صالون الصريح

مقامات رمضانية: فلسطين ضحية انقلاب القيّم والمفاهيم

chebbi
يكتبها: الأمين الشابي

جلس عم سعدون، كعادته، وهو يتأهب لتناول وجبة السحور، ومن عاداته أن يفعل ذلك وهو متسمّر أمام شاشة التلفزيون، يتابع أخبار العالم صورة وميكروفون…

وفجأة، ومع ساعات الفجر الأولى، أتت الصور والأخبار عن تتار العصر وهو يُمطر الفلسطينيين وهم نيام بآلاف الأطنان من الجحيم والنيران. وغارات تعبث بأجسادهم غدرا وترميهم بلهيب وكرات من نار. فقتلت العشرات وجرحت المئات…

والعم سعدون باهت في الغدر والظلم والبهتان ولم يفقه ما الذي يجري، وقد اتفقوا مع العدو على إيقاف النيران وتبادل الأسرى بآلاف الفلسطينيين الذين بسجون العدو قابعين.

بطولات وعنتريات

وهو في حيرة من أمره إذ دخل عليه بيته كبير المجرمين وشيخ الإرهابيين وذلك عبر شاشة التلفزيون، ليسوّق للعالم بطولاته وعنترياته ويعبّر عن نشوته بشرب المزيد من دماء المدنيين المسالمين الذين لا ذنب لهم سوى أنّهم من فلسطين.
فارتفعت حرارة عم سعدون المسكين، وأمام وقاحة هذا المجرم اللعين، تناول عم سعدون عصاه في الحين، ودون أن يشعر انهال على جهاز التلفزيون ضربا وهو يلعن السياسة والسياسيين والأنظمة العربية المتخاذلة لنصرة فلسطين والتّي لا تمتلك إلا النفاق والشجب والتنديد والارتماء في أحضان عدّوهم وكفى شرّ القتال بين المسلمين.

آه لو يعلنها العرب ولو بالكلام فقط، ستخرّ لهم الأعداء ساجدين. ويتّحدون جميعا تحت راية المقاومة من اليمن إلى فلسطين، ويعيدون المجد لتاريخهم، فهل سيفعلها العرب والمسلمون.

اتفاقيات ‘استسلام’

فجأة استيقظ عم سعدون من جرأة أفكاره وهو يقول، كيف يحدث ذلك وجل العرب مع العدو مطبعين وبينهم اتفاقيات سلام واستسلام وهم على حماية حدودهم غير قادرين.
تأوّه واستشاط غيظا عم سعدون، وهو يرى كلّ القيم انقلبت رأسا على عقب، وأصبح المقاوم من أجل الحرّية مجرما وإرهابي لعين.
والإرهابي الحقيقي، الذي يبث خبث أفكاره وعزاف سمومه سيّد العالم أجمعين.
ومن يركض للتطبيع والاستسلام يصبح سيّد الفاهمين والعارفين والمتبصرين. ومن يناشد الحرّية تأتيه عبر الطائرات الحربية أطنانا من النيران كهدية. والعربان، أسفا، صامتة وخاملة، كأنها تشاهد أفلام رعاة البقر وتوحش البشر وكأنّها بكل ذلك غير معنية. وكأنّ اياديه مكبّلة وقابلة بحياة الهوان والاستكانة فالمهم لديها الحفاظ على كرسي السلطة ولو عاش كل العرب في مهانة إلى يوم الدين.

قتلت العدو

هذا ما يعيش اليوم عالمنا، يقول عم سعدون، ويمنّي النفس بعالم أفضل يسوده العلم والأخلاق والإنسانية، لا العربدة فيه والبلطجة ولا قتل للإنسان. وهو كذلك في عالم أفكاره سرحان حتى تفطن بأنّه قد قتل المجرم الإرهابي بتحطيم شاشة التلفزيون. فقال فداء لك يا فلسطين ها قد قتلت العدو الأكبر ولو عبر تحطيم شاشة التلفزيون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى