محمد الحبيب السلامي يحب أن يفهم/ علم عاش في صفاقس ثم ودع: أمي شيحية وكرسيها

كتب: محمد الحبيب السلامي
أمي شيحية من عائلة (شيحة) الصفاقسية التي عُرفت وتوالدت في طريق العين بصفاقس، وامتهن رجالها وشبابها مهنا كثيرة في البناء، وعُرف من رجالها حُفّاظ وقرّاء منهم المؤدب العالم العارف بقواعد التجويد وحسن الصوت في الأداء والترتيل (قاسم شيحة)…
أمي شيحية القابلة
أمي شيحية هذه السيدة كانت اشتهرت في القرن العشرين بصفاقس وعرفت (أمي شيحية القابلة) والقابلة في الشرق تسمى (الداية)، أمي شيحية القابلة كانت تساعد المرأة عند المخاض على الولادة..
أمي شيحية كانت تدعى في الليل أو في النهار عند المغرب أو في منتصف الليل أو عند الفجر فتُلبي وتُرافق من ناداها، وهو يحمل كرسيها كرسي الولادة الكرسي من خشب به مسندان على الجانبين تضع عليهما النفساء يديها وفي الكرسي ثقب يشبه حدوة الحصان تجلس عليه النفساء وقد ثبت طبيا أن هذا الكرسي في شكله يساعد على خروج المولود…
القابلة أمي شيحية ومثيلاتها تجلس القرفصاء مقابلة النفساء مع ثني ركبتيها وتضع يديها على فخذي المرأة وتبعث في النفساء الشجاعة والصبر على آلام الوضع، فإذا أطل الجنين برأسه ساعدته على الخروج واستقبلته بالدعاء والبشارة والزغاريد، وقطعت سرّته وساعدت الولود على الراحة في فراشها، ومسحت المولود وألبسته قميصا خاصا ووضعته بجانب أمه ليرضع من ثدييها…
تعود في اليوم السابع
أمي شيحية ومثيلاتها تعود للمولود في يومه السابع وتغسله على أصوات الزغاريد، وتنظف السرة وجدة المولود توزع على أطفال الأسرة بيض الدجاج مزينا بألوان..
هذه أمي شيحية رحمها الله زارت برجنا للولادة عشرين مرة تستقبل فيها مواليد أمي وزوجة عمي لذلك عرفتها وذكرت بها مترّحما عليها…
هذه أمي شيحية كانت قابلة تستقبل الجنين ليعيش وهي تغسل المرأة عند موتها لتودع الدنيا طاهرة وفق قواعد غسل الميت في الإسلام..
ودعت الدنيا
عرفت في صغري أمي شيحية وعرفت مثلها تسمي (أمي ولهية) من عائلة ولها الصفاقسية وأعتقد أن مثيلاتها في صفاقس وفي تونس وغيرها كن كثيرات، ولكن لما ظهرت الطبيبة المختصة في التوليد اختارت النساء أن تكون الولادة في عيادة الطبيب والطبيبة لكن بقيت عبر التاريخ الاجتماعي (القابلة وكرسي القابلة تذكر) بحسن الذكر والرحمة فبماذا يذكرها الأصدقاء والصديقات اليوم لنزداد بها معرفة وفهما وأنا أحب أن أفهم؟