محمد الحبيب السلامي يحب أن يفهم/ علم عاش في صفاقس ثم ودع: عبد السلام (سليم) العفاس

كتب: محمد الحبيب السلامي
ولد بصفاقس في 27 جوان 1941…أبوه الحاج محمد العفاس سماه (عبد السلام ) ولكنه اشتهر بين الناس باسم (سليم )…لما بلغ سن الدراسةً أدخله أبوه المدرسة ليتعلم..أحب العلم، واستزاد منه في الابتدائي والثانوي والعالي..
اختار الكسكسي
قرر سليم العفاس أن يبتعد عن الوظائف الإدارية حتى يسلم من مشاكلها، واختار أن يؤسس بماله وثروته التي ورثها من أبيه مؤسسةً تحقق له ولمجتمعه مكاسب وخدمات..بحث فوجد الحل في الكسكسي…والكسكسي أكلة قديمةً، أمازيغية، عُرفت في تونس والجزائر والمغرب وليبيا…
والكسكسي تصنع منه المرأة في نهاية الخريف عولة، والعولة لا تتم إلا بدقيق القمح، والقمح لا يعطي دقيقه إلا بعد صرف وقت وجهد في تنقيته وطحنه وغربلته…ودقيق القمح لا يتحول إلى كسكسي إلا بعد صرف جهد ووقت أياما في فتله وتجفيفه…
عرف صاحبنا سليم أن المرأة التي كانت تعيش في البيت، وتصرف وقتها في البيت تعلمت، وخرجت من البيت لتعمل خارج البيت ولم يبق لها من الوقت ما يجعلها (تفتل عولة الكسكسي في البيت)…لذلك قرر أن يعد مصنعا يكسكس الكسكسي للمرأة وتلقاه في السوق، فتشتريه وهي عائدة إلى البيت…
ظهر المصنع
وظهر المصنع…وأقبل الناس على إنتاجه..وحقق لصاحبه وللمجتمع مكاسب اقتصادية واجتماعية، وقدر صاحبنا سليم العفاس تا ريخ الكسكسي والكسكاس فصنع وعرض على العالم (أكبر كسكاس)…ويقال إن بلدية القيروان أخذته ووضعته في ساحة من ساحاتها…
نخرج مع صاحبنا سليم من مصنع الكسكسي، لندخل معملا ثانيا ينتج أكلة ثانية أمازيغية الأصل..أنه مصنع (الدشيشة)، وفي صفاقس نسميه (تشيش) وتصنعه المرأة، من الشعير، تصنع من التشيش (خبز الشعير، والجردقة، والملثوث، وتشيش بالخضرة، وشربة في رمضان)…
هذا المصنع أسسه صاحبنا سليم العفاس، وبه راجت في تونس العاصمة أكلات من الشعير بعد أن كان الشعير يُقال عنه في الكتب من القرن الرابع الهجري وفي بعض دروس تدرس فيها هذه الكتب بجامع الزيتونة (الشعير علف البهائم)…
تاريخ مُشرّف
صاحبنا سليم العفاس يبقى له في تاريخ صفاقس وفي تاريخ الصناعة تاريخ يُشرف…صاحبنا سليم العفاس الإنسان، التقيت به في خيمة كشفية مع صحبه من الطلبةً في رمضان سنة 1957، فكان في نهاره صائما، وبعد سنوات التقيت به، وضرب لي موعدا في شهر أوت في مصنعه، ليقدم لجمعية رعاية القاصرين منحة، وصادف أن كان اليوم شديد الحرارةً…
ومع ذلك كان حاضرا في الموعد، ولما توفي زوج أخته المرحوم المختار الشيخ الأستاذ الصديق المختار المعزون كان من صباح اليوم حاضرا ومواسيا لأخته…
كيف خرج؟
هذا الصفاقسي سليم العفاس بعلمه وأخلاقه وماله يؤسس في دنيا الصناعةً بصفاقس يخرج من مؤسستين كبيرتين، لهما في دنيا الصناعة والإعلام التلفزي والإذاعي اسم وشهرة…كيف يخرج منهما صاحبهما ويتخلى عن ملكيتهما لغيره؟ زرع في دنيا الصناعة الكثير من نقط الاستفهام التي تبحث عن الأسباب…وتبقى نقط الاستفهام بين الناس وكل واحد يدعي أنه يعرف الأسباب…أنا أقول: الله أعلم…
ودع الدنيا
وصاحبنا سليم العفاس ودع الدنيا الفانية إلى دار الحق، إلى الدار الباقية في 19 أفريل 2020، وودعه أهله وصفاقس بالرحمة وحسن الذكر، فبماذا سيذكره الأصدقاء لنزداد به معرفة وفهما وأنا أحب أن أفهم؟