صالون الصريح

نوفل سلامة يكتب: يوم قرّر هتلر تغيير وجه العالم …

slama
كتب: نوفل سلامة

أدولف هتلر (1889 / 1945) هو من بين الشخصيات التاريخية التي أثرت في تاريخ الإنسانية وأحد الذين غيروا وجه العالم وأحد السياسيين الذين تركوا بصمتهم في الفكر الإنساني والحربي يقول عنه دارسوه ومن كتبوا سيرته بأن لقب ” هتلر” يعني الشخص الذي يعيش في كوخ كما يطلق لقبه على الراعي وأما إسمه ‘أدولف’ يعني بالألمانية ‘الذئب النبيل’ …

طفولة عنيفة

هو ألماني من أصول نمساوية ينتمي إلى عائلة من الطبقة الوسطى عاش طفولة صعبة وتعيسة فوالده كان موظفا في الجمارك وكان عنيفا معه ومع والدته وقد أثر فيه تصرف والده وسلوكه مع أمه حيث تعرض بسبب ارتباطه بها إلى الكثير من الضرب العنيف والمعاملة السيئة.
التحق في شبابه بالجيش الألماني خلال الحرب العالمية الأولى وتسببت خسارة ألمانيا في الحرب أمام الحلفاء وما ترتب عنها من إبرام معاهدة فرساي التي عدها مهينة ومذلة للأمة الألمانية في دخوله في أزمة نفسية وحالة من الانعزال والإنطواء على النفس، وزاد من تدهور حالته النفسية فشله في الارتقاء في الجيش الألماني لكونه لا يملك المواصفات القيادية من وجهة نظر قادته وكونه لم يكن ألمانيا في الوقت الذي كان هتلر يعتقد في نفسه القدرة الفائقة على الدفاع على ألمانيا وأنه يمتلك من المؤهلات ما يسمح له بإنقاذها من الحرب…

نزعة قومية قوية

المناخ الذي عاش فيه هتلر هو مناخ القرن التاسع عشر الذي هيمنت فيه النزعة القومية والدعوة إلى العودة إلى الجذور والأصول والعودة الى الهويات الدينية والتقاليد والعادات الألمانية التي تلوثت بالغرباء والوافدين والعودة إلى التاريخ الألماني وإعلاء ‘العرق الآري’ الذي تراجع أمام الأعراق والأجناس الأخرى وخاصة أمام العرق السامي الذي كان يمثله وقتها اليهود الذين هيمنوا على المجتمعات، و امتلكوا كل شيء في أوروبا من اقتصاد وتجارة وأموال، هيمنوا على الحياة السياسية بدخولهم في الأحزاب السياسية والنقابات المهنية وأثروا في الحكم ووجهوا الثقافة والفكر وكانوا وراء تأسيس الكثير من الجمعيات والأحزاب.

قناعات هتلر

حصلت القناعة لدى هتلر خلال السنوات التي تلت الحرب بأن مشاكل أوروبا كلها كان وراءها اليهود وأن سبب هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى يتحمل المسؤولية فيها بنسبة كبيرة اليهود الذين خذلوا الجيش الألماني ولم يسندوه، وكان يعتقد بأن اليهود هم أعداء للجيش الآري وحمّلهم مسؤولية الأزمة التي حدثت في النمسا لقد ترسخت لديه قناعة بضرورة إبادة اليهود من ألمانيا وأوروبا كلها وترسخت لديه هذه القناعة، وأصبحت تامة الرسوخ في ذهنه بالرغم من عدم استقراره على الطريقة التي سيتمكن من خلالها تنفيذ هذه القناعة ولا كيف يطرد اليهود من ألمانيا ويخلص أوروبا منهم.

رؤية واضحة

بعد وصوله إلى الحكم كانت الرؤية قد اتضحت أمام هتلر وكان مشروع أوروبا قوية من غير اليهود قد تبلور في ذهنه والأدوات لتنفيذ ذلك أصبح يمتلكها كان يحلم بتغيير العالم وإعادة بنائه وفق مشروع دمج الشعوب التي تتكلم الألمانية في كيان واحد والدفاع عن القومية الألمانية وتخليص العالم من الشيوعية واليهود وإنهاء فترة الكساد الاقتصادي الذي عرفها العالم و إنهاء العمل بمعاهدة فرساي المذلة للأمة الألمانية و التي كانت وراء تقسيم ألمانيا وضياع أهدافها التوسعية وما نتج عن ذلك من ظهور المشاكل الاقتصادية وخاصة تحويل ألمانيا إلى ما يشبه المستعمرة للبريطانيين والفرنسيين وحلفاؤهم.

مشروع ‘إنقاذ العالم’

كان يعتقد أن اليهود شعب قد أضر بالعالم وأوروبا وألمانيا وأنهم يمتلكون القدرة على التأثير في كل شيء وأنهم يملكون الأحزاب والمنظمات وأن الكثير من اليهود يقودون الأحزاب الشيوعية وأنهم وراء الكثير من الأفكار التي تبنتها الأحزاب السياسية وخاصة الأحزاب الاشتراكية لذلك كان من ضمن أهداف هتلر في مشروعه إنقاذ العالم وتغييره محاربة هذه الأحزاب التي سيطر عليها اليهود بالفكر والقيادة.
يذهب دارسو سيرة هتلر أن كرهه لليهود ومعاداته للسامية كان في البداية تحت تأثير أفكار المصلح الديني مارتن لوثر الذي أعد دراسة عنوانها ” اليهود وأكاذيبهم ” ثم تحوّل هذا الموقف من الرفض الديني والتحيز الإيماني لديانة ألمانيا التاريخية كونها مسيحية ليصبح موقفا عنصريا وموقفا من اليهود كعرق وجنس يراه خطرا على الجنس والعرق الآري وتطور هذا الموقف ليصبح عداء أيديولوجيا تجاه اليهود وكل من ارتبط بهم وهذا ما يبرر اقحامه في هذا الموقف الاشتراكية البلشفية التي تزعمها العديد من القادة اليهود واعتبارها صورة من صور الحركات اليهودية وبذلك حصل قرار خطير عند هتلر وهو دمج معاداته للسامية بمعاداته للماركسية.
ما أردنا قوله من خلال تعرضنا لجانب من مشروع هتلر في معاداته لليهود وفكرته تغيير العالم وإعادة بنائه من دون اليهود الذين انتشروا في كل أوروبا وملكوا المنظمات والأحزاب وهيمنوا على الفكر والمعرفة وتوفر لديهم المال والسطوة الاقتصادية أننا بقدر ما نرفض نهجه الدموي وطريقته العنصرية التي تقوم على إبادة الشعب اليهودي وتطهير العالم منهم وما حصل لهم من محرقة وإبادة جماعية على أيدي النازية فإننا نعتقد أن موقفه من خطرهم كان في محله وخوفه من تأثيرهم كان محقا فيه وها أننا نرى ونشاهد كيف استطاعوا أن يملكوا العالم ويهيمنوا على كل شيء فيه وسيطروا على كل الهياكل والمنظمات العالمية ومراكز القرار في شتى المجالات من مالية وإعلامية واقتصادية وعلمية وفكرية وحتى رياضية وتقريبا لا يوجد مجال من المجالات الحيوية إلا وتجد فيه تأثير لليهود…

هيمنة يهودية

حتى بات اليوم من الواضح أننا نعيش زمن الهيمنة اليهودية وزمن الحضارة اليهودية وزمن كل شيء إلا وفيه مسحة يهودية وها أننا نشاهد كيف أن كل أوروبا والكثير من الدول غير الأوروبية في خدمة هذا الكيان الصغير و منخرطة في مشروعه الاستعماري الاستيطاني وتغض الطرف عن كل جرائمه بحق الفلسطينيين من قتل للمدنيين وتدمير للمباني وتشريد للسكان وقتل وابادة جماعية وتهجير اعترفت بها محكمة العدل الدولية وأنكرها من يقف وراءهم ويسندهم ويدافع عن اسرائيل…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى