رياضة

هل استفادت كرة القدم التّونسية من تعيين الحيمودي مشرفا عامّا على التحكيم؟

إثر انتخابه يوم السّبت 25 جانفي 2025، قرّر المكتب الجديد للجامعة التّونسية لكرة القدم برئاسة معز النّاصري خلال جلسته الأولى المنعقدة بعد أسبوع، يوم السبت 1 فيفري 2025، تعيين الحكم الجزائري السّابق جمال الحيمودي مشرفا عاما على قطاع التحكيم.

وأوكل المكتب الجامعي للحيمودي مهمة اقتراح الأعضاء المكونين للإدارة الوطنية للتحكيم وأعضاء اللجان الجهوية.

جدل

تعيين الحيمودي مشرفا عامّا على التّحكيم في تونس أثار آنذاك الكثير من الجدل، وكان محلّ انتقادات شديدة، لعدّة اعتبارات لا فائدة من العودة لذكرها. وقد كان الاعتقاد السّائد لدى نسبة هامّة من الجمهور الرياضي آنذاك أنّ الغاية من هذا التّعيين هو السّعي لتجاوز الإشكالات العديدة التي رافقت تعيينات وأداء الحكّام، واستعادة الثّقة في التّحكيم التّونسي الذي فقد الكثير من مصداقيته ومن إشعاعه في السّنوات الأخيرة، وأصبح يتسبّب في عديد المشاكل التي تلقي بظلالها على الأجواء داخل الملاعب، وحتّى خارجها، بسبب غياب النّزاهة وعدم التزام الحياد لدى العديد من الحكّام، واتّخاذهم لقرارات مؤثّرة على النّتائج، وارتكابهم لمظالم صارخة في حقّ بعض الأندية.

استفحال الأزمة

منذ تعيين الحكم الجزائري السّابق جمال الحيمودي مشرفا عاما على قطاع التحكيم، بدأت الأزمة تتفاقم، خاصّة إثر المواقف السّلبية للمشرفين على التّحكيم في تونس تجاه الحكّام الذين ارتكبوا أخطاء فادحة ومؤثّرة، ومظالم صارخة، وإعادة تعيينهم دون اتّخاذ أيّ إجراءات تأديبية في شأنهم، رغم احتجاجات الأندية ومطالبتها بمحاسبة الحكّام المذنبين.

ومن جولة لأخرى، تواصلت وتعدّدت المظالم التّحكيمية، والمشاكل النّاتجة عنها، دون حسيب أو رقيب.

لذلك، وبمرور الجولات، أصبحت أزمة التّحكيم في تونس تسير من سيّء إلى أسوأ…

وحتّى اللّجوء إلى تقنية الـVAR بداية من الجولة 21 من منافسات بطولة الرّابطة المحترفة الأولى يوم السّبت 22 فيفري الماضي لم يساعد على تجاوز المظالم والمهازل التّحكيمية، أو الحدّ منها، بل أنّ المظالم التّحكيمية أصبحت مفضوحة أكثر لدى الجماهير الرياضية المتابعة لنشاط كرة القدم التّونسية، وأصبح الشّعور السّائد لدى الرّأي العامّ الرياضي أنّ “حليمة بقيت وفيّة لعادتها القديمة”، بل أنّ العديد من الحكّام أصبحوا يصولون ويجولون أكثر من أيّ وقت مضى، دون أيّ رادع، أو حتّى لفت نظر، حتّى أصبح يخيّل للمتابعين لنشاط بطولة الرّابطة المحترفة الأولى، وحتّى الرّابطة المحترفة الثّانية، أنّ سلطة الحكّام أصبحت “فوق القانون”، وليس هناك من يتجرّأ حتّى على محاسبتهم.

إصرار على الخطأ

ما يلاحظ منذ تعيين جمال الحيمودي مشرفا عاما على قطاع التحكيم هو الإصرار على المواصلة في نفس الأخطاء، رغم الانتقادات والاحتجاجات التي رافقت أداء العديد من الحكّام.

وعلى سبيل الذّكر، ورغم الطّلبات الملحّة والمتكرّرة للأندية لتجنّب تعيين طواقم تحكيمية من رابطة تونس لإدارة مباريات تكون فيها فرق العاصمة طرفا، تمادى المسؤولون عن القطاع في القيام بمثل هذه التّعيينات، ولم يتّخذوا أيّ قرارات تجاه الحكّام الذين أظهروا انحيازا واضحا لبعض الأندية خلال إدارتهم للمباريات.

أجواء مشحونة

بسبب المظالم التّحكيمية، أصبحت المباريات تدور في أجواء مشحونة بالتّوتّر، سواء على أرضية الميدان، أو بالمدارج، وحتّى خارج أسوار الملاعب. وقد أصبح الشّعور السّائد لدى جلّ الأندية وجماهيرها أنّ التّحكيم في تونس يخدم المصالح الضّيّقة لعدد صغير ومحدود جدّا من الأندية على حساب المصلحة العليا للرياضة التّونسية وللوطن!

في الواقع، أصبحت أزمة التّحكيم في تونس تثير مخاوف جدّية اعتبارا لأنّها تزيد في تكريس الحساسيات بين الأندية وبين جماهير الأندية، وتساهم في انتشار الكراهية والبغضاء، وتغذية الجهويات والفتن – وهو ما يهدّد سلامة الأحبّاء، والمواطن التّونسي عموما، وبالتّالي السّلم الاجتماعي.

مخاوف

في الواقع، أصبحت أزمة التّحكيم في تونس تثير المخاوف في أوساط الرّأي العامّ، خاصّة مع اقتراب الموسم الكروي من نهايته، وإثر الأحداث التي رافقت المباريات التي دارت خلال الأسابيع الأخيرة، وآخرها الأحداث التي شهدها ملعب قابس يوم أمس الاثنين 5 ماي 2025 بمناسبة مباراة الجولة 23 من منافسات بطولة الرّابطة المحترفة الثّانية التي جمعت بين الملعب القابسي وضيفه المستقبل الرياضي بالقصرين، ضمن منافسات المجموعة الثّانية.

أيّ موقف للجامعة؟

رغم صمته الرّهيب تجاه المظالم التّحكيمية وتأثيرها على النّتائج النّهائية للمباريات، لا نعتقد أنّ المكتب الجامعي الحالي سعيد بهذا الوضع وبأداء جلّ الحكّام…

رغم الانتظارات والآمال التي كانت معلّقة على بعض المشرفين على قطاع التّحكيم لتجاوز الأزمة، أو الحدّ منها – وهو أضعف الإيمان – وجدت جامعة كرة القدم نفسها في مأزق لأنّ الحيمودي ومساعديه النّافذين لم يساعدوها على معالجة ملفّ التّحكيم، بل أنّ هذا الملفّ أصبح معقّدا أكثر وأزمة التّحكيم زادت استفحالا، بسبب الأداء الكارثي للعديد من الحكّام – الشّيء الذي زاد الطّين بلّة!

ما حصل للجامعة التّونسية لكرة القدم إثر الاستنجاد بالحيمودي ومن لفّ لفّه ينطبق عليه المثل التّونسي القائل “جاء يعينو على قبر بوه هربلو بالفاس”!

لاشكّ أنّ عملا كبيرا ينتظر رئيس الجامعة وأعضاده للسّعي لوقف هذا التيّار الذي لا يشرّف التّحكيم في بلادنا، ولا يخدم مصلحة كرة القدم التّونسية، ويهدّد حتّى استقرار البلاد!

محمّد كمّون

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى