محمد الحبيب السلامي يحب أن يفهم/ علم عاش في صفاقس ثم ودع: حمودة السلامي وجامعه

كتب: محمد الحبيب السلامي
أنتم ترون في شارع الهادي شاكر بصفاقس جامع جمعة…فهل تعلمون من بناه؟ وهل رويتم قصة بنائه التي تروى؟ هو حمودة ابن التاجر أحمد ابن التاجر أبي عبد الله محمد السلامي ولد في القرن الثامن عشر، وتوفي في بداية القرن التاسع عشر…
كان تاجرا
تعاطى التجارة توريدا وتصديرا فكسب ثروة في عهده أحدث الناس في صفاقس الربض الذي يسمى (باب البحر)، ودعا الباي الناس إلى تعمير هذا الربض بما يحتاج إليه الناس ويفيدهم فرأى حمودة السلامي أن الصيادين الذين يرسون بسفنهم على شاطئ البحر ويرتاحون في هذا الربض إلى جامع يؤدون فيه صلاتهم..
قصة الجامع
فبنى حمودة السلامي هذا الجامع وفي بنائه تروى قصة، يروى أن حمودة السلامي اتفق مع جماعة من أهالي صفاقس على القيام بزيارة الباي وتقديم مطالب سكان صفاقس، في الموعد سافروا وسافر حمودة معهم ولما وصلوا تونس ارتاحوا وباتوا وعند الفجر استيقظ وصلى صلاته في ذلك الوقت سمع المنادي يُعلن عن قدوم سفينة محملة بالخشب المعروض للبيع…
رأى حمودة في حمولة السفينة صفقة عليه ألا يفرط فيها، لذلك كان قرب السفينة حاضرا واتفق مع أصحابها فاشترى الخشب وقبل أن يغادر المكان أقبل التجار ليشتروا الخشب فوجدوا الصفقة قد فاتتهم اتصلوا بصاحبها حمودة السلامي فساوموه واشتروها…
تذكر حمودة السلامي الموعد مع الباي فأسرع إليه ولما دخل عليه وجد وفد صفاقس قد سبقوه وتكلم الباي فلامه على تأخره، فقال له معتذرا يا مولاي كنت في خدمة بلد مولانا…قال الباي كيف؟ حدثه عن الصفقة وقال لقد كسبت مالا رأيت أن أقسمه إلى أربعة الربع لبناء مسجد أعمّر به ربض صفاقس والربع الثاني أبني به برجا حربيا على شاطئ بحر صفاقس والربع الثالث هدية لمولانا والرابع لصيانة المسجد ورعاية القائمين عليه…ووضع حمودة المال كله بين يدي الباي فشكره..
دكّت الحرب الجامع
ويروى أن حمودة نفذ ما وعد به وبنى الجامع ورتب له من ماله ما يحتاج إليه الجامع من إمام ومؤذن وقراء وميضة وماجل ويروى أن البناء بدأ سنة 1779 وانتهى بعد ست سنوات وجاءت الحرب العالمية الثانية فدكت الجامع بقنابلها، وفي سنة 1953 تسلم أحمد السلامي حفيد حمودة منحة أضرار الحرب التي حلت بالجامع فأعاد بناءه قرب باب الديوان، وفي غير مكانه الأصلي وبناه فوق متاجر توفر للجامع دخلا يصرف على صيانة الجامع…
ترك تاريخا مشرّفا
ولما حان أجل حمودة السلامي ودع دنياه وترك تاريخا مشرفا يروى في الكتب ومن الكتب نزهة الأنظار في عجائب التواريخ والأخبار تأليف محمود مقديش، فماذا يضيف وبماذا يعلق الأصدقاء على تاريخ حمودة السلامي وقصة بناء الجامع لنزداد به معرفة وفهما وأنا أحب أن أفهم؟