تحف فنّية في معرض المودعين بسجن برج الرومي ببنزرت…ولكن.. (صور)

وأنت تمرّ أمام المركب الثقافي الشيخ ادريس ببنزرت لا شيء يوحي بوجود معرض لإنتاجات المودعين بسجن برج الرومي ببنزرت خلال الأسبوع الفائت….
فلا معلقات ولا صور ولا موسيقى ولافتات، ولكن هوس الاطلاع بما يجري داخل هذا المركب، هو الذي دفعنا للوقوف على ما هو جديد. وكانت المفاجأة السّارة أن وجدنا بقاعة العروض الكبرى تحفا فنّية بل دررا كامنة في أعماق الصمت الذي لفّ معرض المودعين بسجن برج الرومي ببنزرت..
درر فنيّة
كلّ الدرر الفنّية احتواه هذا المعرض الذي يضاهي معارض أشهر المعارض في العالم لما تضمنه من انتاجات موادها الأوّلية ـ حسب ما استقيناه ـ كانت من فواضل الورشات الموجودة بالسجن من فضلات اللوح والخشب وبقايا الحديد والمعادن بصفة عامة. فلا تكلفة لمنتوجات هذا المعرض سوى إبداع هؤلاء المودعين بالسجن وخيالهم الكبير ولمسات أصابعهم و ذوقهم الراقي.
حسب ما استنتجنا فقد جمع بين كل التحف المعروضة من انتاجات المودعين بسجن برج الرومي ببنزرت هو استقراء للتاريخ وتجسيمه عبر ما نسجه خيالهم وأيضا مراجعهم من تحف. لأنّك كلما تأملت في هذه المنتوجات تجد رابطا بينها، وكأن هذه التحف الفنّية ترجع بنا إلى حقبات من الزمن. فنجد كتجسيد لهذا المنحى تحفة تحاكي أوّل سيارة مرسديس يعود تاريخها للقرن الماضي.
وتجسد مجسما لبيت المقدس وكأنّ أصابع مبدعها تشير إلى عراقة هذا المكان المقدس الذي ينتهك حاليا من قبل الصهاينة. وهذه سيارة 404 باشي التي اندثرت تعود من جديد عبر تحفة فنّية ناطقة ابتدعتها أنامل فنّان ولكنه يعيش وراء القضبان.
وهذه أيضا دراجة نارية ناطقة لا شيء ينقصها عن الاستعمال و كأنّ أنامل من ابتدعها تقول لنا وأنّه لا مستحيل في هذه الحياة ..
للأسف…
في الختام و شرحا لأداة الاستدراك بالعنوان ” لكن ” نقول، بقدر ما تثلج صدورنا مثل هذه التحف الفنّية التي أبتدعها و ابتكرتها أنامل من زلّت بهم القدم في يوم ما، بقدر ما نأسف أيضا للبيروقراطية القاتلة التي حالت دون أن يكون هذا المعرض ـ لهذه التحف الفنّية ـ في مستوى الحدث سواء من حيث الإشهار أو من حيث منح الإدارة المركزية للجهات المزيد من الحرية حتّى تكون قادرة على تنظيم مثل هذه المعارض الهامّة بعيدا عن المركزية القاتلة و الانتظار المميت – حتى لا نقول أكثر – عند تنظيم معرض للمودعين بالسجن لعرض كلّ هذه اللمسات الفنّية وكلّ هذا المخزون لدى المودعين بالسجن في مجالات الخلق والإبداع المختلفة.
مواكبة: الأمين الشابي
عدسـة: حنان الذوادي