صالون الصريح

يوسف الرمادي يكتب: ‘دلّاعة’ شاطئ البحر…

aramadi
كتب: يوسف الرمادي

منذ 2011 كَثُر الحديث على المؤامرات وأنا غالبا لا أصدّق ما يُشاع من مؤامرات لأمر بسيط هو أنّي لا أجد الدليل الكافي للتصديق… لكن المؤامرة التي حيكتْ ضدّ الدلاع والتي تحدّث عنها الصديق صالح الحاجّة في إحدى ‘نقشاته’ لي عليها دليل قاطع ولا يمكن أن لا أصدّقها…

أكتفي بـ دلاّعة

إذ بالدخول للأسواق أو عند بائعي الخضر فلا أجد أي فاكهة من الفواكه سعرها أقلّ من سبع دنانير أمّا الكرموس الذي تحدّث عنه كذلك الصديق صالح فإنّ سعر الرديء منه لا يقّل عن 15 دينارا، وبعد جولة مصحوبة بطلب اللطف علّ الأسعار علّها ترجع للجادة، أكتفي بشراء دلّاعة تزن 6 كلغ بـ3 دنانير إذ الكلغ وصل لـ 500 مليم من إحدى الشاحنات الصغيرة التي تكاثر عددها هذه الصائفة…
إذْ الدلاع هذه السنة “صابة” رغم قلّة المياه ـ وأرجع للمنزل فرحا مسرورا بهذه الغنيمة. هنا تأتي المؤامرة ولا أدري من أين من المنتج أو البائع لترويج بقيّة الغلال التي صار سعرها لا يُطاق.

مغامرة الشاطئ

نرجع لموضوعنا فالعائلات متوسّطة الحال وما أكثرها اليوم في تونس عندما تستعدّ للقيام بمغامرة الذهاب للشاطئ نزولا عند رغبة الأطفال، تستعدّ لهذا الحدث منذ الليل حتّى لا تنسى كلّ لوازم الشاطئ وخاصة الأكلات الخفيفة، وتكون الدلّاعة في مقدّمة ما يُعدّ إذ الدلّاع يروي من العطش ويغذي بما يحتويه من سكّريات وفيتامينات…

تصوّر بعد “غطسة” في مياه البحر وتناول كسكروت غالبا ما يكون حارا برج من الدلّاع يطفئ هذه الحرارة عندها يتضاعف سعر الدلّاعة التي أشتريت بـ 3 دنانير فيصير كأنّه دلّاعة 6 دنانير، وهذا لا يعرفه المرفّهون من الناس الذي يأكلون السندويشات الممتازة ويشربون عصائر الغلال زادهم الله من نعمهم…المهمّ أن لا يعيبوا على الذين يحملون معهم الدلّاع للشاطئ.

النسيم العليل

والدلّاعة التي يتضاعف سعرها لأنّها تأكل على شاطئ البحر تذكّرني بخرافة قديمة روتها كاتبة فرنسيّة عندما زارت تونس سنة 1905 وألفّت كتابا سمته ‘تونس البيضاء’ ـ وأنا الآن بصدد ترجمته ليظهر عن قريب في المكتبات ـ
فقد تحدّثتْ عند زيارتها لمقام السيّدة المنوبيّة وعن الهواء العليل الذي يتمتّع به الإنسان عندما يكون على ربوتها، وقالت ” إنّ أهالي تونس يقولون أنّ الخبزة التي نشتريها من الأسفل أي من المدينة بـ فلس تصير بفلسين عندما تُأكل في النسيم العليل على ربوة السيّدة منوبيّة، فمن فضلكم لا تحرموا العائلات من “دلّاعة الشاطئ ” حتّى لا تحرم هذه العائلات ربّما من آخر لذّة بقي في متناول أفرادها…

أمّا الذين يتحدّثون عن قشور الدلّع التي تتناثر في كل مكان على الرمال فأنا لم أراها رغم أنّني أذهب للشاطئ يوميّا في الصباح وفي المساء، بل لا أرى إلّا النسوة الكادحات اللاتي لا يعرفنا لا الراحة ولا المتعة يحرصن على جمع ما يلقي به أطفالهنّ ويضعنه في الحاويات إن وجدت وإلّا في القفاف التي أصبحت فارغة بعد أن التهم الأطفال كلّ الأكل بشراهة لا مثيل لها إذ البحر كما يقولون يجوّع…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى