صالون الصريح

نوفل سلامة يكتب: لأول مرة حديث رسمي ومن أعلى سلطة في البلاد عن خطر الانخراط في المحافل الماسونية

slama
كتب: نوفل سلامة

في كلمته التي توجه بها إلى الشعب التونسي يوم 25 جويلية 2024 لتهنئته بالذكرى 67 لعيد الجمهورية تحدث رئيس الجمهورية قيس سعيد عن الوضع العام بالبلاد والصعوبات التي تعترض الدولة واعترضته في طريق الإصلاح ومقاومة الفساد…

المسار الذي بدأ فيه منذ حدث 25 جويلية 2021 وخاصة ما نشهده من رفض الإدارة التونسية للإصلاح ورغبة جهات نافذة إفشال هذا المسار والعودة به إلى الزمن الذي كانت فيه متحكمة وتقود البلاد وتسيّرها من وراء ستار، وهي بذلك تمثل الحكومة الحقيقية وإن كانت حكومة في الظل.

تفكيك المنظومة القديمة

وفي سياق الحديث عن مخططات التآمر على مصالح الدولة ومحاربة منظومة الفساد النافذة والمتحالفة مع قوى في الخارج تعمل على دوام مصالحها من وراء مواصلة هذه الجهات السيطرة والتحكم.. وفي سياق حديثه عن المعركة التي يخوضها وهي معركة صعبة لتفكيك المنظومة القديمة والشبكات التي انتظمت داخل مؤسسات وإدارات الدولة…
وهي اليوم تقف وراء تعطيل السير العادي والطبيعي لدواليب الدولة واتعبت المواطن وعسّرت عليه حياته ومعيشته مثل تكرار انقطاعات الماء والأعطال المتكررة في الكهرباء التي تستهدف مناطق دون أخرى، وتركز على جهات بعينها وهو عمل مقصود وممنهج زد على ذلك التعطيل الممنهج للمشاريع والبطء الكبير في إنجازها رغم أن أموالها مرصودة…

إكراهات السلطة

في هذا السياق من الوقوف على صعوبات الحكم وإكراهات السلطة وما يلاقيه النظام الحالي من صعوبات ومشاكل في عملية الإصلاح ومحاربة الفساد المتغلغل و المستشري في كل مكان، يأتي حديث الرئيس قيس سعيد عن خطر الارتماء في أحضان الحركة الصهيونية وتصريحه لأول مرة عن انخراط بعض التونسيين في جمعيات ونواد هي امتداد للحركة الماسونية العالمية وانضمامهم إلى المحافل الماسونية المتواجدة في كل بقاع العالم لخدمة المشروع الصهيوني حيث قال بناء على معلومات توفرت لديه ” أنه بالإضافة إلى الخيانات المتكررة هناك اليوم – وأعي ما أقول – من ارتمى في أحضان الصهيونية وانخرط في المحافل الماسونية التي تنشط في تونس وكل ذلك يجعلنا نجدد تأكيدنا على الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة’…

خيانات ومؤامرات

هذا التصريح من أعلى سلطة في البلاد على وجود ارتباطات لبعض الأفراد بالمحافل الماسونية وانخراط البعض في نواد لها شبهة انتماء إلى الحركة الماسونية العالمية التي تعمل في خدمة الصهيونية، واستراتيجيات الهيمنة على الشعوب في عملية توظيف أصبحت اليوم مكشوفة لخدمة مصالح الكيان…
هو حديث لافت لكونه يُقال لأول مرة ويصدر من أعلى سلطة في البلاد وهو لافت لأنه جاء في سياق الحديث عن الخيانات التي تتعرض لها البلاد والتآمر عليها وفي سياق توظيف وتحريك هذه الجهات الخارجية المتآمرة والمترابطة لأذرعها في الداخل من جمعيات مجتمع مدني موالية لها ومن نوادي وهيئات لها ارتباطات بالحركة الماسونية ونواديها المنتشرة في كل بلدان العالم.

أهمية هذا الحديث عن نوادي الماسونية في تونس في الإقرار والاعتراف الرسمي بأن هناك نواد وجمعيات في بلادنا تابعة للمحافل الماسونية وهي تنشط ضمن أهدافها واستراتيجياتها وهو حديث يحسم الجدل حول حقيقة هذه النوادي في بلادنا .. وأهميته تأتي في سياق الحديث عن كشف وتفكيك الكثير من الجمعيات التي تصرح في العلن والظاهر أن أهدافها خيرية وأنها تأسست لتقديم المساعدات للمواطن التونسي في مجال الصحة والتعليم والحياة اليومية وهي في الحقيقة امتداد للخارج وتعمل لصالح جهات ومنظمات عالمية تعمل لصالح الكيان والحركة الصهيونية العالمية…

أهمية هذا الحديث من رئيس الجمهورية عن نواد موجودة في تونس لها علاقة بالماسونية في التنبيه إلى ضرورة الوعي بخطورة الانتماء والانخراط في هذه النوادي المعروفة والتي نستغنى عن ذكر إسمها ويكفي نقرة على محرك غوغل وكتابة نوادي الماسونية في تونس وإجراء بحث حولها حتى تتعرّف على أسمائها ومقراتها ومن يديرها ومتى تأسست والبلد التي تتبعه ونشاطها وكيف تعمل وتمويلها وعلاقتها بالحركة الماسونية ..

والتنبيه إلى أن هذه النوادي تستقطب الكثير من النخبة المتعلمة والمثقفة التونسية وتجلب إليها الكثير من الكفاءات في مجال الطب وسلك التعليم وحتى من الموظفين. وقد اطلعت مؤخرا على حفل تنصيب رئيسة جديدة خلفا للرئيس المتخلي لأحد هذه النوادي التي تحدث عنها رئيس الجمهورية انتظم بأحد النزل وعاينت من خلال الصور الحضور الذي كان من علياء القوم ومن الطبقة المترفة في البلاد وضم الكثير من النخبة المتعلمة والتي تحتل مراكز في الدولة والقطاع الخاص…
فهذه النوادي تجلب لها وتستقطب وتستهوي فئة الأطباء بتفرعاتها وفئة الأساتذة الجامعيين وحتى الناشطين في المجتمع المدني والسياسي والكثير من الموظفين الساميين في القطاعين العام والخاص، بما يعني أن هذه النوادي لا تقبل في صفوفها إلا خيرة أبناء الشعب مركزا علميا وماليا ومهنيا…
أما عن البرنامج الذي تُعلن عنه فهو في العمل الخيري الإنساني يصل إلى حد تقديم الإعانات المدرسية للعائلات الفقيرة وتقديم الإعانات من المواد الغذائية في بعض المواسم والاعياد وإصلاح وبناء المنشآت التربوية وتزويد بعض المناطق بالماء الصالح للشراب والربط بالتيار الكهربائي وتقديم المساعدات الطبية للفئات الفقيرة و المعوزة من إجراء عمليات جراحية وتقديم الأدوية اللازمة خاصة لأصحاب الأمراض المزمنة..وغير ذلك من أعمال الخير وهي كلها في الظاهر أفعال لا اعتراض عليها بل هي في نظرها تصب فيما تقدمه من عضد للدولة التونسية ومساعدتها في الجانب الاجتماعي.

فضاءات للاستقطاب

هذا هو الوجه الظاهر لهذه النوادي وهذه اليافطة التي تسوّق لها في العالم العربي والإسلامي وشعوبه وهذا هو الخطاب الذي تدخل به إلى مجالنا ومحيطنا، ورغم ما يؤكد عليه إتباع هذه النوادي من كونهم لا يتدخلون في السياسة ولا يشاركون في الشأن العام، وأنه ليست لهم أغراض سياسية وأنها فضاء تعارف وتلاقي خبرات ومجال لتبادل الكفاءات والمصالح المالية والعلمية والاقتصادية وإنشاء المشاريع المشتركة إلا أن أهدافها الخفية وغير المعلن عنها هي فضاءات للاستقطاب وجلب أفضل ما لدينا من فئات متعلمة ومثقفة واستجلاب أغلب الطاقات والخبرات الطبية والعلمية والمهنية وجعلها تنخرط سواء علمت أم لم تعلم في المشروع الصهيوني وترويض هذه النخب المحلية وجعلها مطبعة وقابلة بفكرة التعايش مع اليهود الصهاينة وغير معترضة على ما يحدث في العالم و تحييدها عن مشاكل الوطن العربي والإسلامي…

اختراق خطير

وهذا الترويض والتوظيف الخفي هو حالة من حالات الاختراق الخطير الذي يشهده الجسم الوطني المحلي وحالة من حالات الحياد السلبي الذي عليه الكثير من النخب العربية ومنها جزء من النخبة التونسية يدخل في إطار تعويد الشعب التونسي على القبول بالوافد من دون السؤال عن أصوله وجذوره وأهدافه ويدخل ضمن استراتيجية صناعة القوى الناعمة التي يؤثرون بها على الشعوب ويحكمون بها العالم.
في نقاش جمعني منذ أيام مع أحد الأصدقاء الذين انتموا في فترة ما إلى إحدى هذه النوادي في بلادنا والتي حسب ما ذكر لي قامت بالكثير من الأعمال لفائدة الشعب وخاصة في المجال التربوي سألته: إذا كنت مؤمنا بالعمل الخيري ولك إرادة ورغبة في العمل التطوعي وتقديم العون لأبناء شعبك فلماذا لا تنشط في إطار جمعية تونسية محلية لحما ودما…وهذا يُبعدك عن الشبهات التي تلاحق هذه النوادي؟
فرد عليّ صديقي بأن هذه النوادي رغم كل ما يقال عنها فهي فضاء يوفر التعارف والتلاقي ويجمع خيرة ما في هذه البلاد من أطباء ومهندسين وأساتذة جامعيين وإطارات دولة وموظفين ساميين والكثير من الطبقة الإعلامية والمثقفين والمتعلمين وهذا في حد ذاته مكسب للبلاد؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى