صالون الصريح

صلاح الدين المستاوي يكتب: طرفان يعكران علينا فرحتنا برسول الله صلى الله عليه وسلم

slaheddine Mestaoui
كتب: محمد صلاح الدين المستاوي

ما إن يقترب حلول شهر ربيع الأول من كل عام حتى تنطلق أصوات نشاز تحاول تعكير فرحة المسلمين بالرحمة المهداة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام الذي ولد في الثاني عشر من هذا الشهر من عام الفيل في السنة السبعين بعد الخمسمائة للميلاد..

أما الطرف الأول فهو ذلك الذي يرفع عقيرته بالتنديد والنكير على من يحتفلون بالمولد النبوي بدعوى أن ذلك لم يقع لا من طرف رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا من طرف خلفائه وسلف الأمة الصالح، وأن ذلك بدعة لأن البدعة ضلالة وان الضلالة في النار وهم ينزلون هذا النص (كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار) دون اعتبار للنوايا والمقاصد، والحال أن الأعمال بالنيات وإن الأمور بمقاصدها وأن البدعة المذمومة ليست السنّة الحسنة، وفي الحديث (من سن سنة حسنة فله اجرها واجر من عمل بها)..

هل هي بدعة؟

وإن الترك لا يفيد المنع والا فان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجمع المسلمين على صلاة القيام (التراويح) في رمضان خشية أن تفرض عليهم وان سيدنا عمر رضي الله عنه هو من جمع الناس على قارئ للقرآن لما رأى تشاغل الناس عن صلاة القيام، واعتبرت نعمة البدعة وكان الإمام علي كرم الله وجهه كان يمر على مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصوت القارئ يجلجل بالقرآن في ليالي رمضان فـ يترحم على سيدنا عمر ويقول (نورت بيت الله بالقرآن نور الله قبرك يا عمر)..

فهل نعتبر ما فعله عمر بدعة التي من قبيل الضلالة أم أنها سنة تلقاها المسلمون من صدر الامة بالقبول (وما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن)..

هل هو على ضلالة؟

ومثل هذا يقال على جمع القرآن فقد كان قبل ذلك صحفا موزعة بين ايدي الصحابة، نعم كان يحفظه عن ظهر قلب العدد الكبير من الصحابة و اريد ان يضاف الى ذلك جمعه في مصحف واحد اعتمد على المحفوظ والمدون لـ تجتمع الأمة على مصحف واحد وجهت نسخ منه إلى مختلف الامصار، وكان ذلك في خلافة سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه ثم تلت هذه العملية خطوة أخرى هي نقط المصحف في اطار جمع الامة على كتابها واجتناب اختلافها فيه.
أ يعتبر هذا العمل بدعة مؤدية الى الضلالة يستحق المــُقدم عليها دخول جهنم وبئس المصير؟

تلك هي مشكلة الحرفيين الذين لم يفقهوا الدين ولا مقاصده والتي ينبغي اعتبارها

تجفيف الدين

ثم وهذا هو الأخطر، وهو تجفيف الدين وتجريده من أعظم قيّمه وهي الحب والدين حب أو لا يكون والحب هو الدافع الى الفرحة والسرور واعظم فرحة للمؤمن هي فرحته برسول الله صلى الله عليه وسلم…
فرحته بميلاده وفرحته ببعثته وفرحته بأن هداه الله إلى الإيمان به وأتباعه وهي أعظم فرحة وأعظم منة يمن به الله على من يشاء من عباده…

وهذه هي حال المؤمن وما ينبغي أن يكون عليه (أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما) وأن (يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إليه من ماله وولده ونفسه التي بين جنبيه)..

المعاني السامية

هذه المعاني السامية التي هي لب الدين والعلامة الدالة عليه وهي أيضا الدافعة لجمهور الامة في غالبيته العظمى للاحتفال بذكرى مولد سيد الكائنات عليه الصلاة والسلام هي التي تنكرها أصوات ناعقة منغصة لـ صفو الفرحة العامة التي لايزال الاحتفال ممتدا منذ قرون تتوارثه الأجيال…
وتعبر عن هذه الفرحة المشروعة بكل الوسائل نشرا لـ سيرته وشمائله وفضائله وكل ذلك تضمنته آيات الكتاب العزيز وأحاديث وسنن الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام بل وندب له واقر عليه…
فقد قال لمن جاءه يستأذنه بصوم يوم الاثنين قال له( صمه ذلك يوم ولدت فيه) والصوم مظهر من مظاهر الشكر لله على هذه النعمة العظمى والمنة الكبرى التي عمت الناس كافة (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)…

وهل ما يجري في هذا الشهر ( ربيع الأول) ويمتد من أول ليلة فيه الى الشهر الذي يليه إلا تعبيرا عن الفرحة برسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم

ومضت الامة في هذا الدرب الذي يحاول البعض توقيفه ومنعه ولكن هيهات هيهات بدعوى أنه بدعة بدعوى انه من ضلالات الصوفية والشيعة. هكذا في تضليل وتكفير يبين الى أي مدى يصل التحجر والفهم الضيق والحرفي بأصحابه.

المشككون والمشوهون

أما الفئة الثانية فهي أيضا لا تقل في تنغيصها لـ صفو فرحة الأمة برسول الله صلى الله عليه وسلم فهي فئة المشككين والمشوهين لـ سيرة وشمائل سيد الأمة عليه الصلاة والسلام ملصقين به أشنع الشبهات يفعلون بعنوان البحث التاريخي الموضوعي والمتجرد مستندين على أخبار وروايات زائفة باطلة تاركين ما يكاد يصل الى درجة الإجماع حول جوانب الكمال البشري في رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ نشأته الى بعثته ومن بعثته الى إكمال الدين وإتمام النعمة من الله على الامة.

افتراءات باطلة

ولا تنفك هذه الفئة التي تناصب لرسول الله صلى الله عليه وسلم العداوة والبغضاء من نشر افتراءاتها الباطلة فهو المجهول النسب وهو المزواج الشره و من لم تسلم ازواجه من النيل من عرضهن وهو المتسلط الممتشق السيف الدافع الى الظلم والقتل والعدوان واغتصاب النساء والأموال، كل ذلك يلقونه وينمقونه بـ بهارج البحث العلمي التاريخي إلى غير ذلك من الأساليب

منهج متحامل

والغريب أن هذا المنهج المتحامل على رسول الله صلى الله عليه وسلم تخلى عليه في الغرب من كانوا في القرون الماضية من دعاتهم من انكشفت نواياهم والدواىر التي جندتهم للقيام بهذه المهمة لـ يتبناه اليوم (مسلمون) من الباحثين والباحثات في جامعاتنا لتصدر عنهم هذه الاقاويل الواهية التي لا تمت الى الحقيقة..
حقيقة ان سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام هو من استحق ان يشهد له بكل صنوف الكمالات الإنسانية الكمل من الدارسين والباحثين المنصفين من الرجال والنساء من الكثير من غير المسلمين وهي شهادات تأتي مدعمة لما قاله فيه ربه (وإنك لعلى خلق عظيم)، ولما أدبه به وما أخبر به عنه كل من عاش معه وكان قريبا منه و كذلك كل من عرفه حتى اولئك الذين لم يؤمنوا بنبوته ممن كانوا يلقبونه بالصادق الأمين…

هذان هما الفئتان (من المسلمين ويا للأسف الشديد) هم من يعكرون على الامة صفو فرحتها برسول الله صلى الله عليه وسلم…
فحسبنا الله ونعم الوكيل فيهم ومنهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى