صالون الصريح

نوفل سلامة يكتب: نهاية حسن نصر الله وسؤال المقاومة والمستقبل؟

slama
كتب: نوفل سلامة

الحدث البارز في الأيام الأخيرة والساعات الأخيرة كان العملية العسكرية النوعية التي قامت بها المؤسسة العسكرية الإسرائيلية وجيشها للطيران الحربي، الذي سدد ضربة نوعية من خارج حدود الدولة اللبنانية…

ومن دون أن يدخل الأجواء اللبنانية بتوجيه صواريخ متطورة وذخيرة عالية الانفجار قادرة على اختراق أي مكان تحت الأرض، أودت بحياة قائد المقاومة اللبنانية والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الذي كان متواجدا في مقره الأرضي بعد أن كان من المنتظر أن يحصل اجتياح بري لقرى الجنوب اللبناني ومواجهة على الأرض بين المقاومة اللبنانية وجيش الاحتلال الاسرائيلي…

ضربة مفاجئة

غير أن عنصر المراوغة كان في توجيه ضربات جوية على مقرات حزب الله وأماكن تواجد قادة المقاومة في استراتيجية تم الاتفاق عليها مع أمريكا التي أوصت بعدم الدخول في حرب مباشرة، وبدلا عن ذلك تصفية العناصر البارزة والمؤثرة..وهكذا تضعف المقاومة وهذا ما حصل وشاهدناه بعد أن اغتالت دولة الاحتلال العديد من القادة سواء في سوريا أو إيران أو فلسطين أو لبنان…

الحديث كان حول القدرات المتطورة التي بات يكتسبها الجيش الإسرائيلي فبقدر ما طورت المقاومة سواء في فلسطين أو في لبنان قدراتها القتالية وامكانياتها الحربية، فانه بالقدر نفسه قد طورت دولة الاحتلال نفسها واكتسبت قدرات قتالية عالية الجودة والدقة..
وهي مسألة غالبا ما نغفل عنها لـ نركز الحديث عن قوة المقاومة وكيف اكتسبت تجربة في القتال، وكيف طورت إمكانياتها الحربية وباتت جاهزة لمنازلة جيش دولة الاحتلال فهذا الخطاب على أهميته وعلى مصداقيته ونجد له أثرا على أرض الميدان و شاهدناه في غزة بعد عملية طوفان الأقصى يحتاج إلى تنسيب بعد العملية العسكرية الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت حسن نصر الله…

تكنولوجيا متطورة

وأوضحت أن إسرائيل قد استعملت في عمليتها الأخيرة كل ما توصل إليه العقل البشري من تكنولوجيا متطورة، وكل ما حصل من تقدم في مجال التقنيات الحربية والعسكرية حيث استعملت في استهداف الأمين العام لحزب الله طائرات حربية متطورة إف 35 الأمريكية، التي بإمكانها أن تتوقف عن السير في الجو بالقرب من الحدود اللبنانية لتطلق صواريخ موجهة بدقة للهدف المرصود من دون أن ترصدها الرادارات وأجهزة المراقبة…
رغم أن هناك شك في الجهة التي أطلقت الصواريخ التي استهدفت مقر حسن نصر الله حيث يرجح أن يكون الطيران الحربي الأمريكي هو من قام بالعملية ـ فضلا عن أن العملية قد سبقها تخطيط محكم و اختراق أمني كبير يدعو إلى الحيرة حيث تم تقسيم الضاحية الجنوبية وشوارعها الى مربعات أمنية وادخلوا مجموعات مختصة استعملت أعلى التقنيات و الذكاء الاصطناعي وحصل التواصل بين هذه المجموعات التي مهدت الأرضية مع القيادة العسكرية في تل أبيب من دون أن ينكشف أمرها، وبهذا نفهم كيف أمكن لإسرائيل القيام بكل تلك العمليات التي اغتالت قادة المقاومة في أي مكان وفي أي توقيت تحدده…

تشكيك في المقاومة

المشكل الذي أثاره حدث اغتيال حسن نصر الله والطريقة التي تم بها استهدافه وما تبعه من صمت عربي وتواطؤ بعض الحكومات ومباركة غربية وأمريكية في النقاش الذي لم نكن نسمعه من قبل والحديث والتحاليل التي كنا ننسبها في السابق إلى أعداء الأمة و يتبناها المثقف الوظيفي الذي يخدم مصالح اسرائيل، ونبّه إليه المفكر عبد الوهاب المسيري، المشكل في خروج أصوات عربية تشكك في جدوى المقاومة وتشكك في حاجة لبنان والمنطقة إلى تيار مقاوم وتعتبر أنه لا يوجد مشكل بين لبنان وإسرائيل يحتاج كل هذه المقاومة، وهذا التعقيد الذي بات عليه الوضع اللبناني..

وهي أصوات استغلت اغتيال حسن نصر الله لتعلن أن اللبنانيين كانوا يتحدثون بأنصاف الحلول وأنصاف الأفكار واليوم بعد استهداف الضاحية في وضح النهار من دون أي ردع للصواريخ الإسرائيلية فإن الوضع لا يمكن أن يتواصل أكثر في الحديث عن مقاومة غير قادرة على حماية نفسها…
أصوات سمعناها على مدار الساعات التالية لاستشهاد حسن نصر الله على قنوات عربية موالية لإسرائيل تقول أن لبنان لا يحتاج إلى مقاومة غير قادرة على حماية نفسها، فكيف لها أن تحمي لبنان وتنتقد خطاب المقاومة الذي يعتبر أن المقاومة اللبنانية هي جزء من سيادة لبنان وتقلل من قوة المقاومة وقدرتها القتالية وتعتبرها ‘ظاهرة صوتية’… وأن الشعب اللبناني قد تعب من هذه الحرب التي لا تعنيه مباشرة وتعب من هذه المقاومة التي لن تقدر حسب ظنها على فعل أي شيء لقلب موازين الصراع وتغيير معادلات القوة خاصة و أن الأمر قد بات من الوضوح الذي جعل إسرائيل قد تطورت عسكريا ولم تعد كما كنا نعتقد غير جاهزة وغير مؤهلة حربيا…

حرب شاملة؟

واليوم هذا الكيان الغاصب قد أرادها حربا شاملة ويعتبر أن معركته اليوم مع تيار المقاومة هي معركة وجود وبقاء وليست معركة من أجل تحرير الأسرى الموجودين في غزة، ويريد أن يُنهي فكرة محور المقاومة في فلسطين ولبنان وإضعاف هذا المحور الذي لم يبق منه إلا المكون الشيعي وهو يعتقد أن أفضل توقيت لجر عدو لا يريد حربا شاملة حينما يعلن هذا الخصم أنه لا يريد هذه الحرب…
وهو الخطاب الذي ردده مع كل أسف كل من قادة إيران وحزب الله حينما أعلنوا أنهم لا يريدون الدخول في حرب شاملة مع إسرائيل تشغل كامل المنطقة، لكن إسرائيل قد استغلت حادثة 7 أكتوبر وقررت الدخول في حرب شاملة لقلب الأوضاع ورسم شرق أوسط جديد وفرض واقع جديد وإدخال الجميع إلى بيت الطاعة دول الموالية ودول الممانعة وفرض واقع تعايش في المنطقة القوة فيه لإسرائيل لذلك فهي تريد نظام حكم في غزة من دون حماس وتريد لبنان من دون حرس ثوري ولا عقيدة حزب الله.

نقطة تحوّل كبرى

أسئلة كثيرة تطرح اليوم بعد اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله الذي قد يشكل استشهاده حسب المحللين نقطة تحول في معادلة الصراع مع دولة الاحتلال في علاقة بمستقبل المحور الذي يقود نهج المقاومة ضد الوجود الإسرائيلي وأسئلة أخرى حول بداية كتابة تاريخ جديد في تاريخ الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، سوف يكون له تداعيات كبيرة على ما يُعرف بالصراع العربي الإسرائيلي لإعادة رسم الأوضاع في المنطقة ورسم واقع جديد يحصل فيه التعايش مع هذا الكيان المزروع في قلب المنطقة العربية بشروط اسرائيل و برؤية القوى العظمى المساندة لها…
هذا كله متوقف على ما ستُسفر عليه عملية إعادة ترتيب بيت حزب الله الذي تلقى ضربة موجعة ورؤية الحزب بعد تعيين أمين عام جديد له وبعد تقييم الوضع والوقوف على نقاط الضعف وهي كثيرة كشفت عنها عملية اغتيال حسن نصر الله…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى