مقامات رمضانية: عادت الحرارة لـ كمبيوتر مكتب البريد

يكتبها: الأمين الشابي
هو يوم جديد جعله الله مباركا سعيدا، وجعل أيامنا فرحا وعيدا يتلوه عيد، نهض العم سعدون باكرا وقصد مكتب البريد ليستلم مبلغا من المال أرسله له ابنه في شكل حوّالة بريد، وهو المقيم في بلد بعيد…
ما إن وصل لمكتب البريد حتى رأى ما لا يسر القلب في هذا اليوم المجيد. مكتب البريد يغص بالناس وكأن يوم القيامة حل به، وجوه مكفهرة و وعد و وعيد. الجو حار و عرق و ازدحام و شتم و وعيد…
الكل يتحدث و لا تفهم المقصود، و لا في كلام الناس شيء مفيد، والغريب في الأمر لا أحد من الحرفاء قضى شأنه والكل في الانتظار في صف مديد. سأل العم سعدون عن سبب تقاعس أعوان البريد. فقيل له أن أنظمة الحواسيب قد تعطلت من جديد.
وقد لاحظ بعينه الخصام والسباب والامتعاظ من توقف هذا العفريت الصنديد، ويقصد به نظام الكمبيوتر العنيد، فأراد عم سعدون مقابلة قابض البريد ليقترح عليه حلا لتدور العجلة من جديد…
فحين دخل على المدير وجده محاطا بأعوانه ينتظرون عودة الحرارة لحاسوبهم السعيد. فدخل عليهم عم سعدون ونصحهم بالعودة للعمل بالنظام اليدوي وفض مشاكل الحرفاء إلى أن ترجع حرارة هذا الكمبيوتر العنيد…
وبعدها يمكن تسوية الأوضاع بعد عودة الحرارة للكمبيوتر، وهذا ممكن وهو حل متاح يا اعوان البريد، فثارت أصواتهم عالية وتمرّدوا على المسؤول و امطروه كلاما و وعيدا.
بين رافض وغاضب وحانق مهددين بالانصراف حين يأتي الوقت المعهود، عندها غادر عم سعدون مكتب قابض البريد ونصح الحرفاء عدم مغادرة مكتب البريد حتى يتم قضاء مصالحهم ومنع المغادرة على أعوان البريد، وهذا ما تم الاتفاق عليه وأغلقت أبواب الحديد..
فانتشرت الحيرة بين أعوان البريد ولا أحد تمكن من الخروج عند انتهاء التوقيت، وفجأة صاح الأعوان ها قد عادت الحرارة للحواسيب من جديد. فانشرحت أسارير الحرفاء و لكن طلب منهم العودة من غد لقضاء مصالحهم.
فاغتاض الكل و احكموا غلق الأبواب إلى أن تم قضاء مصالحهم وبعدها غادر الجميع بما فيهم أعوان مكتب البريد…