إيطاليا: جائزة الأوسكار للفنان التشكيلي الطاهر عويدة في ملتقى ‘الفن من أجل السلام’

كتب: شمس الدين العوني
تم اختتام سمبوزيوم سيسيليا العالمي للفنون التشكيلية وذلك يوم السبت 30 سبتمبر 2023 بحضور أكثر من 60 من فناني العالم، وبعد أيام من النشاط الفني من لقاءات ومعارض و ورشات منذ يوم 23 سبتمبر…
ليكون الاختتام في احتفالية مميزة حيث تضمن في فقراته التكريمية تثمينا بمثابة التكريم وتسليم جائزة الأوسكار للفنان التشكيلي التونسي الطاهر عويدة وهي ضمن جوائز الجدارة الفنية والتقنية و تمثل تكريما مضافا للفنان ضمن تجربته الفنية الممتدة على عقود حيث سعى الفنان التشكيلي الطاهر عويدة الى الغوص أكثر في التجربة بحثا و ابداعا لإبراز أعماله بجماليتها و مضامينها الفنية من خلال معارضه التونسية و العالمية في عدد من البلدان حيث شارك في هذا الملتقى الدولي ” الفن من أجل السلام ” بقصر الأمراء بمدينة باليرمو صقلية الإيطالية و مع 60 من الفنانين من العالم و ذلك للفترة من 23 الى 30سبتمبر 2023 وقد ضمت مشاركته أعمالا من الحجم الكبير وهي أعمال من أجواء البحر …
معرض شخصي
وقبل هذا كان للفنان الطاهر عويدة معرض شخصي هو مرايا البحر بفضاء ” بول ” بضاحية قمرت و ذلك للفترة من 3 الى 10 أوت الجاري حيث كان هناك إقبال من أحباء الفنون و رواد الفضاء و تنوعت الأعمال التي ميزت حيزا من تجربة سي الطاهر التي كان من عناوينها الجدية و الدأب و البحث و الامتاع و المؤانسة فنا و ذهابا نحو الحلم و الأقاصي…
هكذا هو الشأن الفني الجمالي عند الطاهر عويدة الذي يعمل و ديدنه الجمال و الإبداع ضمن مسيرة لعقود في ساحة الفن …و هكذا نلج الآن عوالم الفنان العميق كطفل سابح في سماء البراءة ..تربى في مدرسة البحر وفق قصة لذيذة خطها الوالد و الأهل..علاقة استثنائية مع البحر و التلوين حيث لم يقل ” بس يا بحر “..واصل المغامرة بكثير من الامتلاء بالفن و الحياة.
هواجس البحر
نعم من البحر أتت مواجعه و البهجة العارمة..تشرب من عوالم الأزرق و مضى في أيام خطاه كائنا آخر يعرف الينابيع ..لم ينسها.
من طفولة مبكرة عالج صاحبنا أحلامه بهواجس البحر بحثا عن أصواته و تلويناته فغدا غواصا يبحث عن الكنه و الجوهر و تلوينات أخرى للأشياء ..خبر لغة البحر و حاوره وحاوله قتلا للنسيان و الفجيعة..
هذا هو الفنان التشكيلي البحري الجنوبي …الطاهر عويدة..فنان بطعم طفولة..كانت أيام ه الفنية مجالا للسفر المحكي و الذكرى المحفوفة بالشجن..حكى تلوينات
شتى من سيرته وأعماله ومعارضه..لدغه البحر لدغة صديق حميم..لم ينسه كل ذلك أن يستعيد جمال أيامه تلوينا و حياة أخرى ..عرض في تونس و أوروبا و أقام خلال مرضه بإيطاليا التي تحول فيها المستشفى الصقلي إلى واحة ملونة…إلى معرض مفتوح للطاهر عويدة…جاء الفنانون و المهتمون و الناس ليروا هذا الذي باللون صار طفلا جديدا.
فضاء فني
من تلك العلاقة الأولى مع البحر و الجنوب التونسي ..أنشأ فضاءه الفني ..بل فضاءاته..لأعماله وأعمال غيره من الفنانين و الأصدقاء ..فنان و عالم بأسره بل علبة تلوين.في لوحاته الجنوب و جربة و المعمار و البحر و المشاهد و غير ذلك من الأحوال الفنية في هالة من السكينة..حالات تشهد على عظمة السؤال الفني عند عويدة و تجربته الجادة في التعاطي الفني و الجمالي مع ذاته و الآخرين و العالم.
تجربة جمالية
في تجربته الجمالية وضمن أعماله الفني، قدم مشهدية الخيل والحرف في عنفوان من ذاكرة الأزرق باتجاه الآفاق..لوحة كبيرة بعمقها وبساطتها و توهجها كل ذلك على سبيل المحبة و الوفاء تجاه المحرس مدينة الفنانين…قبل ذلك قدم أعماله في معرض بسيدي أبي سعيد في تنوع جمالي عرف به في أعماله…هو عضو الرابطة الدولية للفنانين التشكيليين ورابطة الفنانين التشكيليين التونسيين..من مؤسسي مهرجان الفنون التشكيلية بجرجيس في 2001 ..نسق لقاءات الفن المعاصر بفلوريدا الأمريكية سنة 2017، و صاحب رواق ” art’riadhبجربة منذ سنة 2018. تعددت معارضه الدولية بأوروبا وأمريكا ..يغادر كرسيه المتحرك بمستشفى صقلية بإيطاليا ليمضي مع نشاطه الفني و من ذلك معرضه تحت عنوان ” فن وحياة “ برواق سامية عاشور…نثر ألوانه و لوحاته و في قلبه شيء من الرغبة الجامحة في التحليق أكثر هنا و هناك.تعددت تقنيات فنه بين والرسم و الكولاج و الخط العربي…كون من الأشكال و الألوان حيث لا يغيب البحر و الجنوب الساحر …بعد حادث سنة 2015 الذي أخذه الى شلل نصفي نتيجة عملية غوص في البحر تعودها. بدأ رحلة علاج عاد بعدها مفعما بالأمل الكبير ..كان طفلا و ما يزال فنانا حالما بألق المكان في فسحة من السلام و الجمال و الأمان لترميم ما تداعى من كيان الأوطان …كان ذلك في لوحة الحصان التائق للحرية في رمزية عالية ..فنان هاجسه الأمان و البيئة السليمة ..يعمل على ذلك من سنوات مبرزا و مشيرا الى دور الفن التحسيسي و التوعوي .تنوعت مشاركاته في تظاهرة ” البحر يحتفل ” … عانق المتوسط غوصا ..و سافر بالحرف العربي في فضاءات تونس وسويسرا وفرنسا وايطاليا وبلجيكا والولايات المتحدة الأمريكية ..
ألوان و هواجس
من البحر تأتي الجبال..و من البحر كانت ألوان و هواجس و شؤون و شجون الفنان العميق الطاهر عويدة..هي رحلة الفن المفتوحة على الحلم و الأكوان بأحوال الأزرق..هذا البحر الناشر أمواجه القوية قوة الحصان المنطلق ..تجربة و حياة و مسيرة محترمة مع البحر و الاسفنج و التلوين و الاصرار..الفن حياة أخرى برغبة و اصرار و جموح..موسيقى هادئة..وحده الفنان يتقن الانصات اليها والتوقف عند ألوان الأحوال والأمكنة..تجربة فنية يرعاها صاحبه الفنان الطاهر عويدة بكثير من الشجن والفرح و الصبر والمحبة..رحلة متواصلة ومفتوحة على الدهشة.