صالون الصريح

نوفل سلامة يكتب: كادوريم في الرئاسية…تعبير عن شخصية تونسية ضائعة وتائهة!

كتب: نوفل سلامة

جاء سبر الآراء الأخير الذي أجرته مؤسسة ‘سيغما كونساي’ خلال شهر جانفي 2023 ونشر خلال شهر فيفري الجاري لمعرفة نوايا تصويت التونسيين لو وقعت انتخابات رئاسية حاليا كعادتها حبلى بالانفعالات المتضاربة بين مؤيد ورافض لنتائجها وملقية بظلالها على نقد كبير…

هذا النقد الكبير وُجه لمن كان وراءها في علاقة بنوعية العينة المختارة و بالأسئلة الموجهة التي تضع المستجوب أمام قائمة حصرية من الاختيارات التي لا يمكن الخروج عنها وعليه ترتيبها ترتيبا تفاضليا مما يفقد العملية عنصر حرية الاختيار لو كان السؤال عاما من قبيل من ترشح للرئاسة لو تجرى انتخابات مقبلة بدل فرض قائمة إسمية ويطلب ترتيبها…

نتائج غريبة؟

ولكن لو تركنا جانبا المؤاخذات التي عادة ما توجه إلى منهجية العمل التي تتبعها مثل هذه المؤسسة لسبر الآراء وتوقفنا قليلا عند بعض نتائج سبر الآراء الأخير التي أحدثت بعض الضجيج الإعلامي وأثارت نقاشا في صفوف المتتبعين للشأن السياسي فإننا نقف على معطى مهم يخص دخول مغني الراب كادوريم سباق الرئاسية وحصوله على المرتبة الثالثة بـ5.9 بالمائة بعد المفكر الصافي سعيد الذي جاء في المرتبة الثانية وتحصل على نسبة تصويت بـ 10.3 بالمائة، متقدما على الكثير من السياسيين على غرار عبير موسي والرئيس الأسبق محمد منصف المرزوقي وعبد اللطيف المكي وفاضل عبد الكافي وغيرهم…

سؤال كبير

وقد طرح حصول كادوريم على مرتبة متقدمة ومفاجئة في نوايا التصويت في الرئاسية سؤالا كبيرا لمعرفة الأسباب التي جعلت العينة المستجوبة والتي تمثل جزءا من الشعب تنتخب هذه الشخصية النكرة في عالم السياسة لو حصلت انتخابات رئاسية في قادم الأيام؟
وكيف نفهم هذه المرتبة التي تحصل عليها شخص ليس له علاقة بعالم السياسة في علاقة بطبيعة الشخصية التونسية التي أفرزت هذه النتيجة؟
يمكن تفسير ما حصل في سبر الآراء الأخير الذي مكن مغني الراب من مرتبة متقدمة في نوايا التصويت بحالة التيه والضياع التي تعرفها الشخصية التونسية في هذه المرحلة من التاريخ، فحينما يعرف الشعب حالة من فقدان نماذج إرشاده التي تؤهله لحسن التصرف والاختيار وحينما يستنفذ الشعب كل الثقة في القائمين على الحكم والممارسين للسياسة و تحصل له حالة من الانفلات ويصبح لأفراده شخصية توصف بالتائهة أو الشاردة، حينها يُنتظر منهم كل شيء ويتوقع منهم أن يفعلوا أي شيء وبناء على ذلك فإن توجيه نوايا التصويت نحو شخصية مغني الراب هو نوع من التيه والضياع في الشخصية التونسية في راهنيتها…

حالة التيه التونسية

وتأسيسا على ذلك فإن حالة التيه في الشخصية التونسية تفسر بعملية التدمير التي حصلت لها منذ سنوات تعود إلى ما قبل الثورة وتواصلت بعدها من أبرز ملامحها أنها أصبحت شخصية مادية بامتياز ومولية للمصالح الفردية قبل كل شيء ومعلية للفردانية، وتحولت إلى شخصية مصلحية ومسايرة للمنفعة المادية وقابلة بكل شيء في سبيل تحقيق مصالحها المادية ولديها القابلية للتنازل مقابل حصولها على المال…
وبهذا نفسر ونفهم كيف أن التونسي اليوم يرشح كادوريم ليكون رئيسا لو حصلت انتخابات بعد ما روجوا عنه أنه غنيّ ويملك أموالا طائلة وقام بتقديم عديد الخدمات الاجتماعية لفائدة بعض الفئات الضعيفة!
ما أردنا قوله هو أن إفصاح جانب من الشعب عن نوايا تصويتهم في الرئاسية المقبلة لفائدة مغني الراب وحصول هذا الأخير على مرتبة متقدمة يمكن تفسيره بطبيعة الشخصية التونسية التي تعرف حالة من التيه والضياع بعد أن تعرضت إلى تدمير كبير في نماذج إرشادها تواصل لعقود وزادتها الثورة تدميرا آخر جعل منها شخصية قابلة لفعل اللا معقول ..    

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى