صالون الصريح

:محمد صالح مجيٌد يودع صديقه جميل الدخلاوي ‘جميل بما يكفي لتستقر في ‘دواخل الذاكرة

Mohamed Salah Mjaied
كتب: محمد صالح مجيٌد

كل الذين احببناهم ثمٌ غابوا عنا ..حملوا بعضا منٌا ورحلوا…صمتوا …وتركوا انين الحزن ينطق بآلامنا في صحراء الوداع المستحيل..كل الذين كانوا معنا علٌمونا،قبل إعلان الرحيل،دون أن نعلم …

وعندما سافروا بعيدا دون وداع يليق بالغياب، علٌمونا ما لم نعلم…كل الذين انطفأ نورهم فجأة في سراب الوقت وغثيان المشاغل، اشاعوا وحشة الغياب بدواخلنا وعطٌلوا حاسة النظر بلهفة إلى الدنيا بدونهم ..

كنتَ “جميلا” بما يكفي لتستقرٌ بدواخلنا وكنتَ الأجمل لتنفذ إلى شغاف قلوبنا…أضأتَ بصوتك العذب انوار القرى والمباني القديمة ومنحتَ رخام الأجداد من عرب وعجم، إكسير الحياة بنغمات صوتك فبعثته حيٌا من جديد كنتَ بينهم غريبا صيادَ الكلمات العذبة قنٌاصَ الجمل الموقٌعة وعازفَ المفردات الشجيٌة..لم تكن منهم وإن كنت معهم …كنتَ فنانَ العبارة ومطربَ الإشارة تستهويك الصورة فتصوغ لها اجود كلام الغزل..نعم كنتَ للغة عاشقا وبالعبارة متيٌما يخفق قلبك بحبٌها وتعلنه باعتداد الفنانين في شريط وثائقيٌ تتعانق فيه الصورة والكلمة على مراى ومسمع الناس…

كنتَ جميلا بما يكفي لتنسحب في صمت الأقوياء الذين يواجهون الصعاب فرادى بلا انين او شكوى يعلنون الانتصار البهيٌ وهم يلوٌحون بأيادي الوداع الأخير..

أجمل ما في رحيلك أيٌها الفتى أن آخر ما بيننا نكتة عن الموت…. فمرورك كان بسمة خفيفة …لكن ضحكة الأمس استحالت اليوم ندوبا في الذاكرة..كنتَ جميلا بما يكفي لترحل بعيدا عن الأدران…نعم.. جميل انتَ في نومتك الأخيرة فهل انت “جميل الخارج” من الدنيا حقٌا ام
“جميل الداخل” إلى عمق اعماق الذاكرة!؟؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى