‘بونية وخنيفري’ من أقسام الهواة إلى المحترفين…انفجار قادم في ملاعبنا؟

نعم من فرط تراجعنا على مستوى الكرة الممتعة واللعب النظيف والأخلاق الحميدة داخل الميدان وخارجه وشفافية قرارات الحكام والفرجة فوق المدارج فرض علينا السؤال الكارثة نفسه: هل يكون الحل في العودة إلى الهواية خاصة اننا لم نشاهد شيئا من منظومة الاحتراف…
المشكلة ها هنا…
الملتقيات كثيرة والموائد كبيرة والوضعية دوما خطيرة.. ذلك ما يمكن أن نقوله عن تعاملنا مع غول العنف الذي أضر برياضتنا وافسد أجواء كرتنا لكن الجماعة وجدوا الحل في قطع وريد الفرجة بمنع الجمهور الزائر من الحضور ومازالوا يلحون إصرارا على أنه الحل الافضل في حين انه الحل الابشع على الإطلاق وعلامة بارزة بأن الذين رفعوه شعارا فاشلون إلى الأبد…
‘غورة’ ..وتهديد
ليصبح الفريق المحلي المدجج بجماهيره له الاسبقية في كل شيء في ‘الغورة’ والتهديد والتأثير على الحكام وما رافقها من شعارات ترهيبية وما شابه ذلك وهي حقيقة يعرفها الجميع ويعرف اننا في ظل ما نعيشه يوميا من اعتدادات داخل الملاعب ابعد ما نكون عن هذه المنظومة التي تسمى بالاحتراف والتي لها أهلها ولها ناسها ولها رجالها ومحترموها غير عابئون قوانينها حتى أصبحنا نسمع ونشاهد ونقرأ يوميا بكوارث داخل ملاعبنا وصلت إلى حد الاعتداءات على المنافس والحكم، وحتى رجال الأمن لم يسلموا في بعض الأحيان من بطش المارقين عن القانون، وقد وصلنا اليوم إلى حد المطالبة بإيقاف النشاط الرياضي طالما ملاعبنا دخلتها السكاكين والسواطير وطالما صارت التهديدات على الملأ بلا خوف ولا رقيب.
جماهير لا تقبل الهزيمة
موضة جديدة تجتاح ملاعبنا بعد الثورة خصوصا وتتمثل في فوضى عارمة تعم الميدان كلما سجل الفريق الضيف هدفا او كان متقدما في النتيجة حيث يقع الضغط على الحكام من كافة مكونات الفريق المحلي من اجل العودة في النتيجة بكل الطرق المتاحة ليدخل الحكم في عمليات الترقيع خوفا على حياته ومستقبله ليتغير تصرفه على الميدان باستفزاز لاعبي الفريق الضيف واذا لزم الأمر رفع الأوراق الحمراء في وجه البعض هكذا سبهلل من اجل فتح الطريق للمحليين لجني نقاط الفوز او التعادل اذا استحال الأمر.
من شجع على هذه الفوضى؟
هذه الفوضى شجع عليها المسؤولون عن الرياضة بقرارات لا تحمل في طياتها حلولا جذرية وإنما هي عبارة عن مسكنات لتهدئة الخواطر. فما يعني ان نعاقب فريقا بخطية مالية رمزية او اللعب دون حضور جمهور في المباراة الموالية.
ماذا سيخسر المشاغبون..؟ الخاسر الوحيد في هذه الحالة هي الفرق التي تجد نفسها مضطرة لدفع بعض الملاليم للرابطة. لتعود مرة أخرى ريمة إلى عاداتها القديمة وهكذا دواليك الحبل على الجرارة.
هذه الحلول التافهة زادت الأمر تعقيدا واذكت لهيب التجاوزات واكدت للمشاغبين هشاشة المسؤولين الساهرين على تسيير الرياضة في تونس.
قرارات ردعية صارمة وجدية
نعم القرارات الردعية وحدها الكفيلة بوضع حد للهمجية التي تشهدها ملاعبنا ولا بد من الضرب بقوة على كل الأيادي العابثة بعد أن تأكد الجميع أن القرارات هشة والطريق مفتوحة لمواصلة الفوضى والتخريب خاصة أن جماهير الفرق المحلية أصبحت ترفض الهزيمة على قواعدها وأحيانا حتى مجرد التعادل.
جماهيرنا اليوم يا سادة صارت تحتج وبشدة حول كل قرارات الحكام، أما عن ضربات الجزاء فحدث ولا حرج. انها تتسبب احيانا في انقطاع اللعب والمناوشات والتهجمات على الحكم.
ولا أعتقد بأن المسؤولين قادرين على اتخاذ قرار إلغاء النقاط في المباريات لان الحل الوحيد الذي بقي امامهم هو اللعب وديا دون احتساب نقاط الفوز والتعادل والهزيمة.
التحكيم المساهم الأكبر في هذا الوضع!
لماذا أصبح التحكيم موجه.. و لماذا أصبح الحكام لعبة بين اسيادهم.. ولماذا غاب الضمير المهني.. لماذا طغت المصلحة الشخصية، ولماذا يقع تداول وتعيين نفس الأسماء كلما كانت احد الجمعيات مقربة من اهل القرار الرياضي، مما أعطى صورة مشوهة للرياضي التونسي في مختلف أنحاء العالم واكدت ان التسامح مع هؤلاء الحكام ‘المنعوتين بالاصبع’ لا يزيد الأمر الا تعقيدا، وان الحل يكمن في قرارات صارمة حتى وان لزم الأمر شطب الحكم او الفرق التي تحدث جماهيرها شغبا او حرمان المشاغبين الذين ثبتت إدانتهم من دخول الملاعب مدى الحياة حتى نساهم في وقف هذا التيار.
فوضى في كل الملاعب
نعم يقول اميل حبيبي،، استعيد الماضي لا لكي افتح جراحا.. بل لكي لا تذهب التجربة هباء، ولا تعود الذاكرة عذراء..
ففي المواسم الاخيرة عمت الفوضى كل الملاعب تقريبا وفي كل الأقسام لتصبح ‘البونية والخنفيري’ خدام حيث انتحرت الروح الرياضية على أسوار كل الفضاءات الرياضية من الوريد إلى الوريد ولم نعد نستثني احدا فالاخبار التي نسمعها يوميا مؤلمة جدا بعد أن تسربت العدوى في صفوف الأصناف الشابة وآخرها مباراة اليوم بين اواسط النادي الصفاقسي والنجم الساحلي التي شهدت احداث مؤسفة..
والسؤال المطروح فأين الذين يضربون على الطاولات ويتشدقون بكلام في ظاهره جميل وفي باطنه قبيح.. وها ان الحقائق الدامغة تأتينا من كل حدب وصوب، الأجواء لم تهدأ حتى لا أقول لا تنبئ بالهدوء.. والشعب مازال يقف على جمر الواقع سوى في الأسواق او داخل المقاهي ومن المغالطة ان نصفه بالذكي و المثقف والتافه لكل ما يدور حوله لان اكثر من نصف هذا الشعب مثلي لم يفهموا شيئا سوى من الذين يلعبون بأرجلهم او من الماهرين في تلعيب اصابعهم.. واذا كانت هذه الفوضى الجاثمة فوق صدورنا لم نجد لها حلولا عاجلة، فلسنا نحتاج إلى ضحايا آخرين سيأتون مخضبين بغضب اسعار الطماطم والفلفل والموز والتفاح وجاهزين لإفراغ شحناتهم فوق المدارج.
هذا ما ينتظرنا مع اعتذارنا واحترامنا لكل المتفائلين الذين يحبون الرياضة،، فبين الحب والحرب ‘راء’
قد تدخل من ثقب ابرة الاوجاع اليومية للمواطن التونسي.. وبالتالى فإن نضحي بالفرجة افضل مليون مرة من التضحية بأولادنا والرمي بهم في نار مستعرة قد تأتي على الأخضر واليابس.. قف انتهى.
رضا السايبي