مسرحية STORY BY STORY… قمّة في الأداء و عمق في الطرح

أثثت مسرحية ” STORY BY STORY ” لمركز الفنون الدرامية و الركحية بباجة سهرة الخميس 6 أفريل 2023 وذلك في إطار الدورة العاشرة لمهرجان ليالي المدينة الذي تعيش على وقعها مدينة بنزرت و الذي سيتواصل إلى غاية يوم 18 أفريل الجاري. و على عكس الكم العددي المحدود الذي واكب هذا العرض المسرحي ، فإن هذه المسرحية لامست قمّة الإبداع على أكثر من مستوى وتناولت بعمق الموضوع المطروح في المسرحية.
كفاءات عالية
بداية، ما ميّز هذه المسرحية، التي كانت من إخراج بشير بوعلي و بمساعدة حمزة عاشور و دراماتورجيا نضال الحناشي و تمثيل كل من نبيه الدلاعي و حفصي يضرب و هناء الوسلاتي و محمد الهميسي و هيثم الجرايدي و سهيل مزوغي ، و موسيقى ليسري اليحياوي و إضاءة أحمد الزديني وتوضيب ركحي لصهيب المسعودي، و أنّ كلّ الممثلين فيها هم أساتذة مسرح و خريجي معاهد مختصة…
الشيء الذي أضفى على العرض مسحة من الإتقان و الانضباط في الأداء و مرافقة تقنية تقريبا بلا أخطاء سواء من جانب الإضاءة أو الموسيقى أو لبقية المتممات المسرحية من حيث اللباس أو الماكياج. و هذا ما شدّ الجمهور – الذي صفق لهذا العمل كثيرا – إلى آخر ردهات العرض.
ولكن شخصيا ما شدّ انتباهي ـ و هذا لا يقلّل من قيمة بقية الممثلين الذين كانوا متميزين أيضا ـ هي بطلة المسرحية الممثلة هناء الوسلاتي التي شدّت الجمهور بأدائها المتميز إلى حدّ الإتقان و بانصهارها في الدور التي أدته بل كانت ممثلة متكاملة حتّى لا نقول كاملة الأوصاف، فقد كانت الممثلة التي تشدّ الجمهور بأدائها و الراقصة التي تتقن هذا اللون من الفنون و الرياضية المتمكنة لما قامت به من حركات بهلوانية فوق الركح، فضلا عن أدائها المتميز عموما، تمثيلا و نطقا و وضوحا و حضورا ركحيا. ولكن فقط نطرح سؤالا يتبادر إلى ذهن كل من واكب هذا العرض المسرحي و مفاده، لماذا تمّ الالتجاء إلى عنوان للمسرحية باللغة الإنجليزية ” STORY BY STORY “؟ فهل لغتنا العربية عاجزة عن أداء المعنى و الهدف المرجو من هذا العمل المسرحي؟
المسرحية و صراع في العمق
والمسرحية هي عبارة عن مسرح داخل المسرح باعتبارها تروي قصّة مجموعة مسرحية حوّلت أحد مسكن أعضائها إلى فضاء مسرحي لإنتاج أعمال مسرحية تسمح لهم بالحدّ الأدنى من العيش الكريم فضلا عن كونه أداة فضلى لتوعية السواد الأعظم من النّاس. و لكن بعد ما يزيد عن ثلاثة عقود من استغلال هذا الفضاء مسرحيا، يرجع مالك المنزل الأصلي وهو زوج بطلة المسرحية – التي حوّلت هذا البيت إلى فضاء مسرحي – يعود الزوج، بعد الثورة” المباركة ” و بعد هروبه من البلاد لارتكابه جرائم إرهابية و أيضا بعد أن كوّن ثروة بالمهجر، يعود ليسترجع هذا البيت و هدمه و البناء بدله مركز تجاري و سكني يدّر عليه الأرباح باعتبار و أن ايديولوجيته ترى وأنّ المسرح هو فعل محرم و رجس من عمل الشيطان. و عليه سيهدم المحل بدون اعتبار ما قاسته زوجته من معاناة على أيادي الأمن تبعا لهروبه و ما عاشته من حرمان عاطفي و مادي أثناء غيابه. و من هذا المنطلق تتصاعد وتيرة المسرحية لتؤول إلى معركة وجود، و من يمكنه من الطرفين إلغاء الآخر؟ هل هو الفكر الظلامي أم الثقافة عبر وسيلة المسرح؟ ليصدع صوت البطلة مدويا و في وجه هذا ” الزوج ” العائد و في خضم هذا الصراع بالقول ” مزّق صوتك يا جلاّد فلن نقهر ما دامت أبواب المسرح مفتوحة ” و لكم أن تتخيلوا بقية الصراع وإلى من ستؤول النتيجة؟ فهل تنتصر الثقافة على الظلامية؟..
هذا و كان مبرمجا أن يكون لنا لقاء خاطفا مع بطلة المسرحية الأستاذة هناء الوسلاتي حول تجربتها المسرحية و مسيرتها عموما و لكن تعذر ذلك بحكم انشغال الممثلة هناء الوسلاتي في المشاركة يوم 10 افريل في مسرحية ” ما يراوشي ” من إخراج محمد منير العرقي، و قد نقوم لاحقا بحوار شامل معها نسلط فيه الضوء على العديد من الجوانب في مسيرتها الإبداعية وسيرتها الذاتية….
مواكبة: الأمين الشابي