فنون

مهرجان ليالي المدينة ببنزرت: مجموعة ‘أجراس’ موسيقى راقية تلهم الروح والإحساس

مواكبة: الأمين الشابي

حوالي 20 عنصرا لمجموعة ‘أجراس’ نزلوا ضيوفا على جمهور بنزرت لتأثيث العرض الثاني لمهرجان ليالي المدينة ببنزرت وذلك ليلة أمس الأحد 16 مارس 2025 بقاعة الماجستيك.

هذا العرض الجميل، بجمال مستوى عناصره وثراء وعمق كلمات أغانيه، والزي الأسود الموحد الذي جمع بين أفراده، ورقي موسيقاه، حضرت معه الكلمة الملتزمة والثاقبة بل والجريئة لنحت أفق أرحب وأنقى في مجال الموسيقى وذلك في رحاب وطننا الكبير حتّى يطيب فيه العيش بعيدا عن الظلم والقهر والعبودية والنرجسية والجريمة السياسية والسطو على إنسانية الإنسان، وأيضا بعيدا عن الموسيقى التجارية الهابطة.

وهنا ذكر بوعلاق بأنّ أهمية مشروعنا يتمثل في احتوائه لوحدتين، الأولى وحدة للتفكير في البيداغوجيا المبدعة للأطفال، ووحدة الإنشائية والجماليات. هذا المشروع الثقافي صحيح أنه ثقيل ولكن وزارة الثقافة تنظر إلى بطاقات الاحتراف الفردية لا تكترث إلى المشاريع الثقافية القادرة على استقطاب الشباب في إطار مشاريع تجمع بين المعرفة والفعل الثقافي الفني، غير ذلك نبقى ندور في حلقة مفرغ.

1

عادل بوعلاق وتقديم عام

انطلاق العرض الموسيقى لمجموعة “أجراس” كان في حدود العاشرة ليلا ليتواصل ودون انقطاع إلى حدود منتصف الليل. والانطلاق كان بكلمة تمهيدية لـ عادل بوعلاق جاء فيها بالخصوص” 25 سنة من العمل في الحقل الموسيقي والإبداع ونحن لا نحظى بعدم دعم وزارة الثقافة. ونحن نحضر الليلة بكامل عناصرنا، تقديرا لجهة بنزرت. ونحن مجموعة بحث وتجارب في الحقل الموسيقي ونحظى أيضا باعتراف دولي من قبل 5 دول. والعناصر المكونة لمجموعة “أجراس” بينها الطبيب والأستاذ الجامعي والمهندس المعماري والمختصين في عدّة مجالات أخرى” على غرار الإعلامية والتصرف والسينما والتعليم الجامعي.

أغاني السهرة الراقية

كلّ الأغاني التّي قدمتها المجموعة يتم التمهيد لها من قبل المبدع عادل بو علاق ( بتقديم مؤلفها و الظروف التي تمت فيها و الحادثة التي ترويها) و البداية كانت بكلمات ابنة بنزرت حفيظة قارة بيبان من روايتها “عراء” و “عراء” كان عنوان الأغنية الأولى التي تغنّت بها مجموعة “أجراس”.
ثمّ تأتي أغنية ” حيفا” وتليها أغنية “شتات” وهي التي تدعو كلماتها فقراء العالم إلى الاتحاد لأنّ مستقبل البشرية سيكون مظلما في ظل ليبرالية متوحشة تأكل لحم البشر من أجل تحقيق المكاسب.
ثمّ أغنية “كان حمزة” التي ألفها حمادي العجيمي عن الوضع في سوريا والذي غنّى له الفنان الزين الصافي أكثر من أغنية. ليقدم بعدها أغنية بعنوان “وجيعة” وهي مستمدة ممّا عانته نساء الكاف زمن ” الكوفيد” وهي تؤكد على أن المرأة تعيش الزمن الحقيقي، في حين أنّ الرجل يعيش أربعة أزمنة، وهي زمن الحانة وزمن المقهى وزمن المسجد وزمن “الأنترنات”. ولكن هذا الرجل فقد منها 3 أزمنة خلال معضلة ” كوفيد” فكان من نتائج ذلك أن تعرضت المرأة الكافية إلى كثير من التسلط من قبل الرجل فكانت ولادة “وجيعة” من رحم الواقع.
ليتم تقديم أغنية بعنوان ” جدارية محمود درويش ” التي يقول مطلعها ” سأسير يوما فكرة لا سيف يحملها” وغيرها من الأغاني. ليختتم بتعليق حول وزارة الثقافة بكونها من أخطر الوزارات وضرورة أن تؤسس لثقافة وطنية تساهم في بناء البلاد والرقي بتفكيره وذوقه.

2

عزفت على آلة “الساكسو” فأبدعت

هي قائدة “الأوركاسترا” لمجموعة ” أجراس ” والعازفة في آن واحد على آلة ” الساكسو”. صراحة لقد أضفت بعزفها المميز والمتميّز الكثير من الجمالية على كلّ العرض. حيث استحسنه كلّ الحضور وصفّق له كثيرا. بل كان العزف على هذه الآلة هو تقريبا الصوت السائد في كل الألحان التي تمّ تقديمها خلال هذه السهرة الراقية، كلمة ولحنا وأداء.

حظيت السهرة باستحسان الجميع

عموما حققت السهرة أهدافها لا من حيث قيمة الأغاني الهادفة التي تمّ تقديمها ولا من حيث أيضا انصهار الحضور في هذا الجوّ الراقي للألحان بل وأيضا على مستوى الرضاء التام للباث والمتلقي حيث كان التكامل والانصهار والاقتناع بما تمّ تقديمه من ألحان وأغاني. فكانت سهرة الإبداع والمؤانسة والرقي وسهرة المشاريع الثقافية التي تفيد وتبعث برسائل فضلا عن صقل الأذواق والرقي بها.

لقاء خاطف مع المبدع عادل بو علاق

بعد انتهاء العرض، كان لمندوب “الصريح أون لاين” لقاء مع المبدع عادل بو علاق حيث سأله ما مفاده، “من خلال حديثك فهمت و أن الغناء الملتزم محاصر على كل المستويات و لم يجد مكانه على الساحة الفنية؟
فكانت الإجابة كالآتي، ” ليس الغناء الملتزم فقط محاصرا بل كل نفس إبداعي هو محاصر.. وأرى أنه حان الأوان لتحقيق تونس المبدعة وليس تونس المستهلك ‘الغبي’ وفي كل المجالات، ولا استثني الفعل الثقافي من الفعل المعرفي والفعل العلمي.

على كل وزارة فك الارتباط مع هؤلاء “العرابنية »، وفي تونس لنا أكثر من 60 مهرجانا دوليا يتعاطى نفس البرنامج. مع وجود 4 متعهدي حفلات تستأثر بهذه المهرجانات… وإن كان بإمكان هذه الجهات أن تملأ هذه الفضاءات ولكن بدون هدر للمال العام ومع تمكينها بالفضاء الثقافي.
ولتغيير هذا النمط من التعاطي الثقافي أرى وأنّه آن الأوان للاهتمام بالمشاريع الثقافية وتحديد الأهداف التي نريد تحقيقها. هل نحن نريد تحقيق المشاريع الفنية ذات قيمة؟ وهل نريد شعبا واعيا أو شعبا جاهلا؟ فلابد من الارتقاء بهذا الشعب وثمن ما تلقاه بالجامعة. لأنه لا يتحقق تطور الشعوب إلاّ بتظافر جهود المعارف وتكاملها”.

شكرا لهيئة المهرجان

وخير ما نختم به هذه الورقة، هو الشد على أيادي هيئة المهرجان وفي مقدمتهم الدكتور عبد الرؤوف الساحلي، مدير مهرجان ليالي المدينة ببنزرت على رقي اختياراتهم لتأثيث أحد سهراته بمثل هذا العرض القيم والهام لمجموعة ” أجراس” ونتمنى أن يخطو مهرجان بنزرت الدولي على خطاه، في دورته القادمة، واختيار مثل هذه العروض الثقافية التي تضيف للمتلقي الشيء الكثير، بعيدا عن العروض التجارية البحتة؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى