صالون الصريح

مرتجى محجوب يكتب/ العنف المدرسي وسلطة المربي المعنوية

mortaja mahjoub
كتب: مرتجى محجوب

لازلت ليومنا هذا وقد شارفت على الخمسين من عمري، لا أجرؤ على إشعال سيجارة أمام معلمي أو أستاذي أصحاب الفضل على تكويني، تعليمي وتربيتي بالتوازي مع عائلتي البيولوجية..

في عصري، كانت للمربي والقيّم و المدير و المتفقد و جميع المتداخلين في العملية التربوية، سلطة معنوية تتجاوز أحيانا حدودا لـ تمثل حاجزا مرتفعا لا يجرؤ على محاولة تجاوزه أي تلميذ أو تلميذة مهما بلغ انحرافه أو مدى زيغه عن الطريق المستقيم..

ماذا يحدث؟

ما الذي يحدث اليوم حتى نسمع باعتداءات متكررة من طرف تلاميذ على أساتذتهم أو فيما بينهم؟ لماذا وصلنا لهاته الحالة وبدون مبالغة من العنف المادي و المعنوي صلب مؤسساتنا التربوية؟

ضرب هيبة المربي

بكل صراحة، عندما تضرب هيبة وسلطة المربي المعنوية لعدة أسباب وعلى رأسها مسألة الدروس الخصوصية غير القانونية، وعندما تُمنع وسائل الردع ـ المثيرة للجدل ـ بدعوى حرمة التلميذ الجسدية وما يمكن أن تسببه من مشاكل وعاهات نفسية حسب فلاسفة البيداغوجيا وعلم النفس لدى الأطفال، وعندما يستقيل الأولياء من أدوارهم التربوية و التوجيهية…
وعندما تبث في تلفزاتنا برامج تافهة و تحريضية ، وعندما يشجع البعض عربدة وتهور ما يسمى بـ ‘دخلة الباك سبور’ على سبيل المثال بدعوى تنفيس التلاميذ عن ضغوطهم النفسية، وعندما تنتشر شتى أنواع المخدرات في صفوف أطفال المدارس و المعاهد و الكليات، و عندما نضرب العمق واللب و تطغى القشور والماديات و يصبح مغني تافه أو لاعب كرة هما النموذج الذي يحتذى به!؟

انهيار القيّم والأخلاق

عندئذ، تنهار القيم والأخلاق وتسود الفوضى ونعيش ما لم نكن حتى نتصوره في البال من اعتداء تلميذ على أستاذه بواسطة سلاح أبيض وداخل قاعة الدرس!
أخيرا وليس آخرا ، يكفينا رجاءا من ترديد كلام من قبيل أن المعتدي هو أيضا ضحية و بالتالي البحث عن تبريرات وظروف تخفيف، وهو دأب بعض محللينا الجهابذة حتى لو تعلق الأمر بمسائل أخطر على العباد والبلاد…
ربما أكون متطرفا، لكني أعتقد أن الردع ضروري وأمر لا بد منه بالتوازي مع محاولات معالجة المسائل جذريا وفي العمق عبر المقاربات العلمية والنفسية والعائلية والتربوية والبيداغوجية والإعلامية والاجتماعية..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى