصناعة يمكن أن تتولى أمرها الجماعة ولذلك أسّس بعض الصفاقسيين مصنعا سموه (صاتوب) ينتج صابونا أبيض وحداته مكعبة فاشتهر بين الناس والتجار وتأسست في صفاقس مصانع أخرى تصنع الصابون، ولكن بقي صابون المزغني في قوالبه الطويلة الخضراء مطلوبا إلى أن توفاه الله في 21 جانفي 1995،وقد ترك ذرية طيبة من بنات وبنين فودعته أسرته وأحبابه وصفاقس بالرحمة وحسن الذكر…
وقد لحق به منذ مدة ابنه الأستاذ المربي محمد زوج السيدة الفاضلة سميرة السلامي…فبماذا سيذكرهما الأصدقاء لنزداد بهما معرفة وفهما وأنا أحب أن أفهم ؟؟؟