متفرقات

يحدث في تونس: هدى بوشهدة سخّرت حياتها للعناية بالقطط والكلاب السّائبة! (صور)

تنهمك هدى بوشهدة (43 عاما) في إعداد وتقديم الطعام لقطط وكلاب تعتني بها، في منزلها على تخوم مدينة الحمامات السياحية شرقي تونس.

عشرات القطط والكلاب تلتف حولها في انتظار نصيبها من معكرونة بسمك السردين، فيما تنادي هدى عليها بأسمائها، مثل القط “سلطان” والكلب “كاتوشا”، فتلبي الحيوانات نداء مربيتها.

بدايات القصة
houda bouchahda 12
تحدثت هدى عن بدايات قصتها مع إنقاذ وتربية القطط والكلاب السائبة في الشوارع بالقول: “أنا منحدرة من مدينة حمام الأنف (الضاحية الجنوبية لتونس العاصمة)، وهذا الغرام (مع القطط والكلاب) لم يكن مبرمجا!”
وأوضحت للأناضول: “كنت أعمل بأحد مصانع الخياطة في المدينة، ثم غادرته ليكون لي دكان عطور قرب منزلنا، استأجرته من امرأة تركت لي قطا، ومع الأيام جاءت قطط أخرى كنت أعطيها الطعام أمام متجري”.
وتابعت: “في مرة من المرات خطر لي أن أطبخ لها معكرونة بالسردين، فازداد عدد القطط عندي، وبدأت أبحث لها عن أشخاص يرغبون في تبني القطط، وكنت لمدة سنة أنزل أسبوعيا إلى مدينة سوسة، نحو 120 كيلومترا من العاصمة، لأسلم القطط لطالبيها”.
وبينما تعلّقت بها إحدى القطط، أضافت هدى أنّ “القصّة بدأت حوالي سنة 2013، وتستمر إلى اليوم، وعندما انتقلت إلى هذا البيت في سبتمبر الماضي، كان معي 400 قط و22 كلبا”.

أزمات أسرية ومالية

وتابعت: “لكن أمر مؤلم حدث لي”. كما أردفت هدى: “أهلي لم يتقبلوا ذلك، وكنت قد خسرت رأسمالي بفعل المصاريف التي كنت أسددها للأطباء البيطريين لرعاية وعلاج الحيوانات، ولم تعد لدي إمكانية تسديد مستحقات المزودين (بالعطور للدكان) ولا ثمن استئجار الدكان الذي طالب صاحبه باسترجاعه، لوجود القطط فيه، فطلبت مهلة لمغادرته”.
وأضافت: “حملت نحو 40 قطا لمنزلنا. كنا عائلة كبيرة في المنزل بمنطقة حمام الأنف، وهنا حدثت المشاكل. أمي وأخوالي لم يقبلوا وجود القطط بالمنزل”.

البحث عن ملجأ

وأوضحت: “عندما خرجت من منزلنا لم أحمل أي شيء، ولم يكن لدي حتى سرير أنام عليه”، هكذا سردت هدى معاناتها في البحث عن ملجأ لها ولقططها.
وأضافت: “كان أحد المنازل التي سكنتها آيلا للسقوط، مما جعل مياه الأمطار تتسرب من السطح، وتبللني خلال النوم”.
وحتى وسط أزماتها لم تتوقف عن استقبال مزيد من القطط والكلاب، إذ قالت: “بعد أقل من شهر من مغادرة منزلنا، أصبح لدي 125 قطا و35 كلبا أتت بها صديقات لي”.
وواصلت: “أمام ضغوط الواقع الجديد وصعوبات الحياة، أُصبت بانهيار عصبي، وكانت تنتابني موجات بكاء، فأنا ابتعدت عن منزلنا، وهو أمر ليس من عاداتنا، وأمي غضبت وقاطعتني، ووجدت نفسي وحيدة مع عدد كبير من الحيوانات وأوساخ كثيرة، وأصدقائي تخلوا عني، ولم يساعدوني في الاعتناء بالحيوانات”.

تكاليف وتبرعات
houda bouchahda 13
وتؤكد هدى صعوبة مهمتها مع القطط والكلاب: “أنا لا أعمل، وليس لي موارد مالية. فقط أخدم الحيوانات”.

وتابعت: “عندي دبلوم في حرفة الخياطة، ومستواي التعليمي ضعيف فقط سنة سادسة ابتدائي، كما لي حرفة إعداد سلال العرائس، وهي حرفة تتطلب رأس مال ليس متوفرا لدي”.
ومن التقاليد المتوارثة في تونس، أنه قبل أيام من حلول الزفاف، يُحضر العريس “قفة” (سلة) عروسه، وتحتوي هدايا من العطور وأدوات الزينة والفواكه وغيرها، وتختلف المحتويات جزئيا بين عروس الشمال التونسي وعروس الجنوب.
ولمواجهة قلة الموارد والكلفة المرتفعة لتربية أعداد كبيرة من القطط والكلاب، قالت هدى: “لجأت إلى وسائل التواصل الاجتماعي لأحدث متابعيَّ عن احتياجاتي”.
وأضافت: “هنا أناس طيبون وأهل خير. أناس الخير يقدمون الدعم، وهذا المنزل وكل تكاليفه من ثمن الإيجار والماء والكهرباء وأكل ودواء الحيوانات هي من فضل التونسيين، وهناك كثير من التونسيين يساعدون”.
وأردفت: “وقد ساعدتني صانعة المحتوى على الإنستغرام شهرزاد (تونسية) بجمع تبرعات لفائدة هذا العمل، وهناك تونسيون من داخل البلاد وخارجها دفعوا، وبفضلهم أنا هنا في الحمامات في مكان لائق بتربية قططي”.
وبخصوص نوع المساعدات، أوضحت هدى: “هناك من يشتري لي الأكل، وهناك من يرسل أموالا. وأغلب الأحيان أداوي بنفسي حيواناتي، ولكن عندما تستدعي الحالة عملية جراحية ألجأ إلى الأطباء”.

جمعية للرعاية

وبشأن ما إذا كان يمكنها إنقاذ مئات آلاف الحيوانات، قالت هدى: “عملي هو قطرة في بحر. سيأتي وقت يزداد فيه عدد الكلاب والقطط، وليس حلا قتل الكلاب والقطط مثلما تفعل سلطات البلدية… الحل في التعقيم”.

وعبّرت عن رغبتها في تأسيس جمعية بهدف “رعاية القطط والكلاب ” في ظروف أفضل… وقالت: “سأواصل، ولكن أريد أن أصل إلى بر الأمان وتأسيس جمعية قوية ترعى الحيوانات”.

وبالنسبة للدعم من جهات رسمية، قالت هدى: “لا أتلقى دعما من الدولة ولا من الجمعيات، سوى جمعية واحدة “سيف” (SAFE) أُنشئت حديثا لحماية الحيوانات الأليفة”.

المصدر: وكالة الأناضول

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى