فنون

في ماطر: الفنان الشيخاوي رغم الداء ‘شيخها’ و’شخشخها’ والجمهور بـ ‘الشطيح ربخها’…

مواكبة: الأمين الشابي

حين يكون الفن رسالة نبيلة، قبل أن يكون وسيلة للبحث عن الربح. وحين تكون صفة الإيثار، فعلا لا شعارا، كامنة في الفنان. وحين يكون الفنان انسانا، بما تحمله الكلمة من معاني السمّو والرقي بالنفس، عندها وحتما سـ يشق الفنان، صاحب كلّ هذه الصفات، طريقه بكل نجاح وثبات نحو قلوب محبيه ومتابعيه وجمهوره بكلّ الشرائح الاجتماعية والعمرية منه…

هذا الكلام ينطبق تماما على الفنان الأصيل عبد الرحمان الشيخاوي، الذي كان، كمن يعفس على الجمر، وهو يغنّي أمام جمهور عريض بمدينة ماطر ليلة أمس الأحد. وذلك فضاء مضيف قرطاج بماطر وبدعوة من دار الثقافة بماطر بالتعاون مع بلدية المكان.

رغم المرض..

قلنا كـ ‘من يعفس على الجمر’ لأنّ الفنان عبد الرحمان الشيخاوي، رغم المرض الذي ألمّ به، وهو يستعد لإحياء حفل بمدينة ماطر بل وحال دون وقوفه بدون الاعتماد على عكازين، أبى إلا أن يغنّي من أجل إسعاد جمهوره الذي غصّ به الفضاء والذي كان بانتظاره. وعند انطلاق الحفل، ظهر الفنان الشيخاوي وهو بالفعل يعتمد على عكازين، وحالة الوهن والتعب بادية عليه، ولكن رغم ذلك تجاوز الألم والداء والمرض، وغنّى لجمهوره كما لم يغنّي أبدا.
نعم قضى الفنان الشيخاوي أكثر من 3 ساعات وهو في حالة وقوف متواصل ليمتع جمهوره بصوته الشجي و بباقة من الأغاني التراثية الكافية الجميلة، حيث لم يتحكم أمامها الجمهور، ليطلق لجسده العنان رقصا وتمايلا ولحناجره ترديدا لأغانيه.

الجمهور لم يهدأ

غنى عبد الرحمان الشيخاوي أحلى الأغاني وصدح صوته في أرجاء الفضاء لتزيدها آلات الإيقاع جمالا وحيوية. فغنى الفنان للحضور، أكثر من 20 أغنية على غرار ” نحوس في البلدان ” و ” الخيل سيرو ” و ” غيم العشوة ” و ” بتي سهرانة ” و ” كاس البوخة ” و ” نقاز تكلم ” و ” وحش الصرا ” و ” زينة ” و ” النحلة ” و ” الريم الشارد ” و ” ريت بعيني لغزيلة ” و غيرها من الأغاني التراثية و خاصة الكافية منها. ليتخمّر الجمهور على أنعام هذه الأغاني التراثية والإيقاعية و لم يهدأ هذا الجمهور طيلة الحفل و هو كمن وجد في أغاني الشيخاوي ضالته و وجد نفسه التي كانت تائهة بين الزحام، لينخرط قلبا و قالبا في تلك الأجواء السعيدة و لينسى كلّ همومه و مشاغل الحياة.

وكان بالفعل حفلا من أنجح حفلات الشيخاوي، رغم المرض و رغم وضعه الصحي الصعب، إلاّ أنّ الفنان الذي يحبّ فنّه و يحترم جمهوره، لا تؤوده ـ لإسعاد جمهوره ـ حتى و إن عفس على الجمر و تحمّل أوجاعه من أجل إسعاد الآخرين. وهذا هو، لا فقط الفنان، بل والإنسان أيضا. فشكرا فناننا الأصيل.

فرحة وسعادة

وعلى هامش هذا الحفل كانت لـ ‘الصريح أون لاين’ دردشة مع الفنان عبد الرحمان الشيخاوي، الذي عبّر عن فرحه وسعادته بالحضور العريض وتفاعله مع أغانيه ونجاح عرضه، مؤكدا على أنّه يعمل على إيصال الأغاني التراثية للجمهور ويفكر إن أمكن ذلك للمشاركة في الدورة القادمة لمهرجان بنزرت الدولي.
أمّا عن وضعه الصحي فبيّن وأنه لما كان في طريقه إلى مدينة ماطر صحبة عناصر الفرقة، شعر بآلام وكلّ تقدمنا في المسافة، تزيد هذه الآلام، موضحا وأنّ مرضه يسمى مرض ‘النقرس’ ورغم ذلك تحمّلت آلامه بل وتحديت أوجاعه حتّى أُسعد جمهور ماطر الذي ينتظرني من مدّة باعتبار وأنّ هذا العرض تأجل أكثر من مرّة…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى